ما يهم حقاً هو ولادة جديدة لا سنة جديدة🦋⌛️نشرة مرجع التدوين البريدية - العدد #91

 غالية الجهني

يمتلئ الخط الزمني في حسابي على منصة X بالتقاويم الفنية والأمنيات والقرارات والدعوات الطيبة للعام الجديد، مما استدعى إلى ذاكرتي استنكار ميخائيل نعيمة في قصيدته (ندبة رأس السنة) والتي اقتبس منها عنوان المقالة أيضاً :

"ماذا دهاكم يا صحابي؟!                                                    أكُلّ ذلك لأن هذه الكرية الهائمة في الفضاء                          قد أكملت دورةً من دوراتها حول الشمس؟!".

هناك فوضى مشاعر في توديع عام واستقبال آخر - تعتريني أنا على الأقل - تتراوح ما بين حنين للماضي وتوجس من المستقبل يشوبه الكثير من الأمل. إن مَثَلنا مع تعاقب السنين مَثَل طالبٍ في قاعة امتحان سُحبت منه الورقة قبل أن ينهي إجابته، أو يراجعها في أحسن الأحوال.

أعظم السنوات هي تلك التي نغادرها بصحبة دروس وخبرات جديدة، تلك التي تجعلنا نعي أن الأشياء كلها مؤقتة وأن دوام الحال من المحال. إن استشعار كم هو العام طويل ويتسع للأوقات السعيدة مع الأذى الشديد جنباً إلى جنب يملؤني دائماً بالرضا والامتنان. "لا توجد أيام صغيرة" كما يقول كاتبي المفضل موريس ماترلنك.

أشخاص يؤدون رقصة التنين قبل حلول العام القمري الصيني الجديد 

في الثقافة الصينية يعد الاحتفال بحلول السنة الجديدة من أهم وأضخم الأعياد؛ إذ يرمز إلى بداية دورة حياة جديدة. هناك أساطير كثيرة تؤثث أجواء هذا الاحتفال محورها يدور حول التنين الأسطوري نيان (Nian) الذي كان يهاجم القرويين مطلع كل عام قبل أن يكتشفوا خوفه من اللون الأحمر والأصوات العالية والضوء الساطعة. لذلك يرتدي الناس أزياءً حمراء ويشعلون الألعاب النارية ويدقون الطبول كما يزينون منازلهم بالفوانيس الحمراء لتخويفه وإبعاد الأرواح الشريرة. تضمن هذه الطقوس السلام والرخاء للعام الجديد فيما يعرف بتقاليد (عيد الربيع).

مدخل بحثي عن هذا الطقس الصيني يعود إلى إعجابي باقتباس من إحدى قصص الكاتب الصيني كين ليو المنشورة ضمن مجموعة (حديقة الحيوانات الورقية) والتي أصدرتها دار عصير الكتب مطلع هذا العام - ٢٠٢٥ كان عاماً زاخراً بالكتب والإصدارات الجديدة -. أدى هذا الاقتباس إلى أكثر من البحث والقراءة، فقد اقتنيت المجموعة القصصية من معرض جدة للكتاب وبهذا حصلت في آخر العام على ما كان في أوله. أحب القراءة في الأنثروبيولوجيا وكثيراً ما أجد المعاني خلف طقوس الشعوب شاعريةً جداً. يقول كين ليو:

يحيلني الحديث عن الذكريات إلى فلسفة (البطء الواعي) بوصفها ممارسة حياتية تدعو إلى عيش اللحظة والاستمتاع بالتفاصيل الصغيرة قدر الإمكان. يجرد هذا المصطلح البطء من دلالاته السلبية كما يجرد السرعة كذلك من دلالاتها الإيجابية. البطء لا يقتضي الكسل ولا تقتضي السرعة الإنتاجية، والحل السليم يكمن في الإتزان. الزمن مورد محدود ومحاولاتنا الحثيثة في حشوه بأكبر قدر من المهام يؤثر على جودة حياتنا وينعكس سلباً على جميع جوانب صحتنا. لذا يعتبر اتباع منهج العيش ببطء منقذًا لنا من التشتت ومتنفساً من ضغوطات الحياة. كثيرة هي الكتب التي سلطت الضوء على جماليات البطء وأنوي قراءتها السنة القادمة.

