توظيف الذكاء الاصطناعي في البحث عن فرص العمل

بواسطة د. فادي عمروش #العدد 78 عرض في المتصفح
 Job Catcher، أداة تهدف لتبسيط عملية البحث عن وظيفة وسط بحر من الفرص غير الملائمة والمرهقة.

تحياتي

بينما كنت أتصفح بسرعة صفحات لينكدان، سعدت بمنشور لصديقي الغالي عمّار حلبي، إذ نشر تدوينة ملهمة وإنسانية عن صعوبات البحث عن عمل، وكيف أنَّ كل بحث عن فرصة عمل وراءه قصة انسانية مختلفة، ومن خلال تدوينته اكتشفت أنَّ عمار قد أطلق أداةً مفتوحة المصدر اسمها Job Catcher  لتسهيل عملية البحث عن الفرص المنشورة علناً.

نعم، في عالمٍ تسوده التحديات والاضطرابات، أصبحت رحلة البحث عن وظيفة تجربة إنسانية عميقة تكشف عن أبعاد كثيرة للإنسان في بحثه عن الاستقرار والمعنى، ولم تكن هذه التجربة  استثناء بالنسبة لعمار حلبي، الباحث والمصمم الذي يركز على الإنسان في عمله، وهو ما يميزه حقاً.  عمار ليس مجرد مبتكر تقني أو مطور برمجيات، بل هو شخص يسعى لخلق أدوات تلبي حاجات حقيقية في حياة الناس. من هنا جاءت فكرة Job Catcher، أداة تهدف لتبسيط عملية البحث عن وظيفة وسط بحر من الفرص غير الملائمة والمرهقة.

عمار حلبي ، باحث ومصمم متخصِّص في تجربة المستخدم، يتمتَّع بخبرةٍ واسعةٍ في مجالات الصحة الرقمية، والأعمال التجارية بين الشركات، والنشر، والاستدامة، وتكنولوجيا المعلومات. يتميز بقدرته على تحويل المشكلات المعقدة إلى حلول بسيطة وسهلة الاستخدام، مسترشداً بمبدأ أن الابتكار يجب أن يعزز الرفاهية ويقوي التواصل بين الناس.

بفضل خلفيته في علوم الحاسوب، والذكاء الاصطناعي، والتفاعل بين الإنسان والحاسوب، يسعى عمار لتحقيق قيمة طويلة الأجل من خلال تطوير حلول تبني الثقة وتدوم على المدى البعيد. يركِّز في عمله على تقديم تجارب تكنولوجية إنسانية تهدف إلى تحسين جودة الحياة.

مطاردة الأمل - صورة بالذكاء الاصطناعي

مطاردة الأمل - صورة بالذكاء الاصطناعي

في مقابلاته مع العديد من الباحثين عن عمل في مجالات تصميم تجربة المستخدم (UX) وإدارة المنتجات وتكنولوجيا المعلومات، أدرك عمار أن هناك فجوة كبيرة في الفهم العميق للتجربة الإنسانية للباحثين عن وظيفة. في الواقع، تكشف قصص مثل قصة أليكس، وسامي، وإيما، وغابرييل عن مدى التوتر والإحباط الذي يواجهه الأشخاص في هذه الرحلة.

قصص من واقع البحث عن عمل

تبدأ قصة أليكس، وهو مصمم UX، بتسريح غير متوقَّع من وظيفته رغم الشعور بالأمان النسبي قبل تسريحه، ومن بعدها واجه أليكس تجربة البحث عن عملٍ بوعيٍ متزايدٍ حول مدى عشوائية إعلانات الوظائف وسوء تنظيمها. وبمرور الوقت، أدرك أنه لا يمكنه الاعتماد فقط على ما يُنشر على الإنترنت، بل بات ينتقي الشركات التي تعكس تنظيمها الداخلي في جودة الإعلان عن الوظائف. أما سامي، مدير المنتجات، فقد قادته رحلة البحث عن وظيفة إلى إعادة تقييم أعمق لمسيرته المهنية، متسائلاً: لماذا أفعل هذا؟ هل أريد حقاً الاستمرار في هذه المهنة؟ بدلاً من التقديم العشوائي، ركَّز سامي على البحث عن أدوارٍ تتماشى مع قيمه الشخصية مثل العمل في مشاريع مفتوحة المصدر أو منظَّمات غير ربحية لها دور في إحداث تأثير إيجابي.

من جهتها، عانت إيما، قائدة تجربة العملاء، من الإحباط الذي يرافق عمليات التوظيف الحديثة، ورغم سنوات من الخبرة، ترى أن كثيراً من إعلانات الوظائف المنشورة على الإنترنت ما هي إلا مجرد واجهة، إذ تُتَّخذ القرارات عبر الشبكات الشخصية وليس من خلال التطبيقات الرسمية. أما غابرييل، مدير تكنولوجيا المعلومات، فكان عليه مواجهة صدمة فقدان الوظيفة وسط أزمة عائلية. اعتمد في البداية على شبكته المهنية التي وفرت له بعض الدعم، لكنه اكتشف سريعاً أن السوق كان مشبعاً بالباحثين عن العمل والمنافسة كانت شرسة.

