نشرة ثويني محمد آل عليوي البريدية - العدد #104 |
11 سبتمبر 2025 • بواسطة ثويني محمد آل عليوي • #العدد 104 • عرض في المتصفح |
لوحة مائلة
|
|
![]() Gertrude Abercrombie |
|
ثم سمع زوجته ترد من المطبخ: "لا، لا تدخلي غرفتي؛ أبوك نائم "وربما كان في ذلك الوقت في انتظار أن يسمع هذا الحوار، وهو ما لم يكن عليه انتظاره، ولكنه يتذكر بأنه يقول دائمًا: "غرفتنا". ظلّ يفكر في الكلمات "غرفة أمي" "غرفتي" "غرفتنا" |
_ حسنًا ما الذي سيحدث لو قلت غرفتي؟ |
لم يكن ينتظر إجابة من أحد، وكاد أن يصرف تفكيره عن هذه الكلمات، إلا أن ثمة شيئًا ما يدفعه إلى الحيرة، وهو نفس الشيء الذي قد يحير معظم الرجال، ألم يكن يفهم من العبارة الأولى أنها تنزع عنه وجوده، والثانية تنزعه من المشاركة، والثالثة يحاول بها أن يثبت أنه ما زال هنا، ولو بكلمة. |
يود أن يصدق حقًا أن ما يفكر فيه ليس سوى أمر عادي لا يستحق كل ذلك، ولكنه حينما نظر إلى الدولاب ذي الثمانية أبواب. وجد أن ما يخصه منها ثلاثة أبواب فقط، اثنان منها يفتحان على مكان واحد لتعليق الملابس الرسمية، وواحد لتصفيف الملابس الداخلية، ورفوف أخرى لبعض ما يحتاجه من عطور وكريمات وأدوات حلاقة، والمتبقي من الدولاب لها، لكنه لا يعترض. الكومدينة القريبة من مكان نومه تخصه. في درجها مشط قديم، وساعة لا تعمل، ومفتاح لا يعرف لأي باب، وعليها يضع هاتفه الخلوي ونظارته، تزاحمهما بعض من أغراض لها، مرة زجاجة عطرها، وأخرى علبة كريم، وأحيانًا علبة دواء أو مكمل غذائي. أحيانًا يجد نظارته في مكان آخر عندما يبحث عنها في الصباح. |
أصابته ضحكة مفاجئة، وهز رأسه وكأنه يتهكم مما تذكره، ففي أول ليلة دخلا فيها هذه الغرفة. كانت تقول له: "غرفتنا هذه ستكون جنتنا." لم يكن يضحك من عبارتها بل من كلمتها " غرفتنا" التي لاتقولها إلا في بعض المرات حين تكون معه، وفي مرات كثيرة تستخدم صيغة المفرد. نهض بتثاقل. فتح الدرج، وأخرج المفتاح. وضعه في راحة يده. قال لنفسه: "ربما هو مفتاح غرفتي، التي كانت غرفتنا، وصارت غرفتها… غرفة أمي كما يقول الأبناء." ثم ابتسم. ليس ابتسامة حزن، بل تلك التي تأتي حين يفهم المرء شيئًا متأخرًا، ويقرر ألا يعترض. |
التعليقات