نشرة معلومة 101 البريدية - العدد #7

في ليالي الصيف الساحرة، تتراقص اليراعات في الحدائق بأضوائها الخضراء الناعمة، بينما تتفجّر الألعاب النارية في السماء بألوان زاهية تبهر الجميع… فهل تساءلت يومًا: كيف تُنتج الطبيعة والإنسان هذا الجمال الضوئي المذهل؟ دعنا نأخذك في رحلة عبر أكثر الظواهر الضوئية غرابة وروعة! 

اليراعات… مصابيح طبيعية على كوكب الأرض! 

اليراعات (Fireflies) ليست مجرد حشرات متلألئة، بل هي خنافس مضيئة، بل هي أساتذة في الكيمياء الحيوية! مستخدمة واحدة من أكثر العمليات الكيميائية إبداعًا في الطبيعة، والتي تُعرف بـالإضاءة الحيوية (Bioluminescence)، حيث تدمج مادة اللوسيفيرين (Luciferin)، -والتي تتواجد في الطرف السفلي من بطنها- مع الأوكسجين بوساطة إنزيم اللوسيفيراز (Luciferase)، لتنتج ضوءًا دون حرارة.

 الكيمياء وراء هذا التفاعل يحدث عندما يتفاعل مادة اللوسيفيرين مع الأوكسجين، ينتج جزيء غير فاعل يُسمى الأكسي-لوسيفيرين (Oxyluciferin)، وتصدر عن هذا التفاعل ومضات ضوئية بين الأصفر والأخضر، بلون يُشبه الفستق!

اليراعات لا تضيء فقط من أجل المتعة، فوظيفة هذا الضوء الأساسية هي التواصل والتزاوج، حيث يرسل الذكور إشارات غزل ضوئية للإناث، وعندما ترى إناث اليراعات التسلسل الصحيح، أو إذا أعجبها "العرض الضوئي" تقوم بالرد بومضاتها الخاصة.

الجدير بالذكر إن الذكور فقط هم من لديهم القدرة على الطيران، أما الإناث فيبقين على الأشجار في انتظار تلك الإشارة المناسبة.

لكن هل تعلم؟ كل نوع من اليراعات له نمط ومضات مميز، فليست جميعها تضيء بنفس الطريقة؛ فبعضها يُصدر ضوءًا متقطعًا، بينما يصدر البعض الآخر ضوءًا مستمرًا. بعض الأنواع تستخدم الضوء للتحذير من السُمّية، وليس فقط للتزاوج! . 

الضوء كوسيلة للبقاء

تُعد اليراعات من أشهر الحيوانات الليلية (Nocturnal Animals)، أي الكائنات التي تنشط ليلًا. ولأن الرؤية تكون شبه معدومة في الظلام، تعتمد هذه الكائنات على قدرات حسية خارقة، أو كما في حالة اليراعات… تُضيء عالمها بنفسها!

ليست اليراعات وحدها من تستخدم الضوء كوسيلة للبقاء، فهناك العديد من الكائنات التي تنتج الضوء لهدف البقاء أو الدفاع: فمنها قناديل البحر (Jellyfish) التي تُضيء لتخويف المفترسات أو لجذب الفرائس، وهناك سمكة الصياد (Anglerfish) التي تستخدم مصباحًا حيويًا فوق رأسها لصيد فريستها في أعماق المحيطات، وهناك أيضًا الدودة المتوهجة (Glowworms) التي تنتج خيوطًا مضيئة لجذب الحشرات لتقع في فخها.

هذه الإضاءة الحيوية تكون دائمًا أداة للبقاء، التزاوج، أو الصيد، وتحدث بأعلى كفاءة دون فقدان حرارة.

الألعاب النارية: إبداع الإنسان في استخدام الكيمياء

الألعاب النارية (Fireworks) التي تملأ السماء بألوان مذهلة في المناسبات والأعياد، يعود السر لتلك الألوان الزاهية إلى المركبات الكيميائية التي تحترق داخل كل قذيفة. فاللون الأزرق يعود إلى مادة النحاس (Copper)، أما اللون الأحمر الغامق يعود إلى مادة السترونتيوم (Strontium).

واللون الأصفر بسبب مادة الصوديوم (Sodium)، واللون الأخضر المشرق يعود إلى الباريوم (Barium)، ويُستخدم الألومنيوم (Aluminum) لإضافة الومضات الساطعة والشرارات الفضية 

ولتصنيع ألوانًا جديدة نقوم بخلطات ذكية من المواد المختلفة مثل اللون البرتقالي، والذي هو خليط من مادتي السترونتيوم (Strontium) والصوديوم (Sodium)، أما اللون الأبيض الفضي فهو خليط ثلاثي من مواد المغنيسيوم (Magnesium)، التيتانيوم (Titanium)، الزركونيوم (Zirconium)، أما اللون البنفسجي الفاتح أو الخزامي، فهو خليط من مادتي النحاس (Copper) و السترونتيوم (Strontium).

وحتى شكل الانفجار يتأثر بطريقة رص الكريات الكيميائية داخل القذيفة!

معلومات إضافية ممتعة:

• اليراعات لا تصدر حرارة أثناء الإضاءة، فهي تستخدم ما يُعرف بـ "الضوء البارد" بكفاءة تفوق المصابيح الكهربائية!
• بعض الألعاب النارية الحديثة تُستخدم فيها مركبات صديقة للبيئة لتقليل أثر الغازات السامة.
• يوجد نوع نادر من اليراعات يُمكنه إصدار ضوء أزرق بدلاً من اللون الأخضر المعتاد.

ترقبوا المزيد من القصص المدهشة و الحقائق العلمية الممتعة من أعماق الطبيعة في النشرات القادمة! تابعونا.

المصادر:

Fireflies | National Geographic | National Geographic

Names and Functions of Chemical Elements in Fireworks