تعتمد جودة حياتنا على جودة عاداتنا |
بواسطة مريم الهاجري • #العدد 17 • عرض في المتصفح |
(تعتمد جودة حياتنا في الأساس على جودة عاداتنا). جيمس كلير
|
|
أَسْعَدُ اليوم لأنني أكتب عن موضوعٍ أُحبه، وطالما لمستُ أثره، وتحدثت عنه كثيرًا وفي كل مكان. ومن ثمرات كثرة التفكير فيه، أن وضعتُ لنفسي منهجًا أسير عليه، وأطلقت لأجله #برنامج_عمق_مريم_الهاجري على منصة أكس وتابعتُ المشتركات فيه عبر الواتساب. |
إنني مؤمنة أن للعادات أثر كبير في تكوين شخصية الإنسان، وبالتالي تكوين الفرص أمامه، وكذلك الطريقة التي يعامله الناس بها. |
حينما يولد الإنسان يتأثر بالإرث الاجتماعي الذي يتلقاه منذ نعومة أظفاره، متمثلًا في: |
|
لأجل هذا أوليتُ تلك العادات اهتمامًا حينما وجدت أنني بتغيير عاداتي أتحسن، وأصل إلى أهدافي. والحقيقة أنني لست وحدي؛ بل الجميع؛ ولكن المشكلة أن الناس لا تدرك -أحيانًا- ذلك، وتبحث عن النتيجة والنجاح فحسب دون النظر إلى تأثير عاداتهم القوي في تحقيقهما والوصول إليهما. |
بعد قراءتي لكتاب العادات الذرية لـ جيمس كلير ازددتُ يقينًا بصحة إيماني بتأثير العادات، واليوم سأكتب لك ما أثريت به نفسي من هذا الكتاب، لمساعدتك في تكوين العادات الإيجابية، والتخلص من العادات السلبية. وذلك يساعدك في بناء صورة ذات إيجابية. |
أؤمن بأن التغييرات البسيطة تؤدي إلى اختلافات كبيرة، إذ أنه: |
إذا أمكنك التحسن بنسبة 1% فقط كل يوم على مدار عام، سينتهي بك الحال وأنت أفضل بـ 37 ضعفًا في ما تفعله. وبالعكس، لو أنك صرت أسوأ في ما تفعله بنسبة 1% كل يوم، فسيتدهور بك الحال وصولًا إلى الصفر. فما تبدأ به سواء كمكسب بسيط، أو خسارة بسيطة، سيتراكم إلى شيء أكبر بكثير.جيمس كلير |
ويوضح جيمس كلير في بداية كتابه أن الممارسة الواحدة لأي سلوك، ربما يكون تأثيرها محدودًا جدًا، أو ربما لن يُحدث أي فارق؛ ولكن العبرة بالتكرار، وتراكم المعرفة، فالمعلومة الوحيدة لن تجعل منّا أذكياء وعباقرة، ولكن ما يُغيّر حياتنا بالفعل هو الالتزام بالتعلم مدى الحياة. |
وفيما يسميه كلير "تراكم العلاقات" يوضح أن الناس تساعدنا وقت الاحتياج إذا كان من عاداتنا مساعدتهم دائمًا، فهم يعكسون سلوكنا تجاههم، وحينما نكون لطفاء دائمًا مع الآخرين، فإن ذلك سيؤدي إلى بناء شبكة واسعة من العلاقات القوية. |
إذن فالممارسة المتكررة لأي سلوك، أو فعل بانتظام هي ما يسمى العادات، سواء كانت إيجابية أو سلبية. وفي هذا العدد من النشرة سنرسم بإلهام من كتاب العادات الذرية لـ جيمس كلير خارط طريق لتكوين عادات إيجابية أو التخلي عن عادات سلبية بحول الله. |
جاء في الكتاب: |
كل الإنجازات الكبيرة تأتي من بدايات بسيطة. وبذرة كل عادة تكون عبارة عن قرار واحد بسيط. |
وللمصلح الاجتماعي جاكوب ريز مقولة شهيرة: |
حين أجد نفسي عاجزًا عن إحراز التقدم، أذهب وأشاهد قاطع الأحجار، وهو يضرب الصخرة ربما مائة مرة من دون أن يظهر بها ولو شق واحد. لكن عند الضربة الأولى بعد المائة، تنشق الصخرة، وأعلم حينها أن الضربة الأخيرة لم تكن هي المتسببة في ذلك، وإنما كل ما سبقها من ضربات. |
