نشرة التَّرجُمَان النَّاصِح - فضفضة ترجُمان |
بواسطة علي سعد • #العدد 7 • عرض في المتصفح |
عُدتُ فهل العود أحمد؟
|
|
اقترب الأجل عامًا آخر، وتكاد صيحاتُ التدبير للعام الجديد تصم أذنيَّ ككل عام، فأغلقتُ عليَّ بابي وحملت ذراعي حملًا لأتناول قلمي، فأنشأَت دموعُه تنهمر، يشكوني بنحيبٍ إلى أوراقي: لن أدبر لعامٍ جديد، فذرني حتى ينضِبَ حبري، فلم أعد أحتمل خططَك وأهدافَك ومشروعاتِك ومهامَّك، مللتُ أفكارك وبناتها، وآمالك وطولها. لن أطيعك بعد اليوم في خط الحروف فشطْبِها، وصياغة العبارات فمحْوِها، ونشر المنشورات فمتابعتها. |
أتعبتَني بالرد المنمق على السائلين، وتواضعك الكاذب للمادحين والناقدين. أوجعتَني بترددك في انتقاء الألفاظ التي ترضي هذا وذاك، حتى الآلاتُ كمحركات البحث وما يقال لها خوارزميات جعلتَ لهم علي سلطانًا. وإن زللتُ مرةً سهِرتَ الليل في توبيخي، وإن عثرتُ أخرى أقمتَ الدنيا ولم تقعدها... |
فأبكاني بكاؤه وآلمني ألمه، فرفقتُ بحاله وكفكفتُ دموعه، ودثرتُه بدثاره حتى سكن ونام. |
عذرًا يا قلمي فقد كلَّفتُك ما لا تطيق، فألجمتُك لمّا أردت الانطلاق، وأثقلتُ عليك لمّا أردت الراحة. |
ها أنا أعاهدك في مستقبل هذا العام ألا أعاهد أحدًا على إعمالك لإرضائه، ولا حبسك خشيةَ غضبه، سوى من خلقك وخلقني. |
فإنك لست لسانَ ملَكٍ مقرب ولا نبي مرسَل ولا شيطان مارد، بل أنت لسان عبدٍ ضعيفٍ ظن أنه لن ينطق عن الهوى، فهوى فهويتَ بهواه. |
*** |
فيا رفاقي سأعود لأكتب بعد مصالحة قلمي، ولكن لن أوثرَ أحدًا عليه سوى ربه. |
يا رفاقي لست ترجمانًا ناصحًا لأني قد أتممتُ البناء وحان وقت العطاء، كما أحسن بي الظن مَن أحسن، وأساء مَن أساء. كلا، فالبناء لن يتم هاهنا ولكن في دار القرار. البناء هنا تَصدَعه الأحزان تارةً وتهُدُّه العثرات أخرى، فأهمّ بترميمه فتصيبني ريحٌ عاصف، فأنقطع عنه حتى تسكن الريح، ويهدأ روعي، ثم أعود لأبنيه لبنةً لبنةً، لبنة بفرح ونشاط، ولبنة بتَرَح وخمول، ولن يتم البناء ولا أريد له أن يتم، فتمامه همٌّ ووهم. |
*** |
اعذروني إن أثقلت عليكم كما أثقلتُ على قلمي، ولكني أُلهمتُ بنهاية عامي هذا أن أصدقكم القول بعد هذا الانقطاع، وأن أتحلل من كل عهدٍ أخذته على نفسي فأتعبت به قلمي وأتعبت به نفسي، ولم أخلفه معكم بملكي. |
ولكن أعدكم أن آتي إليكم كلما استطاع قلمي أن يخط ما ينفعكم، أو أراد أن يستنصحكم. قد أطرق أبوابكم مرةً في العام، أو مراتٍ في اليوم. لا يهم كم مرةً نجيء، بل المهم قصد المجيء، وما به نجيء. |
*** |
استنصاح |
أأجيئكم باسم فضفضة ترجمان، أم أظل الترجمان الناصح؟ |
والسلام ❤️ |
التعليقات