خدعوك فقالوا 21 يوم لبناء عادة جديدة !
|
|
بواسطة د. فادي عمروش
•
#العدد 97
•
عرض في المتصفح
|
|
هناك اعتقاد شائع بأن اكتساب عادة جديدة يستغرق 21 يومًا فقط، لكن هذا الرقم خرافة غير مدعومة بالبحث العلمي
|
|
|
|
تحياتي
|
|
تؤدِّي العادات دورًا أساسيًا في تعزيز الانضباط الشخصي والمهني، ولذلك يكثر التساؤل حول المدة اللازمة لتكوين عادة جديدة، وبالطبع تناولت دراسات علمية عديدة هذا الموضوع، وبحثت في حيثياته ومخرجاته للوصول إلى نتائج تفضي إلى تمكين الأفراد من أسس بناء العادات، وبالتالي زيادة الإنتاجية وتحقيق نتائج عالية المستوى، وفيما يلي أبرز ما توصلت إليه الأبحاث من أطر زمنية مدعومة علميًا، والعوامل المؤثرة في تكوين العادات، ونصائح لتسريع العملية.
|
|
هناك اعتقاد شائع بأن اكتساب عادة جديدة يستغرق 21 يومًا فقط، لكن هذا الرقم خرافة غير مدعومة بالبحث العلمي . في الواقع، وجدت دراسة طويلة المدى أن متوسط الوقت المطلوب لتكوين عادة جديدة يبلغ نحو 66 يومًا (أي نحو 10 أسابيع) من الممارسة اليومية المنتظمة، بينما تمكن بعض الناس من تكوين عاداتهم في غضون 18 يومًا فقط كما احتاج آخرون إلى ما يقارب 254 يومًا (أكثر من 8 أشهر).
|
|
أكدت هذا التفاوت مراجعات منهجية حديثة شملت دراسات عديدة؛ فقد تبيّن أن الوسيط التقريبي للمدة اللازمة يتراوح بين 59 إلى 66 يومًا، ليس هذا فحسب قد تصل المتوسطات إلى 106-154 يومًا في حالات تستغرق وقتًا أطول، كما سُجِّلت أيضًا حالات فردية استغرقت 4 أيام فقط لتكوين العادة وأخرى نحو 335 يومًا، بعبارة أخرى: يختلف زمن بناء العادة من شخصٍ لآخر ومن سلوكٍ لآخر، ولا يوجد رقم ثابت يصلح لجميع الحالات، بعبارة أخرى، يتطلَّب الأمر أسابيع إلى أشهر من الالتزام المتواصل قبل أن تُصبح العادة راسخة تلقائيًا.
|
|
لا يمكن بناء عادة بدون انضباط
|
|
تؤثِّر عوامل عديدة على سرعة وثبات تكوين العادة الجديدة، منها:
|
|
- التكرار والاتِّساق في الأداء: إنَّ الالتزام بتكرار السلوك المستهدف بانتظام وفي نفس الظروف يُسارع في عملية ترسيخ العادة، فكلما كررت الفعل بشكل متواتر ومنتظم ترسَّخت العادة! إذ يوفِّر أداء السلوك يوميًا (أو بشكل متكرر في سياق ثابت) تدريبًا مستمرًا للدماغ على جعل هذا السلوك تلقائيًا، وأظهرت الأبحاث أن التفويت العرضي ليوم واحد لا يسبب انهيار عملية التكوين، بل يمكن للعادة أن تواصل التطور بعد تجاوز التفويت البسيط بشرط عدم تكراره، وينصح بعدم التفويت.
- الثبات في السياق والتوقيت: يرسخ أداء السلوك في نفس السياق أو الوقت يوميًا الربط بين الموقف والسلوك، فإنَّ اختيار وقت محدد أو محفز معين (مثل “بعد الفطور” أو “عند الوصول إلى العمل”) والمواظبة عليه يجعل السياق نفسه مثيرًا تلقائيًا للسلوك مع مرور الوقت، كما تساعد البيئة المستقرة والإشارات الثابتة الدماغ على توقع السلوك والقيام به دون تفكير، بينما قد يبطئ تنوع السياقات العشوائي في بداية التكوين من اكتساب التلقائية.
- سهولة السلوك وبساطته: تبدأ العادات بالترسخ بشكلٍ أسرع عندما يكون السلوك بسيطًا وسهل التنفيذ، ولكن تستغرق السلوكيات المعقدة أو التي تتطلب مجهودًا عالياً وقتًا أطول لتصبح تلقائية، لذلك تصبح العادات البسيطة (مثل شرب كأس ماء كل صباح) ثابتةً بشكلٍ أسرع من العادات المعقدة (مثل أداء تمرين بدني مطوّل). كما تشير الأبحاث إلى أن السلوكيات الأسهل تتكون عاداتها بشكل أسرع.
