نشرة تهاني سعيد البريدية |
26 نوفمبر 2024 • بواسطة تهاني • #العدد 1 • عرض في المتصفح |
|
ما معنى أن تكون إيجابيًا؟ |
الإيجابية في مقتضاها هي حالة سامية من التفكير تعكس من خلالها نظرتك إلى العالم وطريقة تلقيك وتفسيرك للأحداث والأشخاص وكل الأمور من حولك. هي صفة ثابتة في الإنسان لا يمكن إزالتها أو محوها. كما أنها طاغية تلغي وجود الكثير من الصفات السلبية الأخرى. رغم ذلك يستطيع أي شخص أن يكتسبها، وإن كان يتصف بها؛ يستطيع أن ينميها حتى تتأصل فيه ولا يزحزحها الزمن. |
والإيجابية هي أسلوبك في التفكير وتعاملك مع شتى المواقف وإيجاد الحلول الفعالة لمشاكل الحياة. يمكن أن نقول عنها هي نور البدر في وحشة الليل، سقفها عنان السماء ومداها واسع لا تسع العين التقاط آخره. الإيجابية هي تفعيل دور التفاؤل في حياتك وتعزيز السلوك الحسن والأفكار الخالية من التشاؤم والخوف والقلق. |
وفي مقالي هذا لا أخاطب من يعاني من التفكير السلبي أو أحاول أن أغير تفكيرهم ربما أفعل في مقال أخر. أما الأن أحببت أن أخاطب الإيجابيين ومحبي التفاؤل والحياة الزاهية. ومن صار متقن لها وعارف بأصولها ولا يمكن أن يكون إلا إيجابيًا. |
إن الإيجابية في مجملها محمودة مرغوبة ومن نالها فقد نال عظيم الصفات وحاز خير الأخلاق. ولكن أردت أن أتوقف هنا عند حدود الإيجابية. قد تنصدم بأن للإيجابية حدود بعد أن قلت لك أن مداها واسع وسقفها السماء وأنا لم أخطئ بهذا. مركز الإيجابية محمود وبالغ الأهمية ولكن كلما ابتعدت عن مركزها صرت في مدى الأوهام والخيال. |
احيانًا تكون رغبتك شديدة في أن تنال أعطية من أعطيات الحياة ولكن صعبت عليك لمختلف الأسباب. ومن شدة رغبتك فيها تتفلت من حدود الإيجابية لتسبح في مدى الأوهام. وتظن أن حياتك متوقفة عند هذه الرغبة وتوقف سير أيامك إلى أن تحصل عليها. حتى أن البعض يسعى في أنحاء خاطئة ومذمومة مثل أن يرشي أو يكذب ويدنس المعنى الصافي للإيجابية بحجة أنه إيجابي النية ويريد أن يحصل على ما يرغب. |
ولكن الإيجابية الحسنة تقول لك تخطى تلك الرغبة وانظر إلى الخيارات الأخرى قد تكون فيها ضالتك أو ضع رغبتك في قائمة تحت الأولويات وركز فيما هو أهم أو اهملها قليلًا ربما تنساها وتتأكد بأنك لست بحاجة لها. |
والبعض من شدة ثقته بنفسه يتعدى على حدود الآخرين ويطمس حقوقهم ويظن أنه الأجدر ببلوغ القمم مغلقًا خلفه الطريق على غيره بحجة أنه إيجابي وتعب في أن يصل إلى القمة ولكن الواقع أنه أخطئ في حق الأخرين حيث الساحة تسع الجميع والخير حق لكل من يسعى له. |
وأحيانًا تطغى الإيجابية على الواقعية وتراها ممتدة لتُدرك ما لا يُدرك. وبهذا تلهيك عن التركيز في واقعك واقتناص الفرص والبحث في مجالات أخرى لن تُفتح لك لو أنك استمريت في وهم إيجابيتك. |
كن إيجابيًا واسع الأفق ولكن ضع الحدود الصحيحة أمامك لا تنخرط في خيالات وردية بعيدة عن الواقع، ولا تتشبث في وهم ينسيك ما لديك وما تملك من إمكانيات وقدرات. واستعن بالله على صعاب الحياة واسأله دائمًا أن يدلك على الوجهة الصحيحة والطريق الصائب. احسن الظن بالله وثق به أكثر من أن تثق في نفسك واجعل الله عونًا لك أكثر من عون نفسك لك فلن يضل الله عبدًا استعان به واستجار بجواره. |
التعليقات