بيان حضور!

12 مايو 2025 بواسطة عبدالله بن عمر #العدد 1 عرض في المتصفح
للمدربين والمستشارين وصنّاع الخبرات، الذين يعلمون أن وراء كل عمل ريادي "غرفة محركات" مزدحمة بالأسلاك والملاحظات والتجارب.

السلام عليكم

أعرّفك بنفسي أولاً، اسمي عبدالله بن عمر، وأنا كاتب ومدرّس كتابة، أعيش حياتين متوازيتين:

في الحياة الأولى: أدرّب الكتّاب على التعبير بعمق، وأدير مدرسة الكتابة، وهي مجتمع تعلّم عربي لا نظير له، يساعد الكاتب على أن يمارس الكتابة باستمرار، ويصعد به نحو الاحتراف، ثم الريادة.
وفي الحياة الثانية: أعيش التحديات التي يعيشها كل العاملين في بيع المعرفة من الخبراء والمستشارين والمدربين: تحدي بناء العلامة التجارية وتحسينها، وتحدي بناء المنتجات وتطويرها، وتحدي اجتذاب العملاء والمحافظة عليهم، وتحدي الاستدامة المالية، وتحدي إدارة الوقت، وتحدي التقنية والأدوات والمحتوى و، و،و...
في نشرتي الأسبوعية الأصلية أتحدث عن الكتابة، أما هنا، في غرفة المحركات؛ فإن حديثي سيكون عن الوجه الآخر الذي يشترك فيه صناع المعرفة وباعتها أجمعون.

لكلّ سفينةٍ غرفة محركات، ولكل مشروع ناجح (أو فاشل) مساحة خفية بعيدة عن أعين الجمهور.. مساحة لا بدّ منها.. هي غرفة العمليات في الفندق، وهي المطبخ الخلفي في المطعم، وهي وحدة التخطيط الطبي في المستشفى، وهي مطبخ التحرير في الصحيفة، وهي غرفة المحركات في السفينة.

وقد اخترت غرفة المحركات في السفينة، لأن السفينة تشبه العمل الحر، تحتاج قبطاناً متصالحاً مع المخاطر، وتسير في بحر لجي، بعيداً عن منطقة الراحة، وتنقل الركاب (العملاء) من نقطة إلى نقطة.. أما غرفة المحركات فهي مساحة خفية، ليست مصممة للجمهور، ولا هي تستقبل الزوار باستثناء العاملين، غرفة ضيقة، بلا نوافذ مزخرفة، ولا مقاعد أنيقة، غرفة تهتز بإيقاع العمل المتواصل، وتفوح برائحة التجربة، وتحتضن حرارة الجهد الصادق.

هذه هي نشرتنا البريدية، وأنا هنا لا أكتبها بصفتي خبير تسويق أو مدرباً للمدربين، أنا لست طاهياً لكني أطبخ، ولست رياضياً لكني أمارس بعض الرياضة، ولستُ رحّالةً لكني أسافر، وكذلك لست خبير تسويق، لكني أمارس من التسويق ما أحتاجه من أجل عملي التعليمي، وأنا أكتب في هذه النشرة لأني إنسان يعمل في الخطوط الأمامية لصناعة الخبرات: يراقب، ويجرّب، ويتعلم من التجربة بصوابها وخطئها، ومن المستشارين، ومن المؤلفين والمجربين، ويعيد توجيه المسار بناءً على ما اختبره بنفسه.

ولأن حديثي عن هذا المسار حديث شخصي بالدرجة الأولى، فستكون الأمثلة والقصص مأخوذة من واقع تجربتي الذاتية، وأرجو أن يكون في هذه النشرة تواصل مستمر مع الزملاء من المدربين والمستشارين والخبراء، الذين يجمع بيني وبينهم العمل في بيع الخبرات والمعارف.. أعني أني أريد لهذه النشرة أن تعبّر عني وعنك، وأريد منك أن تقول لي: أصبت، أوافقك، وأن تقول: أخطأت، أخالفك، وأن تحكي لي عن تجربة معينة، وأن تقترح عليّ موضوعاً أو كتاباً، أو غير ذلك، وسأتولّى التفاعل مع ما يردني منك في العدد التالي من النشرة (هذا إن حصلت هذه النشرة على أي تفاعل أصلاً، لأني لا أنوي أن أذيع نبأها قبل أن أقطع فيها شوطاً جيداً.

