الغلاف الرقيق |
8 مارس 2024 • بواسطة حُجر • #العدد 2 • عرض في المتصفح |
مع سابق الإعتذار لكل أنثى
|
|
بعد أن حملتُ حاجات منزلي وخرجت بها من المتجر مطمئناً منتشياً بدوري تجاه زوجتي وأهل بيتي وكأنني أقوم بدوري الذي تقوله الدكتورة آلاء نصيف أنني أساعد أهل بيتي في زيادة الإنتاج القومي ماضٍ إلى مركبتي وفي الطريق إذ بتلك المركبة الصغيرة تحملُ تلك العجوز وإذ بها في ميدان المتجر تقدم وتؤخر مركبتها بكل هدوء وسكينة وتدور بمقود سيارتها براحة تامة وأنا ماضٍ بجانب سيارتها ، فلما رأيت هذا المنظر أعادت لي ذاكرتي السقيمة التي تستحضر كل حدث مشؤوم , وإذ بها تذكرني بتلك التي دخلت بسيارتها المطعم فانتشلت جائعاً يأكل ليسد جوعه وتاجر يسوس رزقه ثم انتقلت بي هذه الذاكرة إلى أخرى دخلت محل تموينات صغير وحطمت زجاجه وواجهته وأطارت بالبائع المسكين وهو على كرسيه يعد نقوده ومكسبه الذي سينفقه على متجره الذي عبثت به تلك الحسناء بعد أن تخرج من سيارتها وتقدم له العذر اللطيف المفخخ بصوت ناعم ( آسفة والله ما كان قصدي ) . |
تذكرت هذين المشهدين وكم كانت الذكرى مؤرقة فلم أجد نفسي إلا مرتعداَ وَجِلاً كادت حاجاتي أن تسقط من يدي وكم تمنيت أن أفرَّ من هذه التي تترقبني لأستوي جيداً أمامها بعد أن أصبح بين مركبتي و مركبتها حتى تتمثّل المقولة (عصفورين كبيرين بحجر صغير ) و أنا أنظر بعينين عينٌ على الصياد المتوحش المرتقب للفريسة وعين على مخرج الفرار فليس لي حاجة في هذه اللحظة إلا أن أنجو بجلدي ولا أخفيكم أنني كدت وهممتُ بذلك وحدثتني نفسي وشجعتني أن أقف أمام هذه الأم بشجاعة عنترة وبفصاحة سهيل بن عمرو وإقدام عمرو بن معدي كرب وبلاغة قس بن ساعدة لأقول لها ما خشيه الأفذاذ من رجالها أن يقولوه ( يا أماه ! أليس لك أبناء تقومين برعايتهم ؟ أو زوج تخدمينه ؟ أو بيت تأوين إليه ؟ أو صديقات في بيوتهن تتحدثين إليهن ؟ أبعد هذا العمر تأتين وترعبينني أنا وقُرنائي ونحنُ في أوجِ اليفاعةِ والشباب ؟ يا أماه ذهب من العمر الكثير ولم يبقَ إلا القليل فاتركي لنا الشقاء وابقي في نعيم الإعداد للآخرة , وانعمي باطمئنان على حفيد و سؤال عن صاحبة مريضة و قيام بحق جارة مهذبة . |
ولكن , ولا تأتي لكن إلا بعد همة أضعفتها هنة , تأملت في أمري إذا قلت لها ذلك ثم أنهت كل آمالي وطموحاتي وسابق ثقتي في نفسي بقولها ( وما شأنك أنت بي ؟ ) فاستدارت همتي للوراء و ركزت نظري أمامي وحثثت أقدامي في مسيري وشددت بيدي على حويجاتي وإذ بي أنجو بعد أن جف ريقي واستقللت مركبتي ومضيت بالسلامة إلى منزلي ثم ألبست الجبن الذي أصابني بلباس الذكاء الاجتماعي وقد اطمأنت نفسي لذلك الغلاف الرقيق . |
التعليقات