الزمن مصطلح فضفاض ومعقد تبعاً لذلك. أكثر ما يثير دهشتي من بين ألغازه العديدة هو إحساسنا المتفاوت به، لماذا يزداد قصراً كلما ابتعدنا عن زمن الطيبين؟. في كتاب مديح البطء يطرح كارل أونوريه نفس التساؤل "نشعر اليوم بضغط الوقت أكثر من أي وقت مضى. لماذا؟ ما الذي يجعلنا مختلفين عن أسلافنا؟" يجيب كارل بأنه قديماً "سارت الحياة وفقاً لما يدعوه علماء الاجتماع (الوقت الطبيعي). فكان الناس ينجزون أعمالهم عندما يرون أن الوقت مناسب، لا عندما تخبرهم ساعة معصمهم بذلك. كانوا يأكلون عندما يجوعون وينامون عندما يغلب عليهم النعاس". تغيرت علاقتنا بالزمن عندما "بدأ وقت الساعة يتفوق على الوقت الطبيعي". عندما اختل "التوازن بين الحركة والمعنى" كما تفسر ميمونة القحطاني في مقالها الحنون (الأودية: ذاكرة اتزان بشري).

على سيرة الأجداد وتعاطيهم مع الزمن، يحضرني نصان بينهما تناص ساحر:                                                                   "في مواسم الأمطار، كان جدي يجفف الحكايات كي نقتات عليها في ليالي الجدب". الشاعر السعودي سعيد معلف

"حيلة قديمة: كان جدي يجفف السنوات السعيدة ليستخدمها في غير مواسمها". الشاعر العراقي ميثم راضي

علينا نحن هذا الجيل أن نستخرج الذهب من إرث سنواتنا الماضية و"نعتبر السعادة مهنة متوارثة، ونتخلى عما بين أيدينا من قصائد حزينة" كما يقول الشاعر الصيني خاي زي.

الواقع أنني لا أملك إلا الاقتباس المتكرر وأعجز عن ترويض قراءاتي المفضلة وكبح اقتحامها أسطر نص أردته شخصياً أكثر. تشكلني الكتب التي قرأتها وترفع صوتها على صوتي، مع هذا سأضع على عاتق السنة الجديدة مهمة خفض منسوب الإستعارة من الغير قبل أن يغرق قلمي في لجتها.

ختاماً، كل عام وأنتم بخير أصدقاء نشرة مرجع التدوين الأوفياء. انتبهوا على أرواحكم وانتهزوا أيامكم القادمة. تخففوا من الماضي كي تفسحوا مكاناً لمغامراتكم المستقبلية. عيشوا اللحظة بزخمها وركودها. اغتنموا وجود أحبابكم واخلقوا معهم ذكرياتٍ طيبة. دمتم بقلوب سالمة وخطوات مسددة كل الأعوام.

◀️📺 تلفزيون مرجع التدوين:

 أبو دفعة 

🔹مدونة "نشرة التشريعات في أسبوع": 

‏قدم لنا عبدالعزيز مشكورًا باجتهاد وإثراء، تلخيصًا لمحاضرة تناولت النظام التنظيمي للأدوية 💊. وتفيد هذه المحاضرة طلاب الصيدلة والطب، والعاملين في القطاع الصحي، والمهتمين بالسياسات والتنظيم الدوائي، وكتّاب المحتوى الصحي، وكل من يودّ فهم رحلة الدواء قبل وصوله للسوق 🥼🚑

🔹 مدونة "يونس بن عمارة ":

‏كيف نتنافس تنافسًا شريفًا بصفتنا كتّاب وكاتبات محتوى؟المنافسة بين كتّاب المحتوى من وجهة نظر الرهيب يونس وجهة نظر مختلفة ومثيرة فعلًا😲

🔹 مدونة "غصن نحو السماء ":

تكتب داليا عن الفقد على شكل (رسائل لن تصل) إلى صديقتها المقربة التي توفيت بعد صراع مع المرض. تكتب عن ذكرياتهما معًا وعن مشاعرها وشوقها لها بعد رحيلها وعن صبرها رغم شدة الحزن.

🔹مدونة "أحمد قربان ": 

‏تدوينة قد تكون مفيدة ل١٪ من العالم رقم٢ – عن الشغف. تختلف مفاهيم الشغف من شخص لآخر، وكل واحد يتفسلف من جهته 😆. لكن أحمد ⁦‪قدّم مفهومه للشغف، وأتفق معه كثيرًا صراحة. اقرؤوا تدوينة أحمد ولا تفوتوها… لأنها ببساطة ممكن تساعدكم تحددون شغفكم وتوصلون له

هل ستكتفي بالمشاهدة لوحدك؟ شارك هذه التدوينات مع المهتمين 🌐

◀️ 🎙️بودكاست العدد:

بودكاست كنبة السبت

حلقة قديمة من بودكاست كنبة السبت لكنني أحببت مشاركتكم هذا العنوان المشرق والمتفائل كفاتحة سنة جديدة مشرقة ومليئة بالنجاحات والمسرات.

متابعة ممتعة ونافعة ✨💡

          كتابة وإعداد: غالية الجهني

            إشراف عام: أحمد قربان

📩للتواصل والإعلان:

[email protected]