- المكافأة والمتعة المرتبطة بالسلوك: إذا كان تنفيذ العادة الجديدة مشبعًا بالإيجابية أو المتعة، فمن المرجح اكتسابها بسرعة أكبر، فالسلوك الذي يجلب شعورًا بالرضا أو الفائدة الفورية يعزز الرغبة في تكراره. على سبيل المثال، من يجد متعةً في نشاطٍ رياضيٍّ معيَّنٍ سيواصل ممارسته بانتظام، مما يرسخ العادة بشكلٍ أسرع. من جهة أخرى، حتى المكافآت البسيطة أو الشعور بالإنجاز يعززان الاستمرارية.
- النية الواضحة والدافع الشخصي: يؤثر وجود دافع ذاتي قوي أو نية واضحة لتبني السلوك الجديد إيجابًا على اكتسابه، فإذا كان السلوك مرتبطًا بهدفٍ شخصيٍّ مهمٍّ أو قيمة لدى الفرد، يصبح الالتزام به أسهل وتكون العملية أكثر سلاسة، كما يُسهّل وضع خطة محددة مسبقًا (متى وأين يتم تنفيذ السلوك يوميًا) تحويل النية إلى فعلٍ متكرِّرٍ.
|
|
نصائح لتسريع عملية بناء العادات
|
|
استنادًا إلى ما سبق من أبحاث، هاكم بعض النصائح العملية لتسريع ترسيخ العادة الجديدة وتعزيز الانضباط الشخصي والمهني:
|
|
- ابدأ بخطوات بسيطة وصغيرة: اختر عادة جديدة تكون سهلة التنفيذ في البداية ولا تتطلب مجهودًا كبيرًا، أي ابدأ بمستوى يمكنك الالتزام به يوميًا دون إرهاق، ثم تدرَّج بالزيادة لاحقًا. فالسلوكيات الصغيرة تُجمع لتصبح عادات ثابتة، بينما قد يؤدي الهدف الكبير منذ البداية إلى الإحباط. مثلاً، إذا أردت اكتساب عادة القراءة يوميًا، ابدأ بقراءة 5-10 دقائق فقط بدلاً من ساعة كاملة من اليوم الأول.
- ضع خطة واضحة واربط العادة بمؤشر يومي: حدِّد متى وأين ستقوم بالسلوك الجديد يوميًا، واربطه بمؤشِّرٍ أو موقفٍ ثابتٍ في روتينك. على سبيل المثال: "سأمارس التأمل كل يوم بعد تناول الفطور" أو "سأرتب مكتبي قبل مغادرة العمل"، فإنَّ وجود خطة وموقع ثابت يسهِّل الالتزام ويحوِّل السياق إلى مثيرٍ تلقائيٍّ يؤدِّي لأداء العادة.
- كرر سلوكك يوميًا والتزم بالانضباط: تُعد الممارسة اليومية وقود تكوين العادات، لذلك كرِّر العادة بانتظام وفق خطتك، وإذا انقطع الأمر ليوم واحد، استأنف في اليوم التالي دون إهمال الاستمرارية.
- اجعل البيئة في صالحك وتجنب المشتتات: حاول تعديل محيطك ليساعدك على الالتزام بالعادة الجديدة؛ جهز ما تحتاج إليه مسبقًا (مثل ملابس الرياضة أو تجنب الإغراءات) حتَّى تصبح العملية أسهل.
- كافئ نفسك واجعل العادة ممتعة: ابحث عن طرائق لجعل ممارسة العادة تجربة إيجابية؛ سواء بتتبع تقدمك أو بالاحتفال بالإنجازات الصغيرة، أو بإقرانها بمكافأةٍ بسيطةٍ. عندما يشعر عقلك بالرضا بعد أداء العادة، ستزداد رغبته في تكرارها.
- تحلَّ بالصبر والاستمرارية: تذكّر أن تكوين عادة قوية يتطلب وقتًا وجهدًا منتظمًا. لا تستعجل النتائج في الأيام الأولى؛ غالبًا ستشعر بأن العادة أصبحت أسهل مع مرور الوقت. تعامل مع الأمر على أنه استثمار طويل الأمد في نفسك.
|
|
أختم فأقول:
|
|
إنَّ بناء العادات ليس حدثًا لحظيًا بل عملية مستمرة. تختلف المدة المثالية لتكوين عادة جديدة بحسب نوعها وشخصية الفرد وظروفه، لكن من المؤكَّد أنَّ الإنضباط والصبر هما المفتاح لتحقيق ذلك، وباتباع الإرشادات أعلاه والمستقاة من الدراسات؛ يمكنك تسريع ترسيخ عادات إيجابية تدعم انضباطك الشخصي والمهني، وتحصد ثمارها على المدى الطويل.
|
|
تنويه
|
|
تصلكم هذه الرسالة لاشتراككم بإحدى نشاطات فادي، ويمكنكم الانسحاب منها بأسفل الرسالة بحيث يتم الغاء اشتراككم في حال عدم رغبتكم باستقبال النشرة مستقبلاً.
|
|
التعليقات