السياق الذي دخلت منه إلى عالم العمل الحر:

بدأت رحلتي في العمل الحر مضطرًا! وسأذكر لك ذلك لاحقاً إن شاء الله بالتفصيل، لكني أريد أن أخبرك الآن بالسياق الذي صرت فيه فجأةً صاحب عمل حر، ثم صرت أستطيع وصف نفسي بـ"رائد أعمال" دون حرج.

في سنتي الجامعية الأولى أصيب والدي رحمه الله بأزمة قلبية شديدة، رقد على إثرها لأسابيع في العناية المركزة، ولم تعد حياته بعدها كما كانت من قبل، وجعلني هذا أصبح المسؤول عن إعالة الأسرة، فبدأت رحلتي في عالم الوظيفة، عملت في كل ما هو متاح لإنسان في مثل وضعي: طالب جامعي غير سعودي، يعيش في مكة المكرمة، ولا يستطيع بحكم جنسيته التشادية أن ينقل كفالته من والده إلى أي جهة عمل مهما كانت (عجزت عن تغيير هذه الحالة رغم كل المحاولات مدة ١٣ عاماً قبل أن أغادر إلى خارج المملكة). كان المتاح لي (وفق خبرتي وعمري وعلاقاتي وعقليتي في ذلك الوقت) أن أعمل في مهمات جزئية لا يمكن اعتبارها وظيفةً تحتاج إلى "نقل كفالة"، أكسبني هذا الوضع الاضطراري وعياً بأن من الممكن أن يجني المرء مالاً دون أن يكون موظفاً بالطريقة التقليدية.

عشت إذن في "اقتصاد الظل"، عملت نائباً لثلاثة أئمة على التوالي، مساعداً لأحد الباحثين، صحفياً متعاوناً مع مجلة وصحيفتين، مدرباً متعاقداً مع إحدى شركات القطاع الثالث، معداً ومقدماً للإذاعة والتلفزيون، كاتب محتوى مستقلاً من تحت الطاولة، وهكذا عشت.. من عام ٢٠٠٦ حتى ٢٠١٧. لم أكن طوال ذلك الوقت "موظفا" بشكل رسمي ومطمئن، لكني لم أكن صاحب عمل حر، بل كنت إنساناً سائباً، عاملاً حراً freelancer كما يقول الخواجات. لكن في نهايات عام ٢٠١٥ كنت قد حسمت أمري وتخلصت من اهتماماتي المتزاحمة وتوجهت إي الكتابة، وعزمن ألا أعمل في غير مجال الكتابة، وهي عزيمةٌ سرعان ما انفتحت معها أبوابٌ جديدة من الرزق.

حين غادرت المملكة إلى تركيا في سبتمبر ٢٠١٧، لم يكن لي من مصدر دخل سوى الكتابة، وكنت أعيش عيشة جيدة بحمد الله، لكني وجدت، إضافة إلى الكتابة، وظيفة إدارية في إسطنبول شغلتني عن العمل في الكتابة نوعاً ما، حتى إذا جاء الوباء عام ٢٠٢٠ فقدت عملي، وفقدت معه المسكن الذي كان تابعاً للعمل كذلك، وواجهت خطراً مضنياً لم يكن على بالي إطلاقاً، وهو أني بمجرد انتهاء صلاحية رخصة إقامتي في تركيا سأكون مقيماً بشكل غير قانوني، لأن الحكومة قررت ألا تجدد لي رخصة الإقامة، وأعلنت ذلك لي ولأمثالي من الناس.