Job Catcher: حل تقني يوظِّف الذكاء الاصطناعي

لم يقف عمار مكتوف الأيدي أمام هذه القصص، لقد دفعته هذه التجارب الشخصية والمهنية إلى إنشاء Job Catcher، أداة تهدف إلى تحسين عملية البحث عن وظيفة وجعلها أكثر تركيزًا وفعالية. جاءت الفكرة من رغبته في توفير الوقت والجهد للباحثين عن عمل، وتجربته الشخصية مع الكم الهائل من الإعلانات غير الملائمة. لقد صمم هذه الأداة لتصبح شريكًا يعتمد عليه الباحثون عن عملٍ في تحديد الوظائف المناسبة بناءً على مؤهِّلاتهم وخبراتهم.

تعمل Job Catcher على جمع إعلانات الوظائف من منصات عديدة ثمَّ تطابَق هذه الإعلانات مع السير الذاتية للمستخدمين من خلال المطابقة الدلالية، كذلك تستخدم الأداة المطابقة التقليدية من خلال الكلمات المفتاحية والمهارات لضمان عدم تفويت أي فرص مهمة، ولزيادة الفعالية، تقدم Job Catcher أيضًا ميزة تصنيف الوظائف وترتيبها وفقًا لدرجة المطابقة، مما يمنح المستخدمين نتائج أكثر دقة وملاءمة. كما أن الأداة متعددة اللغات ما يتيح للباحثين من جميع أنحاء العالم استخدامها بكل سهولة.

صورة واجهة الموقع

صورة واجهة الموقع

1. جمع إعلانات الوظائف

تُجمع إعلانات الوظائف من منصات التوظيف المختلفة باستخدام واجهة برمجة التطبيقات (API) الخاصة بـ JSearch. يسمح هذا للأداة بالوصول إلى مجموعةٍ واسعةٍ من الوظائف المتاحة عبر الإنترنت وتجميعها في مكان واحد.

2. المطابقة الدلالية (Semantic Matching)

تعتمد Job Catcher على تحليل دلالي للسيرة الذاتية المقدَّمة من المستخدم باستخدام نموذج لغة كبير يسمى SBERT LLM. تحلِّل الأداة المعنى الكامن في السيرة الذاتية ومقارنتها بإعلانات الوظائف، مما يساعد في تقديم تطابقات دقيقة تتجاوز مجرد الكلمات المفتاحية.

3. المطابقة التقليدية

بالإضافة إلى المطابقة الدلالية، تُستخدم المطابقة التقليدية التي تعتمد على الكلمات المفتاحية والمهارات. يضمن هذا أن الوظائف التي تحتوي على كلماتٍ أو مهاراتٍ محدَّدةٍ مذكورةٍ في السيرة الذاتية لن تُفوَّت، مما يزيد من شمولية النتائج.

4. التسجيل والتصنيف (Scoring & Ranking)

بعد جمع النتائج من المطابقتين الدلالية والتقليدية، تُدمَج وتُحسَب درجة مطابقة نهائية لكل إعلان وظيفة. تُصنَّف الوظائف الأعلى تطابقًا مع ملف المستخدم في أعلى القائمة، مما يتيح للمستخدم التركيز على أفضل الفرص المتاحة.

كيف تحصل على أفضل النتائج؟

  • توسيع نطاق البحث: يُنصح المستخدمين بإدخال مسميات وظيفية عديدة مع أخذ التنوع في الاعتبار، بما في ذلك مستويات الأقدمية (مثل: مدير مشروع، ومدير مشروع أول، ومدير برنامج).
  • تحميل السيرة الذاتية: تعزِّز إضافة السيرة الذاتية من دقَّة المطابقة الدلالية، مما يزيد من احتمالية الحصول على نتائج ملائمة.
  • إضافة مصطلحات خاصة: يساعد إدخال مصطلحات أو مهارات مميزة في السيرة الذاتية (مثل: منهجيات Agile، إدارة المخاطر، قيادة الفريق) على تحسين دقة المطابقة.

هل يدعم Job Catcher عدة لغات؟

نعم، صُمِّمَ Job Catcher ليكون غير معتمدٍ على لغةٍ معينةٍ، مما يعني أن المستخدمين يمكنهم البحث عن وظائف ورفع سيرهم الذاتية بأي لغة. ومع ذلك، فإن المطابقة الدلالية تعمل بشكل أفضل مع اللغة الإنجليزية، بينما تغطي آليات المطابقة الأخرى هذا النقص لمعظم اللغات.

خاتمة

Job Catcher هو مشروع مفتوح المصدر ومجاني. يساعد دعم المستخدمين في الحفاظ على تطوير الخدمة وتحسينها. الكود المصدري متاح على GitHub، ويمكن لأي شخص استخدامه أو تعديله أو توزيعه بموجب رخصة AGPL-3.0.

Fadi AlshaarRamaNabil Alshohof4 أعجبهم العدد
مشاركة
نشرة خارج الصندوق البريدية

نشرة خارج الصندوق البريدية

نشرة دورية تصدر كلّ يوم سبت، يصدرها د. فادي عمروش تتضمن فكرة خارج الصندوق مع اغناءها بالروابط وما بين الكلمات، لتقول وجدتّها

التعليقات

جارٍ جلب التعليقات ...

المزيد من نشرة خارج الصندوق البريدية