نشرة توفيق النحلاوي البريدية - العدد آب 2025 - ثلاثة أسئلة تلتقط بها بياناتك اليومية: منهجية بسيطة لكل بزنس

في زمنٍ أصبح فيه “البيانات” هي الوقود الذي يقود قرارات الشركات الكبرى، يظن كثير من أصحاب الأعمال الصغيرة أن هذا العلم بعيد عنهم أو معقد. لكن الحقيقة أن أي نشاط تجاري – مقهى، متجر ألبسة، ورشة صيانة – يمكنه أن يبدأ من الغد في جمع بيانات مفيدة من خلال ثلاثة أسئلة بسيطة. هذه الأسئلة تجعل البيانات جزءًا من روتين العمل اليومي، دون الحاجة إلى أنظمة معقدة أو تكاليف عالية.

السؤال الأول: ما الذي يحدث الآن؟

(وصف الإجراء أو العملية)

الخطوة الأولى هي أن تحدد بوضوح ما الذي يجري أمامك يوميًا. وصف العملية لا يعني كتابة تقرير مطوّل، بل تسجيل الإجراء الأساسي.

🔹 مثال عملي – مقهى صغير:

• ما الذي يحدث الآن؟: “يتم تحضير 50 كوب قهوة خلال الفترة الصباحية بين 8-11 صباحًا.”

🔹 مثال عملي – ورشة تصليح سيارات:

• ما الذي يحدث الآن؟: “يتم استقبال 3 سيارات يوميًا للفحص الأولي.”

هذه الملاحظة البسيطة تمثل حجر الأساس لأي عملية جمع بيانات.

السؤال الثاني: ما الذي يمكن قياسه؟

(المؤشر أو البيانات القابلة للرصد)

بعد وصف الإجراء، اسأل نفسك: من هذه العملية، ما الذي أستطيع تحويله إلى رقم أو مؤشر؟

🔹 مثال عملي – متجر ألبسة:

• الإجراء: دخول الزبائن للمتجر.
• ما يمكن قياسه: عدد الزبائن يوميًا + عدد الذين يشترون فعلًا.

🔹 مثال عملي – مقهى:

• الإجراء: بيع أكواب القهوة.
• ما يمكن قياسه: عدد الأكواب المباعة، متوسط السعر، عدد مرات طلب نوع معيّن (إسبرسو/كابتشينو).

🔹 مثال عملي – ورشة الصيانة:

• الإجراء: إصلاح أعطال.
• ما يمكن قياسه: الوقت المستغرق للإصلاح، نسبة الأعطال الكهربائية مقابل الميكانيكية.

القياس يحوّل الحدث العادي إلى معلومة قابلة للتحليل لاحقًا.

السؤال الثالث: كيف ستستخدم هذه المعلومة لاحقًا؟

(الغاية من جمع البيانات)

البيانات بدون غاية تبقى أرقامًا صامتة. المهم أن تسأل: لماذا أجمع هذا الرقم؟ ماذا سيفيدني بعد أسبوع أو شهر؟

🔹 مثال عملي – مقهى:

• إذا وجدت أن معظم الطلبات بين 8 و9 صباحًا هي “قهوة سريعة”، يمكنك تخصيص موظف إضافي في هذا الوقت لتقليل الانتظار.

🔹 مثال عملي – متجر ألبسة:

• إذا لاحظت أن 70% من الزبائن يشترون عند وجود عرض تخفيض، فهذا مؤشر أن العروض الموسمية تؤثر مباشرة في المبيعات، وبالتالي يمكنك التخطيط لحملات ترويجية ذكية.

🔹 مثال عملي – ورشة صيانة:

• إذا سجلت أن معظم الأعطال خلال الصيف هي مرتبطة بالمكيفات، يمكنك تجهيز قطع الغيار مسبقًا لزيادة سرعة الخدمة وربحية الورشة.

الخلاصة

هذه المنهجية البسيطة (ما يحدث – ما يُقاس – كيف أستخدمه) تعني أن أي بزنس، مهما كان صغيرًا، يمكنه أن يبدأ طريقه نحو أن يصبح “قائمًا على البيانات”. لا تحتاج أن تكون خبيرًا إحصائيًا؛ فقط دوّن، قِس، واسأل: “ما الفائدة؟”.

ومع الوقت، ستكتشف أن هذه الأسئلة الثلاثة ليست مجرد روتين، بل هي مفتاح لاكتشاف أنماط الطلب، فهم الزبائن، وتحسين القرارات. وهكذا يصبح كل بزنس – مهما كان حجمه – لاعبًا في عالم “الثقافة القائمة على البيانات” التي وصفتها كتب الإدارة الحديثة.