في صالة المغادرين

بواسطة مريم الهاجري #العدد 45 عرض في المتصفح
بكل شموخ.. وقفت في وداعِكِ.. أخبئُ دمعي وعبراتي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

حيّ الله متابعيّ الجدد، والحاضرين معي دومًا.. حياكم الله وبيّاكم.

حينما تنمو زهور التوليب في ديسمبر، مقاومةً قسوة الطقس، فإنها إنما تنشر الحياة حينما تنثر عبيرها في الأرجاء.. صامدةً أمام درجات الحرارة المتدنية، لتخبرنا أن الحياة -مهما كانت قاسية- ستكون حلوة.. لأنها ليست كالحة ولا شهباء على الدوام، ولا بكل الوجوه.. فالحمدلله.

صورة لحقل زهور التوليب من بنترست

صورة لحقل زهور التوليب من بنترست

اعتاد كثيرٌ من الناس في نهايات العام، أن يراجعوا أهدافهم؛ فيحتفلون بإنجازاتهم.. ويرمقون إخفاقاتهم بشيء من الحزن ممزوجًا بالعتاب، وأحيانًا اللوم.

وأغلب الأهداف هي أهداف مادية مهمة، ومؤثرة في حياتهم، أهداف كبيرة تتعلق بامتلاك البيوت، السيارات، وظيفة الأحلام، الزواج والصحة. وأهداف أخرى مهمة ومؤثرة ولكن بدرجة أقل، نحو: كم كتابًا قرأت؟ وما يتعلق بالوزن المثالي والرشاقة، كم درهمًا جنيت؟ كم بلدًا زرت؟ هل أسعدت نفسك؟ إلخ... هذه الأهداف تُسهم -بلا شك- في أن يحيا الإنسان حياةً كريمةً تليق به..

ولكن.. هل هذه هي أهم الأهداف فعلًا؟🏆

صورة دفتر ملاحظات من بنترست

صورة دفتر ملاحظات من بنترست

إنها تبني بيتك في الدنيا.. ولكن.. ماذا عن بيتك الآخر.. بيتك الحقيقي.. ماذا أعددت له؟ وما هو أثاثه الذي ستؤثثه به، فأنت تجمع أثاثه من الآن.. ماذا اخترت له؟

ماذا عن غذائك الروحي؟

حينما تعتني بصحتك، وتسعى للحصول على الوزن المثالي والغذاء الصحي.. لا تغفل عن أن روحك وصحتك تحتاجان إلى أشياء أخرى.. هي أهم وأثمن وأغلا 🤍

تحتاج إلى نديم تسامر معه الليالي الهادئة.. وتقضي معه الأصبوحات الجميلة.

ماهي حصيلتك من هذه النعم في ختام هذا العام؟

ربما كان حديثًا مجملًا.. دعني أُفصّل لك شيئًا منه.. وهو ما أُوجهه لنفسي معك.. فكلانا يحتاج لمثل هذه المحاسبة.

ما هي إنجازاتك الروحية؟

كيف حال قلبك اليوم؟ هل هو كما بدأ بداية العام، أم أنه -بفضل الله- صار أفضل؟ أم نابته أمراض الغفلة، والقسوة؟

ما هي استعداداتك لدخول الجنة؟

أي شخص عاقل على هذه البسيطة يرغب في دخول الجنة.. وحتى أغلب غير العقلاء.. والسؤال الكبير ذو الحضور المهم:

ماذا فعلت في 2024 يقربك من الجنة؟

  1. ماذا حفظت من كتاب الله.. وماذا تدبرت منه؟ وماذا عملتَ بما علمت منه؟
  2. كيف حالك مع سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
  3. أخبرني عن وضعك مع الصلاة.. بكل بساطة ووضوح اسأل نفسك:

* هل صلاتي بهذه الكيفية تُدخلني الجنة؟

* هل علاقتي بصلاتي بهذه الطريقة تُدخلني الجنة؟

4. هل أنت مُلتزم بتحريم ما حرّمه الله في نفسك وبيتك؟ أم أنك من حزب {إن الله غفور رحيم}؟ انتبه ⚠️ هذا الحزب في خطر إن لم تتداركه رحمة الله فعلًا.. فليس لديه أي ضمانات بأن الله سيرحمه.