إننا كثيرًا ما نتساءل عن سبب التسويف فيما نود القيام به! كالبداية في نظام غذائي أو رياضي، أو البدء في الادخار، أو التوقف عن عادة سيئة كالتدخين، أو أي شيء مما نفكر به ونحلم أن نحققه، إلا أننا نجد أنفسنا متوقفين عن القيام به! يقول جيمس كلير: |
كل هدف مقدّر له الفشل إذا سار على نحو يخالف الطبيعة البشرية. |
لذلك علينا أولاً أن نُغيّر سلوكنا لأجل تحقيق أهدافنا وأحلامنا. وإذا أردنا ذلك يمكننا ببساطة أن نسأل أنفسنا هذه الأسئلة التي أوردها المؤلف: |
|
ويمكننا استخدام هذه القوانين السابقة، بصرف النظر عن التحديات التي تواجهها، وما من حاجة إلى استراتيجيات مختلفة تمامًا لكل عادة. مرحى.. إذن هي استراتيجية واحدة تقريبًا لكل العادات والقوانين. فلنبدأ على بركة الله. |
ولكن قبل أن نبدأ، تذكر أخي الفاضل أنه حينما تود تغيير عاداتك يجب أن تكون واعيًا بها قبل ذلك، إذ أن عملية تغيير السلوك تبدأ بالوعي به دائمًا، وذلك لتتمكن من تغيير سلوكك وعاداتك. ولهذا وضع كلير في كتابه 4 قوانين تساعدك على تكوين/ أو التخلي عن العادات التي أنت واعٍ بها وتود في اكتسابها أو التخلي عنها. |
القانون الأول: اجعلها واضحة: |
لا يدرك الناس -في أكثر الأحيان- ما المطلوب منهم فعله تجاه عاداتهم أو أهدافهم، ويعتقدون أن وضع خطة فضفاضة كفيل بوصولهم لأهدافهم، في حين أنهم -ربما لا يصلون- لسبب بسيط وهو عدم وضوح الخطة المتّبعة من حيث التوقيت والمكان، لذلك كثيرًا ما يعتري خططهم التسويف والبعثرة. |
حينما تكون واضحًا في خطتك أو عادتك الجديدة، بشأن وقت ومكان التنفيذ، فبحول الله ستُقدِم على تنفيذها فعلًا، أنت لا تفتقر للتحفيز لكي تبدأ، إنما تفتقر للوضوح في رسم خطتك بشكل دائم، هذه التفاصيل البسيطة لها تأثير كبير على إقدامك على تنفيذ خطتك أو عادتك. |
ولتطبيق هذه الاستراتيجية أكمل هذه العبارة عند رسم خطتك أو عادتك: |
سوف أؤدي [السلوك] في [الوقت] في [المكان]. |
مثال: |
سوف [أذاكر الإنجليزية] لمدة [عشرين دقيقة] في [غرفتي]. |
سوف [أتدرب لمدة ساعة واحدة] في [الخامسة مساءً] في [النادي الرياضي]. |
وهنا بشرى لك، ستكون متحفزًا للقيام بالعادة الجديدة في وقتها المناسب بعد مرات قليلة من تكرارها. |
الصورة المعكوسة للقانون الأول لتغيير السلوك: اجعلها خفية: |
تظل العادة السيئة -مهما حاولنا إخفاءها- مغروسة في أدمغتنا، ومعرضة للظهور متى ما وجدت محفزًا لذلك 😣بإمكاننا إقصاؤها ولكن ليس تمامًا، حتى لو ظلت العادة غير مستخدمة لفترة من الوقت، لذلك يجدر بنا اجتثاثها من جذورها، ويحصل هذا بتقليل تعرضنا للإشارات التي تتسبب فيها أو تذكرنا بها. وعادةً إذا أزلت إشارة واحدة فستنزوي العادة بأكملها. |
ولكي نتمكن من ضبط النفس بعدم الرجوع للعادة السابقة، ومقاومة الرغبة بالعودة إليها، فالأفضل لنا أن نهتم بتحسين البيئة المحيطة بنا، وذلك بجعل الإشارات الخاصة بالعادات الحسنة واضحة، والإشارات الخاصة بالعادات السيئة خفية. |
