هل فعلاً هناك فرصة لهندسة الأوامر بالذكاء الاصطناعي؟

في عام 2024، ستكتسب المهارات المتعلقة بالتكنولوجيا الناشئة والقيادة الإنسانية أهمية متكافئة، وسيشهد المشهد المهني تحولاً كبيراً. من المتوقع استمرار الارتفاع الكبير في استخدام الذكاء الاصطناعي، مع تسارع الطلب على المهارات المرتبطة بهذا المجال. تسعى المؤسسات جاهدةً للاستفادة من فوائد هذه التكنولوجيا في زيادة الإنتاجية وتعزيز القدرة التنافسية، وتحتاج إلى متخصصين في الذكاء الاصطناعي من مهندسي الأوامر إلى خبراء النماذج اللغوية الكبيرة.

صدر حديثًا تقرير "The Job Skills of 2024" من "Coursera" (كورسيرا)، يبيّن تغير خريطة المهارات بشكل ملحوظ. في هذه الدراسة، قدمت "Coursera" تحليلاً للمهارات التي يسعى إليها الملايين من المتعلمين في قطاعات مختلفة، بهدف تقديم مرجع قيّم لتطوير استراتيجيات المهارات المبتكرة. من النتائج الملفتة للانتباه، توقع استمرار النمو السريع للذكاء الاصطناعي مع تزايد الطلب على المهارات المرتبطة به. ستكون المؤسسات، التي تسعى للاستفادة من فوائد زيادة الإنتاجية وتحسين التنافسية، في حاجة إلى متخصصين في الذكاء الاصطناعي، بدءًا من مهندسي الأوامر وصولًا إلى خبراء النماذج اللغوية الكبيرة.

إضافة إلى ذلك، بدأ ظهور وظائف جديدة في مجال الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات، مما يعكس تحولًا في سوق العمل نحو الاحتياجات المتغيرة والمتطورة تكنولوجيًا. يؤكد هذا على أن التأهيل في مجالات الذكاء الاصطناعي والتحول الرقمي لا يعد فقط خيارًا استراتيجيًا مهمًا لمواكبة هذه التغيرات، بل يعد أيضًا استثمارًا في المستقبل، سواء للأفراد أو المؤسسات.

تُسهم تقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدي مثل ChatGPT في إعادة تشكيل ملامح أعمالنا الحالية بشكل متزايد، مُحدِّثةً تحول في المهام والأدوار المهنية، إذ أظهر تحليل لآراء المديرين التنفيذيين وأصحاب المصلحة حول التكنولوجيات التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي رؤى قيمة متفائلة حول تأثيرها المحتمل على سوق العمل، حيث تُجمع الآراء أنّ تقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدي ستغير طريقة عملنا بشكل ملحوظ وتؤثر على طبيعة أدوارنا في الأنشطة المهنية بشكل كبير، مما يتطلب فهمًا جديدًا لدينامكيات العمل في عالم معزز بالذكاء الاصطناعي.

يمكن لـ 84% من الموظفين الاستفادة من تقنيات الذكاء الاصطناعي لأتمتة ما لا يقل عن 25% من المهام المتكررة، مما يعزز إنتاجيتهم ويضاعفها بشكل هائل وفق تقرير LinkedIn حول مستقبل العمل الصادر في أغسطس 2023، بالمقابل يعتقد 47% من المديرين التنفيذيين في الولايات المتحدة أن الذكاء الاصطناعي التوليدي سيكون محفزاً لزيادة الإنتاجية، ما سيزيد حتماً من مطالبة الموظفين الحاليين برفع إنتاجيتهم أو سيؤدي لاستبدالهم بموظفين بإنتاجية أعلى يعتمدون على الذكاء الاصطناعي.

ليس هذا فحسب، هناك أيضاً زيادة لافتة في الوظائف التي تذكر GPT أو ChatGPT في الإعلانات الوظيفية، حيث شهدت ارتفاعاً 21 ضعفاً منذ نوفمبر 2022، ما يجعله مؤشراً واضحاً للطلب المتزايد على مجموعات المهارات المتعلقة بالذكاء الاصطناعي التوليدي، وبالمقابل هناك فجوة بين العرض والطلب على المهارات، فقد سجلت الوظائف التي تبحث عن المهارات في الذكاء الاصطناعي نمواً أعلى بنسبة 100% من النمو في أعداد الموظفين الذين يمتلكون هذه المهارات، ما يخلق فجوة واضحة في سوق العمل وفرصاً أفضل لأصحاب هذه المهارات.

يمكن توظيف هندسة الأوامر باستخدام ChatGPT في طيف واسع من الأعمال عن بعد، مثل تطوير وإدارة المواقع، والتسويق عبر الشبكات الاجتماعية. تتراوح كلفة الساعة للمستقل عبر موقع  (Freelancer.com) بين 10 و50 دولارًا أمريكيًا، وذلك تبعًا لطبيعة العمل والمهارات المطلوبة. حيث تجذب الأدوار التقنية والمتخصصة، مثل تطوير واجهات برمجة تطبيقات ChatGPT وبناء المساعدين الخاصين، معدلات أعلى مقارنةً بالأعمال العامة كالكتابة الإبداعية وإدارة وسائل التواصل الاجتماعي، على صعيد آخر بدأ عدد هائل من أرباب العمل يطلبون، ضمن التوصيف الوظيفي، أن يكون الموظف قادرًا على توظيف ChatGPT لتقليل الوقت المستغرق في العمل.