فاتورة الراحة قادمة: ابن الآن قبل فوات الأوان!

5 يونيو 2025 بواسطة د. فادي عمروش #العدد 117 عرض في المتصفح
عندما تصبح الراحة فخّاً باهظ الثمن: من أوبر إلى الذكاء الاصطناعي

 عام 2015، كانت تكلفة قطع رحلة داخل المدينة عبر أوبر ثلاثة دولارات فقط. بالطبع، لم يكن ذلك السعر لقاء خدمة وكفاءة تشغيلية خارقة، بل ثمرة استثمار رأسمال مغامر سخِيّ قرر «شراء» الحصة السوقية -ولو بالخسارة- في سبيل الهيمنة لاحقاً. بعد سنوات قليلة، وعندما اختفت المنافسة؛ ارتفعت الأسعار حتى باتت الرحلة نفسها تقترب من خمسين دولاراً! ماذا جرى؟

ببساطة، تحوَّلت الخدمة الرخيصة إلى مُكلفة، ولكن المشكلة في التخلي! نعم، صار التخلي مستحيلاً لأن الناس قد تشكّلت عاداتها  حول ذلك ولا يمكنها العيش من دون خدمة التوصيل، فقد أصبحت السيارات النظيفة التي يقودها سائقٌ أنيقٌ يبتسم للناس لقاء تقييم بخمس نجوم وتصل خلال دقائق هي وسيلة التنقُّل الطبيعية ضمن المدينة! ولو كان اضطَّرَّرنا لدفع أضعاف ما كنّا ندفعه.

كيف تغيرت اسعار أوبر عبر الزمن

كيف تغيرت اسعار أوبر عبر الزمن

هذه القصة تقليدية في عالم الشركات العملاقة -أمازون مثلاً- والتي فعلت الشيء نفسه في أواخر التسعينيات باعت كتباً ومنتجات بخسارة، فقط لتقضي على المنافسين التقليديين. حالما ترسَّخ الإدمان على «نقرة واحدة لكل شيء» في نفوس الزبائن؛ ظهرت رسوم Prime وتلاشت الحسومات! بل وبات كثيرٌ من الناس يشترون من أمازون سلعاً قد تكون في متاجر أخرى أرخص! لكنهم اعتادوا الشراء، وانتظار الطلبات لتصلهم في اليوم التالي. سبوتيفاي، هي الأخرى قدمت مكتبة موسيقية شبه مجانية، ثم ازدادت تكلفة الاشتراك وتضاعفت الإعلانات في النسخة المجانية بعدما تقلصت الخيارات الأخرى، وهلمّ جرَّاً.

وماذا كانت النتيجة:

لقد موَّل المستثمرون المشاريع، وعملوا على مبدأ الربح القليل لسنوات، فاستبدلوا بها سنوات من الأرباح الاحتكارية المرتبطة بإدمان المستخدمين.

3. لماذا يشبه المشهد الحالي في الذكاء الاصطناعي ما سبق؟

تُقدّم أدوات توليدية مثل ChatGPT وClaude اليوم قيمة تماثل عمل محلّل بيانات أو كاتب محتوى محترف، ومع ذلك لا يتجاوز الاشتراك الشهري عشرين إلى ثلاثين دولاراً!

أسباب الرخص واضحة:

  1. ضخٌّ هائل لرأس المال المغامر بغرض مضاعفة الربح بعد فترة.
  2. سباق للسيطرة على السوق قبل أن تتضح معايير الجودة النهائية.
  3. مرحلة الإدمان: فكلما تأصلت هذه الأدوات في حياتنا الدراسية والمهنية، صار هجْرها أصعب حين تتغيّر الأسعار أو تُقيَّد الميزات.

لكن ما إن يثبت الذكاء الاصطناعي قدرته على استبدال البشر أو التفوق عليهم، لن تُقاس الأسعار بعدد التوكينات أو الاستعلامات بل بحجم الإيرادات التي تولدها أو التكاليف التي تلغيها، فالسوابق في عالم البرمجيات كخدمة (SaaS) تُخبرنا بأن العقود قد تقفز إلى مئات الدولارات لكل مستخدم شهرياً، بل وربما إلى الآلاف في التطبيقات المتخصصة.

ما الذي عليك فعله الآن؟

استثمر في البناء خلال زمن الرُّخص، واستغل هذا الوقت المثالي لتجربة الأفكار، وإطلاق النماذج الأوَّلية، وأتمتة الإجراءات، فتكاليف الحوسبة والاشتراكات في أدنى مستوياتها التاريخية.

سارع لزيادة دخلك، واستثمر في مدخلات تجعل الذكاء الاصطناعي يضاعف إنتاجيتك، وبالتالي تستطيع تغطية التكاليف الهائلة التي قد تعترضك في المستقبل، وتحافظ على أمانك الوظيفي عند تغيُّر شروط الاشتراك أو تسعير الخدمات مثلاً.

لعلّ السؤال الذي يجب أن يطرحه كل قائد أعمال أو محترف اليوم هو: كيف أستغلّ هذه النافذة الرخيصة لبناء ميزة دائمة، قبل أن يأتي اليوم الذي تدفع فيه شركتي -أو أنا شخصياً- الفاتورة الكاملة للراحة؟

من يُنشئ أصولاً فكرية الآن، ويُحصِّن مهاراته؛ سيملك زمام الأمور فيما بعد! 

دمتم منتجين قبل فوات الأوان

فادي

IenasHanan Radwan2 أعجبهم العدد
مشاركة
نشرة خارج الصندوق البريدية

نشرة خارج الصندوق البريدية

نشرة دورية تصدر كلّ يوم سبت، يصدرها د. فادي عمروش تتضمن فكرة خارج الصندوق مع اغناءها بالروابط وما بين الكلمات، لتقول وجدتّها

التعليقات

جارٍ جلب التعليقات ...

المزيد من نشرة خارج الصندوق البريدية