10 سنوات من إزالة الفوضى

بواسطة مودة #العدد 5 عرض في المتصفح
منذ نعومة أظفارنا نشأنا في ثقافة تمجّد التملك، فنُكدس الكثير من الأشياء دون وعي، ونُخفي وراءها مخاوفنا من النسيان. لكن مع مرور الوقت تصبح هذه الفوضى عبئا ثقيلا تعيق حركتنا وتثقل أرواحنا

في هذا النشرة، أشارككم رحلتي الشخصية على مدار 10 سنوات في التخلص من الفوضى "ماديا ومعنويا"، واكتشاف معنى "خفة الوجود".

مواجهة الفوضى

في عام ٢٠١٤ قرأت كتاب "سحر الترتيب" لماري كوندو، كانت بمثابة صفعة أيقظتني من غفوتي، لأول مرة واجهت الفوضى التي تغمر منزلي -بصدق- وبدأت رحلة التخلص من كل ما لا أحتاجه، وكل ما يثقل كاهلي. 

مررت برحلة صعبة مليئة بالتحديات والمساومات مع أمي وأختي، فكل قطعة تمثل ذكريات وأحاسيس خاصة، وكل قرار بالتخلص منها كان أشبه بوداع مؤلم. لكن مع كل قطعة أزيلها، كنت أشعر بخفّة غريبة، وكأنني أتخلص من ثقل رافقني لسنوات!

صراع مابين النسيان والخلود

غالبا ما نتذكر الماضي بهالة من الرومانسية الجميلة في ذاكرتنا، ربما لأننا نحتفظ بجوانبه المشرقة تاركين خلفنا خيبات الأمل وأحزانه. يبدو وكأننا في صراع مع النسيان، وما نحن إلا ذلك الإنسان الذي ينسى كل يوم، نمضي قدما، ونترك وراءنا تفاصيل صغيرة وكبيرة، ننسى أسماء ووجوه، ونخفي مشاعر.

وماذا عن خلود الذكريات؟ ربما تُمثل تلك الأشياء التي نحتفظ بها من صور وهدايا وتذكارات كمحاولة يائسة للتشبث بجزء مما نخشى نسيانه. لكن ماذا لو كان النسيان هو مانحتاج إليه؟ هل يمكن أن يكون التخفف من الذكريات عزاءً لنا؟  

السماح بالرحيل

مع مرور الوقت اتسعت رحلتي لتشمل التخلي عن الأفكار والمشاعر المزعجة، ومواجهة القناعات التي لم تعد تُناسبني، كان ذلك بالخلوات المستمرة للبحث عن مصدرها، تسامحت مع الماضي بالتعامل معه على أنه أحداث أشاهدها على المسرح وأجلس الآن في مقعد الزائر. أدركت أن التمسك بذكريات الماضي مهما كانت جميلة، قد تعيق من عيش الحاضر بملء طاقتنا. ومع استمرار الممارسة لهذه العادة، شعرتُ بِتحسنٍ ملحوظ في حالتي المزاجية، وازدادت قدرتي على التركيز والإبداع.

الاحتفاء بالملل

مع التخلي عن الفوضى، اكتشفت معنى جديد للفراغ، فلم أعد أقيس قيمتي بعدد الأشياء التي أمتلكها، بل بشعوري بالرضا والطمأنينة الداخلية. أصبحت أقدّر قيمة الفراغ، بل إن ساعات الانتظار لم تعد تقلقني، ولم أعد أشعر بالحاجة لتعبئة كل لحظة بنشاط أو ضجيج، بل أتيح لنفسي مساحة للتفكر والسرحان في الخيال.

رحلة نحو خفة الوجود

لا تزال رحلتي في التخلص من الفوضى مستمرة، كل يوم أُواجه تحديات مختلفة، وأُتعلم دروسًا جديدة. لكنني على يقين أن هذه الرحلة هي رحلةٌ نحو حياة أفضل، حياةٍ مليئة بِالخفة والهدوء والسكينة.

دعوة للشجاعة

أدعوكم أصدقائي للتأمل في رحلتكم الشخصية مع الفوضى. ما هي الأشياء التي تُثقل كاهلكم؟ ما هي الأفكار والمشاعر التي تُعيق طمأنينتكم؟

الآن، هي الخطوة الأولى نحو التغيير لمواجهة الفوضى بِشجاعة.

بسمهnoraسلوى4 أعجبهم العدد
مشاركة
نشرة مودة البريدية

نشرة مودة البريدية

هذه نشرة شخصية أكتبها للأصدقاء حول تأملات تلامس سعينا للحياة الطيبة، وأطرح التساؤلات التي تزعجني أو تلهمني للتفكر بها، أنشر يومي الأحد والأربعاء.

التعليقات

جارٍ جلب التعليقات ...

المزيد من نشرة مودة البريدية