نشرة غَيْهَب الدَيْجُور البريدية - العدد #8

6 فبراير 2025 بواسطة غَيْهَب الدَيْجُور #العدد 8 عرض في المتصفح

فتحتُ عيْنيّ على غُرفة ضيّقةٍ كقلبٍ مُحطّم، جُدرانُها مُحاطة بِصَمتٍ ثقيلٍ كقُبورٍ مُحدودةٍ نَافذتها محجوبة بِشرِائط سوداء تحُول دور النُّور عن مُلامسة هذا الجحِيم الداخليّ في زاويةٍ من أركان الغُرفة، تتحركُ ظِلال ببطء تنبثق منها أنغام مُوسِيقى جنازية تتسلّلُ من سماعتِي الصّغيرة؛ نغماتُها ثقِيلة كأنّها تُعزِّف لِوداعي الخاتم، تملأُ أُذني وتُغرِقُني في فراغٍ لا مدى لهُ

آه، ما أبطأ هذا الألمُ الهواءُ فِي الغُرفة ساكِن كأنه يخجلُ من موُاجهةِ هذا الثِّقل الذي يخطفُ نفس المَكان والجُدران تقترِبُ منّي تسْحبُني إليها كجَاذبةٍ إلى أعماق لا أرغبُ في خَوضِها أتنفّسُ بِصُعُوبةٍ،كأن صدرِي امتلأ ِبحجارة العَذابِ، وكل خطوةٍ أخطُوها تتَبَاطأُ بِمرارةٍ لا سبِيل لِلهُرُوبِ من هذا السُّكُون الشّامل

في رُكن ٍآخر من المكان تتَناثرُ الكُتب بعضُها قدِيم وبعضُها حدِيثٌ ولكِن لا شيء مِنها يحمِلُ بصِيص أملٍ كأنها صفَحات مهجُورة جفّت كلِماتُها من شَظَى الفرحِ كُنت أستطِيعُ أن أكتُب شَيئًا ولكِن يداي خانتْنِي في الإمساكِ بِالقلم كأن كل ما فِي داخِلي قد انْسَلم

تطلّعت حولِي فوجدتُ أن كل شيء قاتِم كأن السَّماء فقدتْ ألوانها وأصبَحتِ الأرضُ تتحوّلُ إلى ظِلالٍ باهِتةٍ تتَراكمُ الأفكارُ في رأسِي كطبَقَاتِ من الغُبارِ ثقِيلةٍ لا أسْتطِيعُ تفْكِيكَها وكل فِكرة تنمُو لِتُصبح جبلًا ويثقُلُ جسدِي مع كل لحْظةٍ

أصبح الألمُ رفِيق دربِي الدّائم يُحاصِرُني من كل جانِبٍ دُون مفرّ وكُلما حاولت إِغلاق عينيَّ لِلهُرُوبِ يجِدني الحُزن يتسلّلُ إلى أعماقِي يتفاتحُ حول رُوحِي ويخنِقُها

لا يُوجد هُنا سِوى صمتٍ عميقٍ يبتلِعُ كِياني حتّى أني أُقارب أن أنسَى طعم الهواءِ وكأنني أصبحتْ جُزءًا من هَذا المكانِ جُزءًا مِن هَذا الفراغِ لا وجه لِي ولا صوت إِلا صدى واحِدَا لِلألَمِ

مشاركة
نشرة غَيْهَب الدَيْجُور البريدية

نشرة غَيْهَب الدَيْجُور البريدية

- مرحبًا أنا هُنا لأسرُد حالاتِي المزاجيّة، وفوضى مشاعِري، وأزماتي، وأفكاري، ومساحاتي، وتساؤُلاتِي الطارئة وكلَّ ما ينهبُ إعْجَابي من بُؤرات عميَقة♥️

التعليقات

جارٍ جلب التعليقات ...

المزيد من نشرة غَيْهَب الدَيْجُور البريدية