الرفاهية المؤجلة؛ هل نؤجل حياتنا الحقيقية إلى الإجازة القادمة؟

بواسطة مودة #العدد 7 عرض في المتصفح
لطالما أحببت رحلات التسوق خلال السفر، حيث أقتني قطعا مميزة تروي حكايات من حول العالم. 

تسللت يدي هذه المرة إلى تحفة فنية من كارتييه، ساعة تجمع بين الذهب والفضة تطوقها عقد من الألماس. تخيلت نفسي أرتديها كرمز للأناقة والرقي، لكن وبينما كنت أستعد لدفع ثمنها تسلل سؤال مزعج إلى ذهني؛ ماذا عن الوقت؟ هل يمكن شراؤه؟

تراجعت خطوة للوراء، وأعدت الساعة إلى مكانها. بدأت أفكر في قيمة الوقت الحقيقية. هل الرفاهية تكمن في ارتداء ساعة فاخرة أم في عيش تجارب لا تُنسى؟ ماذا عن استثمار الوقت في شيء يغذي الروح ويوسع الآفاق؟

قد تبدو هذه النشرة غير مريحة لعالم يُقدس الماديات، لكن دعني أخبرك باليقظة التي جعلتني أعيد النظر حول الإجازة والوقت.

هل الإجازات مجرد توقف مؤقت عن روتين الحياة اليومية، أم أنها بوابة للتحرر من القيود واكتشاف جوانب خفية في شخصياتنا؟ 

قد يكتفي البعض بالإجازات على أنها وقت للكسل والاسترخاء فقط، ولكنها في الحقيقة أكثر من ذلك بكثير. إنها فرصة لإعادة التواصل مع دواخلنا، واستكشاف اهتماماتنا ومواهبنا التي غفلنا عنها في خضم الروتين اليومي؛ فكم من رياضة رغبت بتعلّمها أو احترافها لكنك لم تجد الوقت الكافي، وكم من مُؤلف أو ورقة بحثية أجلتها حتى تجد ذلك الفضاء الذي يتيح لذهنك الصفاء لتأليفها، وكم رحلا السفر الطويلة مع عائلتك التي قررت التخلي عنها، واكتفيت برحلات باذخة قصيرة حتى تكون راحة مؤقتة. 

أمنية المليون دقيقة

في مايو الماضي، قضيت إجازة نهاية أسبوع طويلة مع أخي، كانت مليئة بالضحك والطعام اللذيذ والعروض المسرحية الرائعة. في رحلة العودة قمت بالعبث على شاشة الأفلام في الطائرة، وصادفت هذا الفيلم المستوحى من قصة حقيقة لعائلة ألمانية "Eine Million Minuten" (مليون دقيقة)، وهو فيلم صدر هذا العام، تدور قصة الفيلم حول عائلة مكونة من زوجين وطفلين. تعيش العائلة حياة تبدو مثالية من الخارج، ولكنها في الواقع تعاني من ضغوط العمل والحياة اليومية. تتفاقم الأزمة عندما يتم تشخيص ابنتهما باضطراب في النمو، مما يدفع الأب إلى تذكر أمنية ابنته بالحصول على مليون دقيقة للاستمتاع بالأشياء الجميلة في الحياة.

يقرر الزوجان ترك كل شيء وراءهما والخروج في رحلة عائلية لمدة عامين، بهدف إعادة الاتصال ببعضهما البعض وبأطفالهما. تأخذهم الرحلة إلى وجهات مختلفة حول العالم، حيث يواجهون تحديات جديدة واكتشافات غير متوقعة. من خلال هذه التجربة، تتعلم العائلة أهمية قضاء الوقت معًا وتقدير اللحظات الصغيرة في الحياة.

نداء للحياة الطيبة 

بعد شهرين من تلك الإجازة، اتخذت قرارً جريئًا: تركت وظيفتي، واستبدلت الساعة الفاخرة برحلة طويلة لطالما حلمت بها بصحبة من أحبهم. رحلات إلى أماكن جديدة، وثقافات مختلفة، وصداقات للعمر، وتجارب لا تُقدر بثمن.

المحطة القادمة

في النهاية الإجازات ليست مجرد توقف مؤقت عن العمل، بل هي استثمار في صحتنا وعلاقاتنا، وماذا عنك صديقي العزيز هل فكرت بالاسترخاء والتجديد، وأن تعيد التفكير فيما أهملته من أولويات بسبب غياب الوقت المناسب لها؟

ما بعد الخاتمة

أستودعُ الله نفسي وروحي وبدني، وأفوّض أمري إليه، فمن يدري كم من رزق ورسالة سيزرعها في الطريق. دعواتكم الطيبة..

بسمهمعاذ ..2 أعجبهم العدد
مشاركة
نشرة مودة البريدية

نشرة مودة البريدية

هذه نشرة شخصية أكتبها للأصدقاء حول تأملات تلامس سعينا للحياة الطيبة، وأطرح التساؤلات التي تزعجني أو تلهمني للتفكر بها، أنشر يومي الأحد والأربعاء.

التعليقات

جارٍ جلب التعليقات ...

المزيد من نشرة مودة البريدية