دردشة مدرسية : (1) هل صحيح بأن وكيل المدرسة يتبطح ؟!

بواسطة محمد #العدد 5 عرض في المتصفح
قضية أزلية يكثر النقاش فيها .. أحببت أن أسلط الضوء عليها بحديث طريف أرجو ألا يغضب أحدا وأن تتسع الصدور له. 

دردشة مدرسية : (1) 

هل صحيح بأن وكيل المدرسة يتبطح ؟! 

إذا كنت معلما أو إداريا فلابد أن تكون قد مرت بك هذه القضية بل حتما مرت بك كثيرا ، هذا قضية أزلية وستظل كذلك ، الصراع فيها قديم ويبدو أنه سيظل كذلك ، لا لأن الأمر شائك وصعب ومحير ، بل لأنه لا أحد يريد أن يقول الحقيقة ، لا أحد يريد أن يكون صريحا ، الحقيقة كاشفة والصراحة قد تكون فاضحة ، وأما الصدق فلانريد الحديث عنه فلو وجد لماتت القضية في مهدها .. وعاش الجميع بسلام لكن هناك ما يشوب الأجواء العليلة .. شيء من عدم الارتياح ، شيء من عدم العدل ، شيء من التعجب .. ! خاصة عندما تطرح هذه الفضية وتتعالى الأصوات، كل يدافع عن نفسه .. والفائز من يثبت أنه في شقاء وعناء وأنه يتمنى لو عاد معلما .. لكن العجيب أنه لايعود 😂 

يبدو أن جواب السؤال بدأ يتضح ونحن مازلنا في المقدمة .. وهذي مشكلة القضايا الواضحة حينما يكون الطرف الآخر غير مقتنع بها ولايريد أن يفهم، فيأخذك بالحديث يمينا وشمالا لتوضح أمرا واضحا .. 

المهم لا علينا .. نعود للقوم أصحاب القضية والصراع القديم الجديد .. ذا معلم وذا وكيل وذا موجه طلابي وذا رائد نشاط .. وكل واحد منهم إذا تقابلوا بكى وتباكى وتمنى مكان صاحبه ، واشتكى الألم والوجع، ثم قال نحن نعاني ونتعب ونذهب ونجيء وووو وأنتم لا شيء عندكم سوى الحصة .. والحصة فقط ..! وهنا يبدأ الكذب والروغان وهنا ينتهي لأنه يفر بعدها ولايكمل نقاشه ..

حديثنا في هذه الدردشة المدرسية عن هذا الأمر وأرجوك خذني بلطفك ولاتتشنج ولاتغضب ولاتفر أيا كنت معلما فارغا أو وكيلا مشغولا .. فالأمر يسير ، هي دردشة وشيء من الكلام نتعلل به ونقطع به الطريق .. هي سواليف عابرة وآراء قابلة للنقاش .. هب أننا في مقهى من مقاهي الشاي التي انتشرت مؤخرا .. وبجانبنا عدد من الشباب والفتيات ! عفوا وما الذي يجيء بالفتيات في مقهى للشاي! نساء في مقهى للشاي ! فعلا هذا سؤال محير جدا جدا لعلنا نطرحه لاحقا في دردشة خاصة به ،

 المهم أننا في المقهى نتجاذب أطراف الحديث ثم تساءلنا من المشغول حقا : الوكيل أم المعلم ؟ وهل الوكيل فعلا يتبطح ؟ ولا شغل لديه يستحق التعب ؟ 

لكي نجيب لابد من معرفة المهام والواجبات لكل منهما وخاصة على أرض الواقع ، لاتحدثني عن أوهام أو أحلام أو حبر على ورق .. ثم تتعلل بها وتتباكى عليها .. لدى المعلم تحضير وتصحيح ورصد ومتابعة وحصص تتراوح بين ١٨-٢٤ يظل في أغلبها واقفا يشرح ويكتب ويربي ويحتمل الأذى والأزعاج من الطلاب وكثرة عددهم واختلاف طبائعهم .. 

وأما الوكيل فلديه رصد الغياب ومتابعة الفصول الفارغة واستقبال الإحالات من المعلمين ..

وماذا غير ذلك-في الواقع-؟ 

ماسبق يحتاج لتأمل عدة مرات مع وضوحه ، وليس المقصد هضم حق أحد أو التقليل من شأنه لكن نريد أن نقول لا مقارنة البتة بين المعلم وبين غيره سواء كان وكيلا أو مديرا أو موجها طلابيا أو رائد نشاط .. كلهم لايمكن أن يعملوا مثلما يعمل المعلم ، وكلهم لايتعب مثلما يتعب المعلم ، وكلهم غالبا مرتاح في مكتبه إلا المعلم من حصة إلى حصة ومن درس إلى درس ومن تصحيح إلى تحضير إلى رصد حتى إذا وجد حصة فراغ جلس ليرتاح ويشرب شيئا يرطب فمه وحلقه بعد الشرح والصراخ .. حينها يحسدونه فيعطونه حصة انتظار ! أو يأتون عنده ليتباكوا ويتمنوا أن يكونوا معلمين مثله ليهنؤوا بهذه الشربة وهذه الجلسة .. علما بأنهم غالبا في مثلها من أول النهار إلى أن يدق جرس الخروج .. فماذا يريدون أكثر من ذلك ولماذا يجحدون النعمة التي هم فيها ولماذا التباكي من حين إلى حين .. ارفقوا بأنفسكم أيها الفضلاء .. 