إن تجنُّب إغراء العودة للعادة السابقة أسهل وأذكى من مقاومته، لذلك فالأشخاص الضابطين لأنفسهم يقضون وقتًا أقل في مواقف الإغراء، معتمدين في ذلك على تحسين بيئتهم المحيطة. |
القانون الثاني: اجعلها جذابة: |
اجعل العادة التي تحتاج القيام بها جذابة لكي يترجح قيامك بها في كل مرة. ومن ذلك ما يعرف بـ "تجميع المغريات" أي اجعل شيئًا مغريًا حافزًا لفعل هذه العادة التي تحتاج القيام بها. |
مثال لهذه الاستراتيجية: |
اجمع بين فعل [تحتاج] إلى القيام به وفعل آخر [تريد] القيام به. |
فلو كنت مندوب مبيعات بحاجة إلى إجراء مكالمات مبيعات وترغب في مشاهدة مباريات رياضية تكون الاستراتيجية: |
بعد أن أعود من استراحة الغداء [عادة حالية] سأطلب ثلاثة عملاء محتملين [ شيئًا أحتاجه]، وبعد أن أطلب ثلاثة عملاء محتملين، سأشاهد المباراة [ شيئا أريده]. |
ومما يجعل العادة جذابة، هو موافقة الآخرين لك، فإذا أردت أن تكون فاعلًا في بناء عادات أفضل فاسعَ إلى الانضمام إلى ثقافة يكون سلوكك المنشود هو السلوك الطبيعي فيها. فهذا مما سيحفزك على القيام بالعادة الجديدة حينما تتكرر أمامك كل يوم من أُناس آخرين يملكون نفس ثقافتك، فتحققون التقدم معًا، ولهذا شعور خاص بالسعادة. |
ولتنفيذ هذه الاستراتيجية انضم إلى ثقافة يكون فيها: |
|
إن وجود المجموعة المماثلة لك في السلوك في محيطك، هو بحد ذاته محفزٌ كبير تتغيّر معه رحلتك الفردية إلى رحلة جماعية، وتعزّز فيه الهوية المشتركة هويتك الفردية، مما يساعد السلوكيات الجديدة أن تدوم على المدى البعيد. |
كيف تستمتع بالعادات الصعبة؟ |
فقط بإعادة البرمجة! قد تتوقع أن هذا مبالغ فيه، ولكن الواقع يثبته؛ فبدلًا من أن تقوم بواجباتك اليومية على أنها واجبات، أنظر إليها على أنها فُرَص! وحينما تتغير نظرتك لها، سيخف الضغط الذي تعانيه عند القيام بعاداتك اليومية والتباطؤ، وستنتقل إلى مرحلة الاستمتاع بها. حينما تصوغ عاداتك، أعد برمجة عقلك لتنبيهه إلى منافع العادات الحسنة -لكي تبدو أكثر جاذبية- فيتحفّز لفعلها. |
مثال: بدلًا من أن تقول لنفسك: "احتاج إلى الركض في الصباح" ستقول: "حان وقت بناء قوة تحملي وسرعتي". هذا التعديل الجميل في العبارة له قدرة كبيرة في مساعدتك على تغيير مشاعرك تجاه عادة معينة، أو موقف معين. |
اربط عاداتك بشيء تستمتع به أو يحقق منفعة. |
معكوس القانون الثاني: اجعلها غير جذابة: |
كما في القانون الأصلي، أعد صياغتك، بإبراز منافع تجنُّب العادة السيئة، وإبراز أضرارها لكي تبدو غير جذابة، فينفر عقلك منها، وتنطفئ جذوة التحفيز تجاهها. |
لكي لا أُطيل عليك نتوقف هذا الأسبوع هنا، على أن نُكمل معًا في العدد القادم بقية القوانين ومعكوساتها. |
أشكرك حيث وصلت معي إلى نهاية هذا العدد، فإن أعجبك فلله الحمد، وإن رأيته مفيدًا فشاركه مع الآخرين كي نتقاسم الأجر. |
وإلى لقاء مفيد في الأسبوع القادم بإذن الله. |
التعليقات