نشرة ثويني محمد آل عليوي البريدية - العدد #70

6 يوليو 2025 بواسطة ثويني محمد آل عليوي #العدد 70 عرض في المتصفح
انكماش

بريتُ الأفكار في رأسي كقلم رصاص، حتى بدا لها رأس يشبه رأس المسمار. استفزتني السطور الخالية من الكلمات، كانت تبرهن على عجزي للمرة الألف عن كتابة جملة أدبية بديعة، لا أبالغ حين أقول ذلك، فالأوراق المتكورة، وكأنها سيارات تعرضت لحوادث عنيفة جعلت حديدها ينكمش تشهد بذلك. لا أدري ماذا أفعل؟ أشعر بأن رأسي بدأ ينكمش كورقة كبيرة، وحين يحدث ذلك سأتوقف حتمًا عن الكتابة لن أكون كاتبًا يومًا ما، سيتلاشى حلمي في ذلك. حملتُ نفسي متثاقلًا صوب المقهى؛ لعل الأفكار تتوافد في مخيلتي على رائحة القهوة. أظن ذلك ما يحدث مع كبار الكتاب، فلا تأتيهم الأفكار والقصائد إلا مع فنجال قهوة، فهذا محمود درويش يقول عنها: "القهوة تأمل وتغلغل في النفس وفي الذكريات ..."
أصابتني الحيرة بصداع، فأي مكان يجلس فيه الكُتّاب في المقهى؟ هنا قريبًا من المدخل؛ لكي يتأملوا من يدخل ومن يخرج، مما يتيح لهم سبر أغوار النفوس البشرية، أم هناك في مكان قصي، بعيد عن الأعين مما يتيح للأفكار أن تتوافد عليهم. اخترت أن أكون في مكان قصي عن الأعين، ولكني خشيت من أن ألتقي الكاتب الشهير، الذي التقاه عبدالله حرفش أو عبدالله فرفار بطل رواية " صائد اليرقات " للروائي السوداني أمير تاج السر، فيشبه أفكاري باليرقات التي تحتاج إلى وقت؛ لكي تنمو، أو يكتب عني رواية كما كتب رواية عن حرفش. صوت منبه رسائل "الواتس آب" أعلن عن وصول رسالة جديدة. فتحتها، كانت صورة دعوة من صديق لحضور توقيع كتابه في معرض الرياض الدولي. لقد فعلها إذًا، وأصدر روايته الأولى، بعد التحاقه بتلك الأكاديمية التي أخبرني بها ودعاني للاتحاق بالدراسة فيها؛ لتعلم كتابة الرواية، وسخرتُ منه حينها، و اتهمته بانعدام الموهبة لديه، بينما أكد لي بأنه يمتلكها، لكنه يريد أن يصقلها بالدراسة. وصلتُ شقتي متعبًا. رميتُ جسدي على كرسي مكتبي، وتأملتُ الأوراق المنكمشة بأسى. أخذتها واحدة تلو أخرى، محاولًا إصابة هدفي الجديد، وإسقاطها في سلة المهملات. أغلقتُ النور، وبقيتُ في الظلام أنتظر النوم. فجأة، جاءتني فكرة ... الجملة الأولى فقط، واضحة مؤثرة، وكأنها خرجت من جرح قديم. لكنني كنت قد أطفاتُ كل شيء، وكسرتُ القلم.

مشاركة
نشرة ثويني محمد آل عليوي البريدية

نشرة ثويني محمد آل عليوي البريدية

أكتب هنا: عن الكتابة، شذرات، قصص، نصوص.. أهتدي ببوصلة الكتابة في أمواج هذه الحياة لئلا تضيع مني الاتجاهات..

التعليقات

جارٍ جلب التعليقات ...

المزيد من نشرة ثويني محمد آل عليوي البريدية