الإرتباك سمة العصر - العدد #53

بواسطة احمد ابوطالب #العدد 53 عرض في المتصفح
 كيف يمكن لي تحقيق رغباتي وأهدافي وتحقيق السعادة؟

إن أكثر ما يشغل الإنسان في هذا العصر هو الإجابة على السؤال التالي: كيف أحقق رغباتي وأهدافي وأرفع من منسوب السعادة في حياتي؟

وللإجابة على هذا السؤال تبدأ رحلة البحث عن كيفية وضع قائمة من الأهداف للبدء في رحلة تحقيقها سواءً كانت هذه الأهداف مكتوبة أو محفوظة في عقلك.

في العصر الرقمي، أنت تحمل الجوال المرتبط بالإنترنت 24 ساعة، وتتفقد هاتفك بمعدل 344 مرة في اليوم باحثاً عن خبر، أو معلومة، أو حتى مجرد قضاء وقت في شبكات التواصل الإجتماعي، أو قضاء بعض الوقت في اللعب.

كلما انغمست في تصفح شبكات التواصل الاجتماعي ستجد خبر لنجاح أحد الأشخاص في مشروع قام به، أو مقاطع لأحد المشاهير الذي يعرض عليك سفرياته المستمرة لأجمل بقاع الأرض، او آخر يعرض عليك ما قام بشراءه من أشياء ثمينة وغريبة، أو بعض الأخبار المزعجة. هذا بالإضافة إلى بعض الرسائل المختلفة على "واتساب" سواء من أحد أفراد العائلة، أو الأصدقاء، او العمل.

خلال تفقدك لهاتفك بهذه الطريقة ستنتابك مجموعة من المشاعر المختلطة والمشوشة. مشاعر مثل الحسد أو الغيرة او الحسرة أو الحماسة أو القلق أو التأنيب أو الفرح. وتبدأ أفكاراك وخيالاتك تأخذك في رحلة مقارنة حياتك مع كامل مجموع تفاصيل حياة الناس في شبكات التواصل الإجتماعي.

المشكلة أنك لا تقارن حياتك مع شخص محدد او حالة محددة، بل تقارن نفسك مع كل من تتابعهم وتسمع أخبارهم دون ان تشعر، تقارن نفسك مع مجموعة من الناس والأحداث. وبذلك مهما كنت ناجحاً في بعض مجالات حياتك فلن تشعر أبداً بالرضا، وهنا تضع حياتك في ضغط نفسي رهيب جدا.

ومع كل هذا الضغط فأنت تقف في حيرة لأنك تشعر دوماً أن هناك المزيد من الجهد والسعى مطلوب منك لتلحق بمن حققوا نجاحات أقوى منك. وتصبح في حالة دائمة من التساؤل: ماذا عليّ ان أضيف لقائمة أهدافي؟ ما هو المزيد الذي يجب علي عمله؟

هل أضع هدف السفر لتلك الدولة التي سافر لها المشهور فلان؟ أم أشتري تلك الأشياء التي اشتراها المشهور علان؟ أم أحاول رفع اعداد المتابعين كما صديقي الذي لديه 50 ألف متابع؟ أم أرغب بأن يكون لدي مشروع ريادي يتلقى استثمرات مليونية؟ أم أبحث عن وظيفة أقوى من التي انا فيها؟ أم أتزوج كما فعل صديقي الذي حضرت فرحه البارحه؟ أم أشتري سيارة جديدة كما فعل زميلي في العمل؟

ماذا أفعل بالضبط؟ ما الذي أضيفه لقائمة أهدافي؟ من أنا وماذا يجب أن أحقق؟

كل تلك الأسئلة تثار بشكل ملح عشرات المرات خلال اليوم الواحد في كل مرة تغوص فيها داخل منصات شبكات التواصل الإجتماعي وغيرها. فترتفع معها حدة الارتباك في مشاعرك دون أن تدرك سبب هذا الارتباك المستمر في حالتك المزاجية والنفسية.

وهذا الإرتباك يسبب تحديات على المستوى النفسي والجسدي بسبب الاضطراب في افراز هرمونات الجسم بطريقة غير متوازنة نتيجة للاستثارة التي تحدث لك أثناء تصفح الهاتف بشكل مستمر طوال اليوم.

الإرتباك سمة العصر!

كل شيء حولك مرتبك وهي سمة العصر الرقمي الذي نعيش فيه.

الإقتصاد من حولك يعيش مرحلة من الإرتباك والغموض والتغيرات العالمية سريعة جدة ومربكة وفيها درجة عالية من الغموض وعدم اليقين.

أهدافك مرتبكة، ما تريده من الحياة مشوش وغير واضح، في كل لحظة تشعر أنك تريد شيء من الحياة، ثم بعد ذلك تكتشف أنك تريد شيء آخر، وهكذا كل يوم.

تمضي الأيام وتزداد حدة الإرتباك في حياتك، لا شيء يتحقق من أهدافك المشوشة، ولا تدري أساساً إذا كنت تريد تحقيق هذه الأهدف أم لا.

ترتفع حدة التوتر والقلق مع كل هذا الارتباك. ومشاعرك تتعرض للفوضى وعدم الاتزان كل يوم وأكثر من مرة خلال اليوم،  ومعها تفقد البوصلة لأنك لم تعد تدري من أنت ولا تدري ماذا تريد من هذه الحياة.

فهناك كم هائل من المعلومات، والفرص، والتحديات، وبعضها يكون متناقض. هناك خيارات لطرق كثيرة يمكن لك أن تسلكها، ومع ذلك هناك خوف وحيرة أي طريق تختار؟

هل أذهب في هذا الإتجاه أم ذلك الإتجاه؟ وكل وجهه لها مؤيدوها الذين يتطرفون في تجميل وجهتهم ويريدون لك أن تمضي في الوجهه التي اختاروها هم.

ثم تجد نفسك تتسائل: أي الطرق هو الاختيار الصحيح؟ ماذا لو كان الطريق الذي اخترته خاطئاً؟ ماذا يجب عليّ أن أفعل؟ إلى أين أتجه؟ أي طريق سأحقق فيه أهدافي وأجد فيه السعادة؟

وكل هذه الأسئلة تزيد من حدة التوتر والقلق وقد تقود إلى نوع من اليأس أو الكآبة. وهذا يكون بسبب الإحباط والعجز الذي قد تشعر به مع تعدد الخيارات وارتفاع حدة الغموض وعد القدرة على التركيز لتحقيق أهدافقك.

شاركني آراءك

أرجوا منك إذا وصلت إلى هنا أن تشاركني رأيك في ما وصفت لك هنا في هذه النشرة.

هل تتفق مع ما كتبت هنا، أم تريد أن تزيد عليه، أم تختلف معه ولديك أفكار أخرى؟

أنتظر ردك، وأتمنى لك يوماً سعيداً.

أحمد أبوطالب

مشاركة
نظام التخطيط العبقري

نظام التخطيط العبقري

المخطط التقليدي لديه أهداف ويخطط ولكنه لا يحقق ويشعر بالقلق واللاجدوى وغير راضي عن حياته. مع "نظام التخطيط العبقري" ستتحول إلى المخطط العبقري الذي ينجز بشغف وانغماس، ولديه تركيز عالي ويعيش حالة من الرضا.

التعليقات

جارٍ جلب التعليقات ...

المزيد من نظام التخطيط العبقري