شـامـل | سوريا في الأيام العشر العظام | العدد #44 |
| 2 ديسمبر 2025 • بواسطة أحـمـد الحـجـيلـي • #العدد 44 • عرض في المتصفح |
|
في فجر السابع والعشرين من نوفمبر/تشرين الثاني 2024، شهدت سوريا مرحلة فارقة في تاريخها الحديث، لحظة خلدتها الذاكرة السورية والشرق الأوسط بأسره. شعب عاش معاناة طويلة وصبر على الصعاب، لكنه أظهر قوته وصلابته حين حانت ساعة التحدي. هذه العشر أيام لم تكن مجرد فترة زمنية، بل كانت مدرسة في الصبر، واختبارًا للحكمة، ودليلًا على أن الظلم مهما طال، لا يدوم، وأن الله تعالى لا يترك من يسعى للحق والعدل دون نصرة ونجدة.في هذه الأيام سُطر تاريخ جديد، يبرز عمق الانتماء للأرض، ووفاءً للهوية، وحرصًا على الكرامة والاعتزاز بالموروث. هذا الشعب الذي حافظ على كرامته على مر العصور، يكتب اليوم فصلًا جديدًا من المجد، يوازي مجد أسلافه، وسيظل هذا المجد خالداً في كتب التاريخ، شاهدًا على صمود أمة لا تتنازل عن قيمها ومبادئها مهما كانت التحديات.
|
|
|
لماذا يتأخر الأمر؟ |
|
الإنسان بطبعه عجول، يريد أن يرى ثمار جهده بسرعة، لكن التأخير أحيانًا يحمل معه حكمة بالغة. لو تحققت الأمور بسرعة، لما وصلت سوريا بعد هذه المرحلة إلى ما هي عليه اليوم من صلابة واستقرار. التأخير لم يكن عقابًا، بل فرصة للنضج، وبناء قدرة على اتخاذ القرار بشكل واعٍ ومدروس، وتحويل التحديات إلى خطوات ثابتة نحو المستقبل. |
|
هذه الأيام أثبتت أن الصبر والمثابرة والتفكير السليم هما أدوات البناء الحقيقية، وأن العمل الدؤوب على مدار سنوات لا يضيع، بل يثمر في الوقت المناسب. كل لحظة صبر فيها الإنسان كانت تمهيدًا لمرحلة أكثر قوة وثباتًا. |
العبرة من هذه العشر |
|
أراد الله عز وجل أن يذكر عباده في هذه الأيام بأن القوة الحقيقية بيده، وأنه يقيم الأمور وفق حكمته. العبرة واضحة: من يظن أن الأرض أو الظروف تحت سيطرته المطلقة، سرعان ما يختبر حدود قدراته، وأن الثبات والانتماء والعمل الصالح هما مفتاح النجاح. |
|
تلك الأيام تعلمنا أن الإنسان القوي ليس من يمتلك السلطة أو المال، بل من يحافظ على قيمه، ويصبر على الصعاب، ويعمل بإخلاص، ويحرص على أرضه ومجتمعه. فالحق والعدل دائمًا ينتصران، مهما طال الطريق. |
|
حلب جوهرة الشمال |
|
حلب، قلب الشمال وجوهرة سوريا، كانت محور هذه المرحلة التاريخية. سقوطها في 2016 شكل مرحلة صعبة على السوريين، لكنها لم تثنهم عن العزم والاستمرار. فقد عمل الناس بجد، نظموا أنفسهم، وأعادوا بناء مؤسساتهم وأنفسهم في إدلب، لتكون حلب اليوم بعد التحرير رمزًا متقدمًا وقادرة على التعافي مقارنة بغيرها من البلدان التي من الصعب عليها أن تشفى حتى بعد سنوات. |
|
هذه العودة لم تكن مجرد حدث، بل درس واضح لكل من يسعى لتحقيق أهدافه: أن الالتزام بالعمل والاهتمام بالأسس الصحيحة والانتماء الحقيقي للأرض هما ما يصنع الفرق وإن كل الجذور التي غرست في إدلب أثمرت اليوم في كافة محافظات سوريا. |
الدروس الخالدة |
|
هذه الأيام العشر تركت دروسًا لن تُنسى، فقد أثبتت أن الصبر والمثابرة والإيمان بالقدرة الإلهية، والانتماء للوطن، والعمل المستمر، هي مقومات النجاح الحقيقي. فالظلم والفشل مهما طال أمدهما لا يدومان، والحق دائمًا ينتصر لمن يسعى له بإخلاص. |
الخاتمة |
|
إن هذه الأيام العشر العظام ستظل خالدة في ذاكرة السوريين، دليلًا على أن قوة الإنسان لا تُقاس بما يملك من مال أو سلطة، بل بما يمتلكه من صبر وعزيمة وإخلاص وانتماء. حلب، وكل سوريا، تظل جوهرة مصونة، شاهدة على صمود شعب يثابر من أجل وطنه، وعلى دروس خالدة في الإيمان والعمل والصبر، دروس ستظل حيّة في ذاكرة التاريخ وتلهم الأجيال القادمة. |



التعليقات