هنا، حين ضاقت عليّ الأرض بما رحبت لأني لا أعرف كيف أدفع ثمن التذكرة إلى أي. مكان في العالم، قررتُ أن أفتش عن طريقة أستطيع بها العمل، وكنت قد عرفت وقتها مفهوم "الرحل الرقميين"، من متابعة مدونة الصديقة أسما قدح، ومن خلال وثائقي على قناة دويتشة فيلله الألمانية عن "البدو الرقميين"، ووجدت أن سبيلي الوحيد إلى الخلاص من وضعي "المنيّل بستين نيلة" هو التحوّل إلى رحالة رقمي، أستطيع العيش وجني المال في أي مكان من العالم يبلغني إياه جواز سفري الكليل.

بداية التحول:

كنت أعرف أن مجال عملي سيكون هو الكتابة، لكني لم أكن أعرف كيف أفعل ذلك؟ كيف أصمم خدمة ذات قيمة حقيقية؟ كيف أجد من يحتاجها ويثق بها؟ كيف أتحدث عنها، كيف أسوقها؟ كيف أسعرها بطريقة تعكس قيمتها؟ وكيف أواصل هذا العمل دون أن أفقد شغفي بالقلم أو أصالتي؟ في الحقيقة! لم أكن أعرف حتى لماذا أطرح هذه الأسئلة، لأنها لم تخطر لي على بال بشكل حقيقي إلا بعد أن واجهتها بوعي مختلف.

على غرار قارون الذي قال: (إنما أوتيته على علم عندي) يطيب لكثير من رواد الأعمال أن يصنعوا لأنفسهم قصصاً خارقةً، وأن يقولوا إنهم بحثوا وفتشوا وعملوا وتعبوا حتى يحصلوا على كذا وكذا.. والحقيقة أني لم أفتش وأبحث وأعمل وأتعب كي أبتدئ عملي الخاص! كان لدي كتاب "نموذج عملك الشخصي" من إصدارات دار جبل عمّان، فتحته وقرأته باستمتاع شديد، وملأت خاناته التسع، ثم كتبت على حسابي في إنستغرام إنني سأبدأ عملاً حراً متعلقاً بالكتابة، وهنا ظهر لي من العدم مدربي الأول: عبدالعزيز.

أخبرني أنه يستطيع مساعدتي في بناء عملي الحر لأن هذا هو مجال عمله، تابعت ما يكتبه في حسابه، ووجدت فيه أشياء تلفت الانتباه وتدير الرأس! أرسل لي عبدالعزيز عرضاً، صفحة بيعية، كانت أول صفحة بيعية أقرؤها في حياتي، كانت تخاطبني بشكل مباشر، وكانت تحدثني عن مزايا التدريب الذي سأتلقاه على يديه إن وافقت على العرض، كانت قيمة العرض أقل من ٧٠٠ دولار، وهو رقم يبدو أقل بكثير مما يستحقه عرض كهذا! ولكن المشكلة لم تكن هنا، المشكلة كانت أني لا أملك هذا المبلغ! كان عبدالعزيز كريماً، وأخبرني أنه ليس مستعجلاً على استلام المبلغ، سددت المال لاحقاً، وكان استثماراً رائعاً، لأن المبلغ نفسه، وصلني من عميلي الأول بعد ثلاثة أشهر.

بدأت التدريب، وسألني عبدالعزيز في الجلسة الأولى إن كان لي هدف مالي، فقلت على استحياء: ١٠ آلاف دولار شهرياً، فقال لي: حسناً، هذا ممكن. لم أصدّق أذني! وبدأت أحلم بما يمكنني فعله بعشرة آلاف دولاراً في الشهر.

