نشرة يوسف البريدية - العدد #3

22 يناير 2025 بواسطة يوسف #العدد 3 عرض في المتصفح
وكان بخطئِه غيرَ معذورٍ

قال الشافعي: ومَن تكلَّف ما جَهِل، وما لم تُثبِتْه معرفتُه، كانت موافقتُه للصواب - إن وافقه حيثُ لا يعرفه - غيرَ محمودةٍ، والله أعلم. وكان بخطئِه غيرَ معذورٍ إذا ما نطق فيما لا يُحيط علمُه بالفرق بين الخطأ والصواب فيه.من كتاب: عبقرية الشافعي || ص131

تسمعُ فلان فلان الطبيبَ يتحدثُ في الطبِّ، فيُعجبُك قولُه، وتجد له حلاوةً في نفسِك - إن هو أجادَ العبارةَ وأوضحَ المُبهَم - وهذا دليلٌ على فهمِك لما يقولُ، واقتناعِك اللاواعي بأنَّه يتكلَّمُ فيما يُحسن، فتُصغي له مريدًا الفَهم.

ثمَّ تسمعُ كلامَ خالتِك وخالتي وعَمِّك وعَمِّي من المتعالمين وأصحابِ المهن - مثلاً - وهم يتكلمون في الطبِّ أو التكنولوجيا الحديثةِ، فتصغي أيضًا كلَّ الإصغاء! وهذا أيضًا دليلٌ على فهمِك!!ولكنَّ فهمَك وتأكدَك من أنهم يتحدثونَ فيما لا يُحسنون، ولا يستطيعون حتى الإبانةَ والعبارةَ عنه، فتَعذُرُهم أو تُصحِّحُ لهم مفاهيمَهم إن كنتَ على علمٍ بما يتحدثون فيه، إن كنتَ تعلمُ أنهم سيتقبلون الكلامَ من "عَيْلٍ صغيرٍ قد عيالِهم" إلَّا من رحمَ الله.

تسمعُ الشيخَ الفقيهَ يتحدَّثُ في الطبِّ أو الهندسةِ، فتنكرُ عليه ذلك أيَّما إنكار، وتقول: "هيعملنا فيها دكتـــــــــــور بقى هو كمان؟"

لكن تمشي في الشارعِ، فتسمعُ واحدًا يقولُ لك: قال الله وقال الرسول، وأنا حاسسٌ أنَّ الموضوعَ دا حلال، وأنا حاسسٌ أنَّ الموضوعَ دا حرام، ويقول لك: دا في أكيد آراءٌ في الموضوع... إلخ.فلا تُنكرُ شيئًا، وربما تدخلُ في النقاشِ العقيمِ الذي لا نهايةَ له.

هل نَسيَ الناسُ كلمةَ: لا أعلم؟!!!أم يُعشِقُ الناسُ الجَدَلَ كعشقِهم أنفسَهم؟

ألهذا قال صلى الله عليه وسلم: "أنا زعيمٌ ببيتٍ في ربضِ الجنةِ لمن تركَ المراءَ ولو كان محقًّا"؟

هل الأمرُ صعبٌ لدرجة أن يكون جزاؤه أن تكون بجواره صلى الله عليه وسلم في بيتٍ في ربضِ الجنةِ إن تركتَ الجدلَ والمِراءَ؟

وهذا ليس كلامَ طالبِ علمٍ حتى، بل هو كلامُ شخصٍ لا يُحبُّ أن يرى مكانةَ العلماءِ ومكانةَ العلمِ - أيِّ علم - في تَدَنٍّ وانحطاطٍ إلى أن يتحدثَ فيه "كلُّ من هبَّ ودبَّ."

زفرةُ غيظٍ تنبعثُ من صدرٍ مكلوم، لعلَّ واحدًا، ولا أريدُ سوى واحدٍ فقط، أن يُعيدَ النظر.

والسلام.

Mohamed1 أعجبهم العدد
مشاركة
نشرة يوسف البريدية

نشرة يوسف البريدية

التعليقات

جارٍ جلب التعليقات ...

المزيد من نشرة يوسف البريدية