تعفُّن الدماغ (Brain Rot) في العصر الرقمي
|
|
25 مايو 2025
•
بواسطة د. فادي عمروش
•
#العدد 112
•
عرض في المتصفح
|
|
|
|
عام 2024، أثار مصطلح "تعفُّن الدماغ" (brain rot) اهتمامًا عالميًا عندما اختاره قاموس أوكسفورد ككلمة العام، في إشارة إلى ظاهرة التدهور المعرفي والإرهاق العقلي المرتبط بالاستهلاك المفرط للمحتوى الرقمي، وخاصة المحتوى السطحي أو سريع الإيقاع مثل الفيديوهات القصيرة ووسائل التواصل الاجتماعي. في الواقع، يعود أول استخدام موثَّق لمصطلح "تعفُّن الدماغ" إلى عام 1854 في كتاب "والدن" للكاتب الأمريكي هنري ديفيد ثورو، إذ استخدمه لانتقاد تدهور المعايير الفكرية في المجتمع.
|
|
لفت نظري ورقة علمية حديثة درست تحليل ظاهرة تلف الدماغ الناتج عن التعرُّض المفرط للمحتوى الرقمي منخفض الجودة، مع التركيز على المراهقين والشباب (جيل زد وجيل ألفا)، وقد وجدت نتائج لافتة:
|
|
- الإفراط في وقت الشاشة: يقضي طلاب الجامعات أكثر من 7 ساعات يوميًا أمام الأجهزة الإلكترونية لأغراض غير أكاديمية، ممَّا يزيد من مستويات القلق، والإرهاق العقلي، وتشتُّت الانتباه.
|
|
- إدمان وسائل التواصل الاجتماعي: تستغلُّ منصَّات مثل TikTok وInstagram نظام المكافأة في الدماغ المدفوع بالدوبامين، مما يدفع المستخدمين إلى استهلاكٍ متواصلٍ للمحتوى بغية الحصول على جرعاتٍ إضافية من الدوبامين.
|
|
- فرط التحميل المعرفي: يرهق التعرض المستمر لمحتوى سريع ومُختصر قدرة الدماغ على المعالجة والتذكُّر، ويسبب تراجعًا في الأداء الذهني.
|
|
العلاقة بين إدمان الإنترنت والنقص المعرفي
|
|
وجدت الورقة آثارًا مخيفةً وهي:
|
|
السلوكيات الرقمية:
|
|
- التصفُّح الكئيب (Doomscrolling): من شأن التعرض للمحتوى السلبي عبر نشرات الأخبار أو ما شابه إلى زيادة التوتر والقلق بطبيعة الحال.
- التصفُّح الزومبي (Zombie Scrolling): أي التصفُّح السلبي دون هدفٍ أو وعيٍ الذي يضعف بدوره التركيز ويؤدِّي إلى الانفصال العاطفي.
- فقدان السيطرة العاطفية:
على المدى الطويل، يعاني الشباب من ضعفٍ في إدارة الانفعالات، واتِّخاذ القرارات، والمرونة الذهنية.
|
|
السلوكيات المعرفية:
|
|
- تشوُّش الذاكرة: أي صعوبة في تثبيت المعلومات واسترجاعها بسبب المشتتات المستمرة.
- تقلص فترة التركيز: يؤدِّي اعتياد المحتوى السريع إلى فقدان القدرة على التركيز لفتراتٍ طويلةٍ.
- ضعف مهارات حل المشكلات: يقلِّل الاعتماد المفرط على الحلول الرقمية، من التفكير التحليلي والتكيف الذهني.
|
|
الخلاصة:
في ضوء ما سبق، تُحذِّر الدراسة من أنَّ الإفراط في استخدام المحتوى الرقمي السطحي يشكِّل تهديدًا حقيقيًّا للصحَّة المعرفية لدى الشباب، فالإفراط في استهلاك المحتوى الرقمي السطحي والمُقتَضَب -إن صحَّ التعبير- لا يُشكِّل مُجرَّد ظاهرة عابرة، بل يُمثِّل تحدِّيًا معرفيًّا عميقًا يُهدِّد البنية الإدراكية، والنقدية لجيل الشباب. ومن هنا، فإنَّ الوعي بأبعاد هذه المُعضلة يستدعي تحرُّكًا ثقافيًا وتربويًّا مُمنهجًا، من شأنه أن يُعيد الاعتبار للمعرفة المُتعمِّقة ويُعزِّز مناعة الشباب الفكرية في عصر السرعة والسحطية الرقمية، كما توصي الدراسة بـ:
|
|
- تبني نهجٍ متوازنٍ ومدروسٍ في استخدام التكنولوجيا.
- تعزيز الوعي الرقمي على مستوى الأفراد والعائلات.
- تطوير تدخُّلات تربوية وعلاجية لمساعدة الشباب على بناء عاداتٍ صحِّيةٍ.
|
|
وبالطبع، تدعو صنَّاع القرار والمربِّين، والباحثين إلى التعاون من أجل الحد من التأثيرات السلبية وتحسين المرونة الذهنية والنفسية وبالتالي الوصول إلى حياةٍ صحيَّةٍ وصحيحةٍ لجيل الشباب.
|
|
التعليقات