ولو سألتني لماذا الوكيل يظل مشغولا طوال النهار يمشي يمنة ويسرة ويصعد وينزل وأنت تقول بأنه فارغ ولا شغل لديه ؟ فالجواب بأنه يفرفر لأنه فارغ لا جدول لديه ولا عمل منضبط ولا شغل منتظم بوقت محدد ! ليس لديه منهج موزع مطالب بإنهائه حسب الخطة، وليس لديه أشغال مرتبة لها وقت معين، ولو سألته صباحا ماذا تفعل؟ لقال لك : أجمع الغياب، ولو سألته بعد ساعتين نفس السؤال لأعاد نفس الجواب وربما لو سألته بعد أربع ساعات نفس السؤال لأعاد نفس الجواب .. والعجيب بل الأعجب أنه قد ينتهي الدوام ولم يكمل أخذ الغياب !  ألم يمر بك ذلك ؟! ألم تشاهده يحل قضية بين طالبين ويظل كذلك طوال النهار .. ثم في النهاية يطلب منهما الذهاب للفصل وربما ردد في نفسه أو فيمن حوله : ( يا أخي! هؤلاء المعلمون أتعبونا وأشغلونا بإخراج الطلاب !) أعد المشهد ولاحظ أنه لم يتحمل طالبين لدقائق معدودة ! ويلوم المعلم الذي يتحملهم ويشقى بهم ومعهم طوال النهار فلله در المعلم ..!

نعود لحضرته .. ثم تراه أحيانا ربما يخرج من مكتبه ليصرخ هنا وهناك ثم يعود لمكتبه ثم يخرج ليصرخ ثم يعود .. حسنا لا شيء بعد ذلك .. أكرر بأنه ليس تقليلا من أحد لكن نريد أن نحكي الواقع وأن نحل هذه القضية الأزلية التي تكثر فيها الدموع .. نحن لانتحدث عن وكيل فاضل يعمل باحتراف ويقوم بجميع المهام والواجبات ويسعى بخدمة زملائه المعلمين وتيسير أمورهم ويتواصل مع الأولياء ..

 لا ، حديثنا عن الواقع المعروف والوضع الغالب في كثير من المدارس .

فضلا لو طلبت من النادل أن يعطينا كوبا إضافيا من الشاي فقد طال الحديث .. 

حسنا.. وما باله يتمنى في كل مجلس مع المعلمين أن يعود معلما مثلهم وربما سالت منه بعض الدموع وهو يرجو ذلك مكررا أنهم مرتاحون .. لماذا يفعل ذلك؟  فالجواب أن هذه دموع التماسيح 🐊  ولو أراد حقيقة لفعلها في لحظة وعاد معلما ولا أريد أن أكون صريحا أكثر من ذلك ،

بل كن صريحا وتحدث ما دمت فتحت الباب ! حسنا هو لايريد ، هو لايرغب ، هو لايحب أبدا ، هو يتبطح كما في العنوان ، هو لايريد حصصا ولا دخول فصل ولا طلابا ولا تصحيحا ورصدا وشقاء .. هو مرتاح فلماذا كل هذا العناء !؟ واعذرني فأنت من طلب الصراحة وللصراحة ثمن وربما لها ألم .. وفي نهاية المطاف لابد أن يقال : في كل خير وكل واحد يكمل الآخر ويتممه ويعينه وكل إذا احتسب واجتهد وحرص على نفع أبناء المسلمين فهو على ثغر أيا كان عمله ومكانه .. فليتذكر ذلك وليحرص عليه. 

والمقصد المهم أن يعرف للمعلم قدره وأن يثمن جهده وتعبه وأن يعان على عمله وأن تلتمس له المعاذير ويحسن الظن به ،

وألا يستهان بدوره ولا يقلل من شأنه ولا يتم الحديث عنه بما لا يليق .. 

ولابد من الإشارة أنه ثمة وكلاء فضلاء يستشعرون الراحة ولاينكرونها، -ولايتباكون في المجالس ولايتمنون العودة للفصل ولايشتكون التعب والإرهاق- ويحسون بتعب المعلمين ومعاناتهم فيبادرون بخدمتهم والإحسان إليهم والتعاون معهم.. وهم أيضا حريصون في عملهم ، متفانون فيه ، ناصحون للطلاب ، مشفقون عليهم ، متواصلون مع أوليائهم، يأخذون الغياب مبكرا ويستفسرون عن الأسباب .. فلله درهم.

والهمسة الأخيرة للوكيل : لاتغضب فما مضى سواليف قابلة للأخذ والرد والنقاش وأنت أخ عزيز وصديق نبيل فاضل ..

عفوا هل أخذت الغياب؟! 

حان وقت الخروج فالمقهى ينادي بإغلاق أبوابه ،

وللحديث بقية وربما نعود في دردشات مدرسية أخرى . 

محمد . 

تويتر Shjnws 

مشاركة
نشرة محمد البريدية

نشرة محمد البريدية

مقالات وخواطر وأمور أخرى !

التعليقات

جارٍ جلب التعليقات ...

المزيد من نشرة محمد البريدية