كانت القناعة الأولى التي لمستني فوراً من حديث عبدالعزيز، هي أن الوضع الذي أعيشه الآن ما هو إلا نتيجةٌ لقرارات كثيرة كنت أتخذها سابقاً، وأن بوسعي تغيير الوضع والتحول لشخص مختلف في تسعين يوماً وحسب. وكان ما قاله صحيحاً جداً في حالتي على الأقل.

كان عبدالعزيز يكلفني ببعض الواجبات، وكنت أنجزها بسرعة مدهشة، باستثناء أمرين: صفحة البيع، والاقتناع بالتسعير العالي للمنتج التدريبي.. وربما حدثتك عن هذين في رسالة لاحقة. لقد تحولت إلى شخص يعمل بجد بالغ، ولا ينام إلا قليلاً جداً، حتى إن هالات سوداً ظهرت في وجهي من فرط السهر، نفذت تعليمات عبدالعزيز حرفياً تقريباً، وكنت أواجه أشياء كثيرة لا قبل لي بها، وأتعلم عن أدوات تقنية ليست متقدمة، لكنها كانت اكتشافات جديدة علي! وبعد ثلاثة أشهر من العمل كنت قد أطلقت برنامجي التدريبي "رحلة الكتابة"، أمضيت أكثر من شهر من المكالمات الاستكشافية، وأطلقت ٣ دفعات من برنامج رحلة الكتابة، مع ٣٠ متدرباً، دفع كل واحد منهم ٦٩٧ دولاراً. كان هذا أضخم مبلغ امتلكته في حياتي دفعة واحدة.

خرجت من تلك التجربة وأنا شخص مختلف عن ذي قبل.. بقائمة من النتائج والقناعات، منها على سبيل المثال:

  1. التدريب على ممارسة الكتابة أكثر ربحية من الكتابة نفسها. (هذه قناعة تغيرت أو تطورت لاحقاً).
  2. كتابة صفح البيع مهارةٌ ثمينة جداً.
  3. التسويق مشي في أرض ملغومة، يخاطر المرء فيها بمصداقيته أمام نفسه. (هذه حكاية طويلة عريضة، ولي بالتأكيد عودة إليها لاحقاً).
  4. العلامة التجارية الراقية هي التي توهم العميل، أو تقنعه، بالحق أو بالباطل، أنه يحتاجها أكثر مما تحتاجه!
  5. المتابعون في الإعلام الاجتماعي كنز مهمل لدى أكثر الناس.
  6. أحسن العملاء وأسرعهم تجاوباً، هم الذين يأتونك بتوصية من عملاء آخرين.
  7. التسعير المرتفع يجعل مقدم الخدمة ومتلقيها أكثر حرصاً.
  8. مشكلات الحياة لا تنتهي، لكنها تتحسن أو تسوء، لم أواجه طوال حياتي معضلة تلقي الأموال بطريقة قانونية مريحة، لأني لم أكن أتلقى الأموال!
  9. حين يرتفع رصيدك البنكي؛ ترتفع أطر الممكن أمامك تلقائياً!
  10. من الحكمة ألا يتغيّر نمط حياتك حين يتضخم رصيدك البنكي.
  11. حرية الحركة كنز عظيم، أن تكون قادراً على العمل من أي مكان فيه إنترنت.

أثناء تلك الرحلة من التحوّل؛ عدلت الحكومة التركية عن قرارها السابق، وسمحت لي بالبقاء على أراضيها مدةً إضافية، وبعد شهور قليلة تزوجت بحمد الله، وبعد ذلك بشهور غادرت تركيا إلي ماليزيا، ثم عدت إلى تركيا، ثم غادرتها نهائياً إلى سلطنة عمان التي أكتب لك من عاصمتها هذا الحديث.

مررت بتقلبات، صعود وهبوط، ذهاب وإياب، إقبال ونفور، فكرت مراراً في ترك هذا التدريب كله والبحث عن وظيفة، وهناك كثير مما جرى معي، وأتطلع لأكتب عنه لك، كي أفهم تجربتي بشكل أفضل، وكي أشارك ما تعلمته، وهو كثير جداً.

