نزهة سرية - العدد #1

مرحباً رفيقي، عدت من جديد بحلةٍ فريدة.

لربما تساءلت حول نزهة اليوم وعن علاقة المرونة بالريزن، ولماذا أشاركها معك ودعني أصدقك القول بأن هذه التساؤلات مفيدة، تغذيك وتغذي عقلك وإنسانيتك.

وهي ما أوصلتني لما أنا عليه اليوم، كنت أتصفح حساب الانستقرام الخاص بي ومررت بشكوى إحدى رائدات الفن اليدوي (صانعة ريزن)  تقول أنها تركت الريزن بعد خلط مواده لدقائق معدودة وعندما عادت وجدته قد تحجّر، وهنا استيقظ الباحث الذي في داخلي، ماهذا الريزن؟ ولماذا يتحجر؟ وهل فعلاً لا يمكن الاستفادة منه إلا وهو سائل؟ 

وإليك ماوجدته: الريزن هو المادة الوحيدة التي لا تستطيع استخدامه إلا مرة واحدة، ولا تستطيع تغيير شكله بعد أن تجف، ويفقد قيمته في حال تعرضه للهواء.

عذرت صانعة الريزن ولو كنت مكانها لانتابني الحزن كما أصابها. في ذلك الحين كنت أعاني من التفكير المفرط حول فقد نشرتي البريدية التي بدأتها على Revue والتي تعين قصراً إغلاقها، أحزنني ماحصل، شعرت وكأني فقدت جزءاً مني، لكني عزمت على البدء من جديد وأن أبحث عن منصة أخرى لأبدل طريقتي مع حفاظي على السير في طريقي، قررت أن أتحلى بالمرونة لا أن أكون ريزن.

أحياناً يكون جُلّ ما تحتاجه هو أن تتحلى ببعض المرونة، أن تتكيف مع ما يحدث حولك وأن تسمح لنفسك بعيش حياة حقيقية، وأقصد بهذا الحياة المتعرجة، بين صعود وهبوط وبين انخفاض ورِفعة، تماماً كضربات القلب التي تكون بخير بشكلها المتذبذب، أما إذا توقفت وأصبحت خطاً مستقيماً فهذا نذر شؤم يقول لك أن القلب قد فقد حياته وانتهى عصر تواجده.

قد تقفل الطرق وتنتهي الرحلات وتفوتك بعض القطارات ولا بأس، فلا يغلق بابٌ إلا ويفتح الله لك باباً غيره وليس بعد العسر إلا يسر، ولا تنتهي رحلتك إلا بانقضاء عمرك أطال الله بعمرك في طاعته.

تبقى أنت أنت، تفعل ما تُحسنه بغض النظر عن تذبذب الطرق من حولك، تمارس ما تحب وما تستطيع وتتشكل حسب القالب المتاح لك، تكون كالماء العذب أينما حل نفع.

وهكذا تستمر الحياة ... 

ولك حرية الاختيار؛ إما أن تكون مرناً أو أن تكون ريزن.

أما أنا فتبدأ رحلتي اليوم مع نشرة هدهد البريدية، جزى الله صانعها خير الجزاء.

أنا عُلا وهذه نزهتي السرية، أراك في نزهتي القادمة يا رفيقي.