نشرة "فن الكتابة" - يعدها د. ساجد العبدلي - العدد #17 |
| 30 نوفمبر 2025 • بواسطة ساجد العبدلي (طبيب، وكاتب، وناشر) • #العدد 17 • عرض في المتصفح |
|
قد ينجح الكاتب في بناء مقال واضح ومتماسك، لكنه يتعثّر عند اللحظة الأخيرة: الخاتمة.فالخاتمة ليست جملة إضافية تُكتب لأن النص يجب أن ينتهي، بل هي اللحظة التي يُسلّم فيها الكاتب فكرته للقارئ ويتركه معها.في هذا العدد، نتعلّم كيف نصنع نهاية هادئة لكنها قوية، بسيطة لكنها مشبعة بالمعنى.فالمقال الجيد لا يُقاس ببدايته وحدها، بل بالطريقة التي ينطفئ بها الضوء في آخره.
|
|
|
|
النهاية الجيدة لا تُغلق الباب تمامًا… بل تتركه مواربًا للفكرة كي تواصل السير. - فيرجينيا وولف |
|
الخاتمة ليست ملخصًا للنص، ولا إعادةً لجمل سبقت، وليست محاولة متأخرة لإبهار القارئ. |
|
الخاتمة الجيدة تشبه ذلك النفس الهادئ الذي يأتي بعد جملة طويلة: |
|
نفسٌ يتيح للقارئ أن يستوعب الرحلة التي مرّ بها، ويمنحه لحظة صمتٍ يتأكد فيها أن الفكرة وصلت إلى مكانها الصحيح. |
|
الكتابة المبتدئة تُخطئ عادة في نقطتين: |
|
إما أن تُنهي النص فجأة دون تمهيد، وكأن الكاتب أغلق الدفتر على عجل، أو أن تُطيل الخاتمة حتى تفقد معناها، فيغدو الختام استمرارًا بلا ضرورة. |
|
الخاتمة الناجحة تفعل شيئًا واحدًا: تعيد القارئ إلى جوهر الفكرة، لكن بطريقة مختلفة عمّا جاء في البداية. |
|
قد تكون الخاتمة سؤالًا يفتح أمام القارئ تأملًا جديدًا، |
|
أو جملة تُعيد المعنى إلى نقطة هادئة، |
|
أو صورة ذهنية تبقى معه بعد أن يغادر النص. |
|
أتذكر أنني كتبت مرة مقالًا طويلًا عن عادة التدوين اليومي. كان المقال جيدًا في وسطه، لكنّي شعرت أن نهايته باردة. بعد إعادة القراءة، أدركت أن المقال يدعو في داخله إلى العودة… العودة إلى الورقة، إلى الذات، إلى اللحظة. فأضفت في آخره جملة واحدة: «كل ما تحتاجه هو صفحة بيضاء… والبقية ستأتي.» |
|
كانت جملة بسيطة، لكنها حملت روح النص كله. |
|
وهذا هو جوهر الخاتمة: أن تُعيدك إلى قلب الفكرة دون أن تُعيد الجملة نفسها. |
|
الخاتمة ليست مكانًا لشرح جديد، بل لاستقرار المعنى. |
|
لا تحاول أن تقول شيئًا لم تطرقه في المقال، ولا تفتح أبوابًا كبيرة دون ضرورة. فالمقال ليس رواية، والخاتمة ليست فصلًا إضافيًا، بل هي لمسة أخيرة تجعل النص يبدو مكتملًا. |
|
حين تصل إلى نهاية مقالك، اسأل نفسك: هل تركت القارئ مع شيء؟ مع فكرة؟ شعور؟ لحظة صمت؟ إذا حدث ذلك، فقد كتبت خاتمة حقيقية. |
|
🧠 تمرين هذا الأسبوع: |
|
اكتب ثلاث خاتمات مختلفة لنص واحد. |
|
اختر فقرة كتبتها سابقًا، ثم جرّب أن تُنهيها بـ: |
|
|
قارن بين الثلاث، وستعرف أيّ نهاية تمنح نصك أنفاسه الأخيرة كما يجب. |
التعليقات