نشرة عاطف أبوشعفه البريدية - العدد #11

26 مارس 2025 بواسطة عاطف أبوشعفه #العدد 11 عرض في المتصفح
التطبيق العملي

كثيرًا ما نواجه صعوبة في تطبيق ما نؤمن به من علم وسلوكيات عند التفاعل مع الآخرين. قد نضع لأنفسنا التزامات دينية أو علمية أو أخلاقية، لكن سرعان ما نتراجع عنها في حضور الآخرين، إما بسبب الخوف من النقد، أو التأثر بالمحيط، أو حتى نسيان قراراتنا وسط التفاعل الاجتماعي. وهذا الأمر لا يقتصر على جانب معين، بل يشمل مختلف مجالات الحياة؛ فقد نعلم أن الغيبة والنميمة محرّمتان، لكن عند الجلوس مع الأصدقاء نشارك فيها بلا وعي، أو نضع لأنفسنا التزامات علمية أو سلوكية ثم نتخلى عنها عند الاجتماع بالناس، أو نقرر جبر خواطر الآخرين ثم نجد أنفسنا نؤذيهم بالكلام دون إدراك.

يعود ذلك لعدة أسباب، منها الخوف من النقد أو الحكم، حيث قد نخشى أن يُصدر الآخرون أحكامًا علينا، فنميل إلى مجاراتهم بدلاً من الالتزام بمبادئنا، وكذلك التأثر بعادات المحيطين بنا، حيث نجد صعوبة في الالتزام بقراراتنا إذا كان من حولنا يتصرفون بطريقة مختلفة تمامًا. كما أن ضعف الثقة بالنفس يجعلنا نستسلم بسهولة لضغوط المجتمع، إضافة إلى نسيان القرار في لحظة التفاعل بسبب الانشغال بالحوار والتفاعل الاجتماعي، مما يجعلنا نتصرف بشكل تلقائي دون وعي.

لمواجهة هذا التحدي، من المهم اعتماد التغيير التدريجي، بحيث لا نحاول تطبيق جميع التغييرات دفعة واحدة، بل نركز على عادة واحدة حتى تترسخ ثم ننتقل إلى غيرها. يمكن أيضًا تخصيص وقت للعزلة المؤقتة لتعزيز الالتزام بالمبادئ، دون الابتعاد عن الناس تمامًا. كما أن اختيار الصحبة الواعية يساعد في الثبات، حيث إن مرافقة من يشجعنا على الالتزام بمبادئنا تسهّل عملية التغيير. كذلك، من الضروري تقوية الثقة بالنفس وتذكّر أن الناس لا يهتمون بنا بقدر ما نتصور، فكل شخص منشغل بنفسه. يمكن أيضًا استخدام التذكير المستمر بالهدف، من خلال وضع محفزات بصرية أو عقلية، مثل كتابة الأهداف في مكان واضح أو تذكير النفس بها قبل دخول أي موقف اجتماعي. كما أن تعلم مهارات إدارة الحوار يساعد في مواجهة الضغوط الاجتماعية، حيث يمكن تدريب النفس على تغيير الموضوع بسلاسة أو طرح أسئلة تعيد توجيه النقاش عند الحاجة. وأخيرًا، إعادة برمجة العقل على الاستقلالية تعد خطوة أساسية، وذلك بطرح سؤال بسيط على النفس عند أي تصرف: هل أنا أفعل هذا عن قناعة أم لمجرد مجاراة الآخرين؟

إذا تمكّنا من العمل على هذه الخطوات بشكل متدرج وثابت، سنجد أنفسنا قادرين على الالتزام بمبادئنا وسلوكياتنا دون أن نهتز في وجود الآخرين.

مشاركة
نشرة عاطف أبوشعفه البريدية

نشرة عاطف أبوشعفه البريدية

التعليقات

جارٍ جلب التعليقات ...

المزيد من نشرة عاطف أبوشعفه البريدية