لا أقول لك إني لم أكن أملك الإجابات، فقد كنت أعاني ما هو أخطر من ذلك! لم أكن أملك حتى الأسئلة! لكني تعلمت كثيراً بفضل الله، أسئلتي تتزايد، وسروري يزداد لأني كلما طرحت سؤالا عن شيء لم يسبق لي التفكير فيه مرتين؛ وجدتُ أن هناك خبراء مختصين في الجواب عن هذا "الشيء" الذي كان خارج دائرة وعيي تماماً. ما أكثر الأسئلة إذن، وما أجمل أن تكون كثيرةً، وما أجمل أن يشعر المرء أنه يشارك رؤيته للأسئلة مع من يشبهه من الناس.

بعد عام من انطلاقتي مع عبدالعزيز، تعرفت على لبنى، وهي حكاية مختلفة!

حين تعرفت على لبنى، كنت قد أمضيت عاماً في عملي التدريبي، وحققت نجاحاً أولياً تحوّل إلى عبء ثقيل.. لأن الذي عرفته منذ الاتصال الاستكشافي هو أني أملك عملاً تدريبياً، لكني لا أملك منظومة تدريبية! هذا الاكتشاف كان نقطة تحول هائلة في وعيي التدريبي، ولكن لبنى كانت مصرّة على أن تضيف المزيد والمزيد إلى وعيي، وكانت تكرر فكرة أن "التدريب عمل ريادي"، وأنا والله لم أكن أعرف عن ريادة الأعمال إلا أنها شيء لا علاقة لي به.. أنا شخص اضطر اضطرارا للبحث عن مصدر رزق فوجد التدريب أمامه، وكان مهدداً بالترحيل من مكان إقامته فكان لا بد له أن يكون مستعداً ليكون "رحالة رقمياً" يستطيع العمل في أي مكان من أرض الله الواسعة ليجني قوته والسلام! لا ريادة ولا عمل حر ولا بطيخ!

أما فكرة أن يتحول المدرب إلى رائد أعمال؛ فقد كانت خارج إطار استيعابي وفهمي، والشكر الجزيل للعزيزة لبنى أنها استطاعت أن تجعل الحكاية قابلة للاستيعاب.

في فترة التدريب مع لبنى عشت كثيرا من التقلبات وواجهت كثيرا من العقبات، وكان العمل مجهداً وثقيلا، والدروس طويلة، وكنت أواجه أشياء كثيرة جديدة، وأعيش عيشة السندباد المتنقل من دولة إلى دولة، لكن لبنى كانت أنموذجاً حياً أمامي للمثابرة والانضباط والإصرار، أنموذج ملهم جداً، ويجب أن أشكر لبنى على كل ما تعلمته منها، مما قالته، ومما لم تقله -وهو الأبلغ تأثيرا في نفسي.

واحدة من الأمور التي كانت لبنى تحدثنا عنها، شغفها بالقراءة، وأنا سرقت منها الشغف بالقراءة في مجال الأعمال، والحقيقة أن هذا اللون من القراءة جعل دماغي يتضاعف وجعل مقاس رأسي كبيراً جداً مقارنة بوعيي قبل سنوات قليلة جداً.

الوضع الحالي:

أنا اليوم أصدّق أني رائد أعمال، وأن التدريب عمل ريادي، وأتصرف بناء على هذا التصور الذي لم يقنعني بسهولة، أعدت ترتيب أوراقي من جديد، وأعدت تأسيس عملي التدريبي مرة أخرى، وفهمت رحلة عميلي المثالي، وحمّلت نفسي مسؤولية تحويل العميل المثالي من مجرد مهتم بالكتابة إلى ممارس لها يعتبرها حياةً ومتعة، في عضوية بمدرسة الكتابة ،التي توفر له طوال العام تياراً متدفقاً من الممارسة والتعلم والمعايشة، يكتب كل يوم، يحضر لقاءً إثرائياً كل أسبوع، ينفذ مهمة كل شهر.

