شتَّان بين التفهُّم، والاتِّفاق، وعدم الاتِّفاق

في حياتنا اليومية، نواجه مواقف تتطلب منَّا إظهار تفهُّمٍ لمشاعر الآخرين، وربَّما يتطلَّب الأمر أن نُبدي اتِّفاقنا أو اعتراضنا بوضوح في أحيان أخرى، ولعلَّ القدرة على التمييز بين هذه الحالات الثلاث: التفهُّم، والاتِّفاق، وعدم الاتِّفاق (الاعتراض) تساعد على بناء تواصل أكثر صحَّة وفعالية، إذ يفترض كثيرون أنَّ المواقف تتطلَّب اتفاقاً أو اعتراضاً ويتناسون أنّه يمكنك تجنب الاتِّفاق أو عدم الاتِّفاق!

بين التفهّم والاتفاق 

1. التفهُّم (Empathy):

التفهُّم وهنا عليَّ أن أعترف أنَّها ترجمة مدلّسة مني لكلمة Empathy  لأنني لا أحب ترجمتها بالتعاطف أو التقمُّص، وهو الاعتراف بمشاعر الشخص الآخر وفهم تجربته من وجهة نظره، دون أن يعني ذلك الاتِّفاق مع آرائه أو تبرير موقفه.

متى نستخدمه؟

عند مواجهة شخص يعبِّر عن مشاعر سلبية، مثل الحزن، أو الغضب، أو الإحباط، كي يشعر أنه مسموع ومفهوم، فبدلاً من أن ننبري لنقول له: أنت مُحقٌّ، أو أنت مخطئٌ، أوعلى عاتقك اللوم كله! نتفهم ما يمر به بهدوء.

2. الاتِّفاق (Agreement):

الاتِّفاق وهنا لا داعي للتدليس Agreement ويعني تأييد الشخص في رأيه أو موقفه، وتأكيد أنك تشاركه نفس التحليل أو المشاعر.

متى نستخدمه؟

عندما تكون وجهة نظر الشخص منطقيةً أو صحيحةً من وجهة نظرك وتحتاج إلى دعمه معنوياً أو عملياً، ويكمن الفرق في أنَّك هنا أنت توافق على صحة ما قاله وتدعم موقفه.

3. عدم الاتفاق أو الاعتراض (Disagreement):

عدم الاتِّفاق Disagreement ويعني أنَّك ترى الأمور من منظورٍ مختلفٍ، وقد لا توافق الشخص على رأيه أو تفسيره للموقف، وتريد أن تعترض بوضوح فلا توافقه مجاملةً.

متى نستخدمه؟

عندما يكون رأي الشخص غير دقيقٍ أو غير منصفٍ، وتحتاج إلى تصحيح المعلومة أو تقديم منظور آخر، وهناك عليك أن تقدِّم وجهة نظرٍ مختلفة بوضوحٍ ومن دون مواربةٍ.

متى علينا استخدام كل حالة؟

يجب أن نُميِّز بدقةٍ متى نتفهَّم ومتى نكون واضحين في التعبير عن رأينا، سواء بالاتِّفاق أو عدم الاتِّفاق.

التفهُّم: يُستخدَم عندما يعبِّر الشخص عن مشاعره مثل الحزن أو الغضب أو الإحباط، والهدف منه دعم الشخص نفسيَّاً وجعل مشاعره مقبولة دون تأييدٍ أو معارضةٍ.

الاتِّفاق: يُستخدم عندما يكون الشخص على حقٍّ أو موقفه منصفاً، وترغب في دعمه وتحفيز والهدف منه تعزيز الثقة وتقوية العلاقة.

عدم الاتفاق (الاعتراض): يُستخدم عندما تكون هناك حاجة إلى تصحيح معلومةٍ خاطئةٍ أو رفض رأي غير منصفٍ، والهدف منه إظهار الحقيقة أو تقديم منظور مختلف، مع الحفاظ على الاحترام.

ختاماً

ليس عليك دائماً أن توافق على آراء الآخرين أو تعترض عليها، لكن ما يهم هو أن تجعلهم يشعرون بأنك تُقدِّر مشاعرهم وتحترم موقفهم، حتَّى وإن كان لك رأي مختلف، ولكن من المهم أن تكون واضحاً حين تشعر أن عليك أن تتَّفق أو تختلف، وكما يقال: التفهُّم يبني الجسور، والاتِّفاق يُعزِّز الدعم، والاختلاف يُثري النقاش إذا كان حكيماً وهادفاً.