5. هل أنت مقتنعٌ من أن استعداداتك لدخول الجنة حقيقية، أم أنها أماني يحفُّها الوهم حتى تُلقي بصاحبها بعيدًا عن أُمنياته للأسف!😖 كم هي قاسية الحقيقة لو شرحتها، لذلك سأصمت هنا.

ما هي إنجازاتك الاجتماعية؟

الإنسان كائنٌ اجتماعي بطبعه، هذا ما درسته في علم الاجتماع في الصف الثالث ثانوي، فمهما أشغلتك الحياة، فأنت ابن بيئتك، تحتاج لتكوين العلاقات، شعرت بذلك أم لم تشعر... في يومٍ ما.. حينما يلُفُّك السكون، ويعُجُّ المكان بالهدوء القاتل في خضم الفوضى المزعجة، ستبحث عنه.. ذلك الشخص الذي يقف بجانبك، يمسك بيدك، ويسند ظهرك.

ثم إن هناك علاقات أنت مُلزمٌ بها، وليست خيارًا.. علاقتك بأسرتك، بقرابتك، بزملائك، بمجتمعك.. هل تتطوّر للأفضل -بما أنك حريص على التطوّر والإنجاز؟- أم بقيت كما كانت بداية العام.. أم انخفضت للأسف أيضًا 😫

تلك الخصومات والمشاحنات و"وقفات الخطّر" -بلهجتنا- هل تستحق منك كل هذا فعلًا 🤔 ذلك الشخص الذي قُطِعَتْ حبال الود بينكما، وأُلقيَتْ في البحر.. ألا تشفع له القُربى بينكما؟ ولا الجيرة؟ ولا الزمالة؟ ولا أُخوّة الإسلام! يقول ﷺ في حديث أبي أيوب

{لا يحلُّ لمسلمٍ أن يهجرَ أخاهُ فوق ثلاث، يلتقيان فيُعرض هذا، ويُعرض هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام}.

كم شخصًا خاصمت في 2024؟ وكم شخصًا صالحت؟ وكم شخصًا من هؤلاء ترغب في استمرار مسيرته على ما هو عليه في 2025؟

اسأل نفسك: هل أخسر الجنة لأجله؟! هل كانت الجنة ثمنًا لخصامه؟!

إننا نُصرُّ على أشياء نحن لا نُدرك حقيقتها وما تؤول إليه للأسف؟

إذن.. فالإنجاز الحقيقي هو:

أن أُحقق كل أهدافي التي رسمتُ في مطلع العام، وأظفر في نهاية العام بإنجاز أهداف روحية ودينية ومادية واجتماعية. أوافق بالتوازي بين صلاح دنياي التي فيها معاشي، وصلاح آخرتي التي إليها معادي؛ أعمل بلا كلل، وأستغفر الله من كل زلل.

نشيد أستغفر الله- أحمد الهاجري

نشيد أستغفر الله- أحمد الهاجري

لقد مضى 2024 بما فيه من آلام وآمال.. أفراحٍ وأحزان.. مولودين ومفقودين -رحمهم الله-.. خسائر وأرباح.. هزائم وانتصارات...

حدّد الآن أهم ما ستقتنيه معك من هذا الراحل.. وستهديه للعام المستهِل.. بآلامه وخيباته.. وكيف ستُعالجها لاحقًا.

بفرحه وانتصاراته.. وكيف ستحافظ عليها وتنميها لاحقًا.

لا تُغفل شيئًا.. ولتبدأ بداية جديدة مختلفة هذا العام.

وتذكر:

أنّ الحياة معلّمٌ صبور.. ستكرر لك الدرس حتى تتقنه!

لا مزيد..🤚

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

لطلب خدمات الكتابة
Nada Abbas1 أعجبهم العدد
مشاركة
عـمـــــــــق

عـمـــــــــق

على سبيل الفضول والبحث والطموح كل اثنين ستشرق "عمــق" بها شيئًا من قناعاتي وقراءاتي وعاداتي كي نرتقي معًا

التعليقات

جارٍ جلب التعليقات ...

المزيد من عـمـــــــــق