شـامـل | سوريـــــــــا عــــــام مـــــــن الحريــــــــة | العدد #45 |
| 8 ديسمبر 2025 • بواسطة أحـمـد الحـجـيلـي • #العدد 45 • عرض في المتصفح |
|
في فجر الأحد، الثامن من ديسمبر عام 2024، بات جليًا للسوريين وللعالم أن هناك قائدًا جديدًا بات قريبًا من قصر الشعب في دمشق، قائد ارتبط اسمه سابقًا بإدلب، وكان الخصم والمطلوب الأول لحلفاء النظام السابق. هذا القائد يصهو على جواده من الشمال ليعكس وجه بلاده نحو الغرب، ومنذ اليوم الأول أصبح الحاكم الفعلي للبلاد والبوابة السياسية التي ستفتح سوريا للعالم.منذ وصول القائد العام لإدارة العمليات العسكرية، الرئيس السوري الحالي أحمد الشرع، وإلقائه خطابه الأول بعد التحرير في الجامع الأموي، الذي شاهده العالم من شرقه إلى غربه، تم إيصال عدة رسائل، أبرزها أن العمق الأموي بأغلبيته السنية عاد ليحكم موروثه الممتد لأكثر من ألف وأربعمئة عام، ويضع سياسة وطنية تتناسب مع عمق بلاده واستراتيجيتها العليا، التي لا تنفصل عن باقي الشعوب والدول في الشرق الأوسط. الشعب السوري، الذي ذاق ويلات النفوذ الإيراني، هو الأكثر حرصًا على منع عودته.من هذا النصر، الذي خطه الرئيس الشرع عند تنصيبه في مؤتمر النصر مطلع 2025، اختار من الرياض الوجهة الأولى التي يصبو إليها، كترسيخ للعمق العربي والجدار السني الذي تم إعادة تشييده لردع الأطماع الإيرانية واستغلال الثغرات للنمو مرة أخرى.
|
|
|
تجفيف منابع النفوذ الإيراني |
|
من أهم الإصلاحات التي اتخذتها الحكومة السورية إسقاط الجنسية عن آلاف المجنسين بعد عام 2011 من الإيرانيين والعراقيين واللبنانيين، الذين كانوا جزءًا من مشروع تطهير عرقي صُمم منذ عام 2012 لتهجير الأغلبية السنية من سوريا، وهذا ما تم فعليًا. استهداف الملايين وتهجير 14 مليون سني إلى دول العالم كان مخططًا وليس عشوائيًا، إذ أدركت إيران أنها ستخسر المعركة ما لم يتم تهجير السنة. |
|
الحل كان استبدال هؤلاء المهجّرين بسكان مزدوجي الجنسية ليستولوا على الأملاك ويكونوا عائقًا أمام أي محاولة لطمس المشروع الإيراني. إسقاط الجنسية، وترحيل هؤلاء، وتجميد أصولهم وممتلكاتهم إلى حين التحقيق فيها، كان أحد أهم الإنجازات بعد التحرير. |
خطوات نحو التعافي الاقتصادي |
|
سعت الحكومة السورية إلى جذب الاستثمارات العالمية، بالتوازي مع دعم خليجي لتعافي البلاد والنهوض من تحت الركام، رغم المشاكل المستمرة في السويداء، والضربات الإسرائيلية، واختلاف وجهات النظر مع "قسد" التي تسيطر على أهم ثروات البلاد النفطية. |
|
تمكنت الحكومة من ضبط الموارد الذاتية والمساعدات وتصريفها في مكانها الصحيح. ورغم الضغوط الشعبية المتعلقة بسرعة إزالة المباني المتضررة وإعادة الإعمار، استطاعت الحكومة تحقيق تعويض جزئي عبر جمع التبرعات لكل مدينة، وزيادة الرواتب بنسبة 400% مقارنة بزمن النظام السابق، وزيادة ساعات الكهرباء لتصل إلى 24 ساعة دون انقطاع. هذه الإنجازات ساعدت على ترشيد طموحات الشارع لتتوافق مع الإمكانيات المتاحة. |
|
جوهر النجاح ليس في تحقيق الكمال، بل في العمل بما هو ممكن؛ فالوضع السوري، بعد أكثر من ستين عامًا من الأزمات وأربعة عشر عامًا من الجرائم، يتطلب منطق "المكنسة التقليدية" في إدارة الأزمات بدل الاعتماد على حلول سحرية. |
سوريون يحتفلون في ساحة الأمويين في دمشق |
سوريا لاعب على المسرح العالمي |
|
منذ الأيام الأولى، سعت المملكة العربية السعودية والدول الصديقة لدعم سوريا في المحافل الدولية، لما سيترتب على عودتها من إعادة تموضع ومواجهة الانقسامات التي تسببت بها سياسات النظام السابق، وخاصة استغلال المليشيات الإيرانية للأراضي السورية في إنتاج المخدرات، والتي لطالما كانت تصدر إلى دول الخليج عبر النظام السابق و"حزب الله"، محققة أرباحًا ضخمة لدعم قواته. |
|
بعد التحرير، باشرت القيادة السورية الجديدة هدم المصانع ومنع أي عودة لتجارة المخدرات. وسعى السعوديون بجدية لرفع العقوبات عن سوريا لدعم تعافي الاقتصاد ومواكبة التجارة العالمية، وهو ما تحقق جزئيًا أثناء حديث الرئيس الأمريكي في الرياض، الذي أشاد بالجهود السعودية، مما يعكس مكانة الرياض الإقليمية والدولية كشريك مهم لتحقيق الأمن والتقدم الاقتصادي في الشرق الأوسط. |
سوريا بين التحديات والآمال |
|
ختامًا، رغم الإنجازات، لا تزال التحديات قائمة في جنوب سوريا وشمال شرقها، ما يثير قلق دمشق. فدمشق اليوم بحاجة إلى دعم عالمي لمواجهة الانتهاكات الإسرائيلية، إلى جانب استمرار تعثر المفاوضات مع تل أبيب، مما يؤخر إنهاء النزيف المجتمعي الذي يعاني منه الشعب السوري. اتفاق العاشر من آذار لا يزال في حالة تذبذب بين الحكومة السورية و"قسد"، فيما يحاول فلول النظام السابق في الساحل استغلال الفرص لإحداث فوضى أو التواصل مع الخارج. |
|
العلاقة مع روسيا تتسم بالحذر، فيما تسعى دمشق لإقناع موسكو بمحاسبة بشار الأسد على جرائم الحرب. كل هذه المسارات العالقة تبقى رهينة الظروف الراهنة، ويأمل السوريون أن يكون العام القادم ألطف، وأن يتحقق لهم الاستقرار الذي حلموا به لسنوات، فاليوم يطل بصيص أمل أقوى من أي وقت مضى. |



التعليقات