ثم يترقى العضو داخل المدرسة إلى "دبلوم الكاتب المحترف" الذي يجعل الكاتب واعياً بنفسه، واثقا من قدراته، متعلماً على الدوام، وممارساً، ومحدداً لتوجهه: موقع الكتابة في حياته، وموقعه في سوق الكتابة.

ثم يترقى مرة أخرى داخل المدرسة كذلك، ليصبح كاتباً ريادياً، يصنع علامته التجارية الشخصية، وأنموذج العمل الريادي المبني على مهارة الكتابة وآليات النمو في عالم الريادة.

كل جزئية من هذه التجربة الجديدة.. حين أعود لأنفذها وأقرأ حولها، أتذكر لبنى، وأزداد يقينا أنها تأخذ عملها بجدية، وأنها تقرأ كثيراً، وتتعلم باستمرار، وهذا يجعلني في حال من الرغبة في المنافسة، لا أضمن الانتصار فيها، لكني متأكد أنها حالة تجعلني في حالة نشاط وعزيمة.

تعلمت واستفدت الكثير، من النقاشات الممتدة مع الأصدقاء: خالد الزبيري، وعمر فلاته، وخالد نور الدين، وعبدالله المصري، وآخرين، وتعلمت من مئات الساعات التي قضيتها أراقب من هم أعمق فهمًا وأجرأ تنفيذًا، من الكتب والبرامج، ومن المساحات الخلفية التي يعنى المرء فيها بفهم الأشياء، كيف تعمل؟ والناس، كيف يتصرفون؟
تعلمت من التناقض الصارخ بين ما يُروّج في السوق وبين ما يحدث في أرض الواقع.
السوق يعج بالوعود البراقة: برامج تعدك بعشرة آلاف دولار في أسبوع، أنظمة "مضمونة" لإطلاق دورات لا تعكس خبرتك، وقصص مدربين أُنهكوا لأنهم لم يفهموا قواعد اللعبة أو قارنوا أنفسهم بصور زائفة، السوق مليء بالأصوات، لكنه يفتقر إلى مزيد من المساحات الصادقة التي تتحدث عن العمل كما هو: معقد، مرهق أحيانًا، لكنه عميق ومجزٍ حين يُبنى بنزاهة.

"غرفة المحركات" هي هذه المساحة.أكتبها لمن يشبهني: من مدربين، وخبراء، وصنّاع معرفة يرفضون التحول إلى مسوّقين زائفين، ولا يريدون الانزواء في عزلة عن عالم الريادة، أريد أن  أكتب لمن يسعى لفهم السوق واحترامه دون التضحية بأصالته، لمن يريد بناء منتج حي يعكس رؤيته، ومخاطبة جمهور حقيقي يثق بما يقدمه، وتشييد مشروع مستدام يحافظ على صوته.

في هذه النشرة، سأدوّن ملاحظات ميدانية مستخلصة من التجربة، دروسًا عملية من غرفة المحركات، وقواعد مرنة تساعدك إن كنت مهتماً، على بناء مشروع يشبهك، مشروع ينمو بثبات، لا يُنهكك ولا يحعلك غريباً عن نفسك.
سأتحدث عن تصميم الخدمات، والتسويق بصدق، والكتابة للخبراء، وبناء المجتمعات التعليمية، والحفاظ على الشغف وسط ضغوط العمل الحر.

هل المادة طويلة؟ هذا ما سيكون عليه الحال مستقبلاً في الغالب، هذه مساحة خاصة، ولن يزعجني ألا تلفت انتباه أحد،  إلا قارئاً صحيحاً يهمه ما يجده هنا.

أرجوك، لا تنشر هذه النشرة، إلا إن وجدت في شيء منها نفعاً!
تحياتي، نلتقي قريباً، لا أدري متى بالضبط.
عبدالله بن عمر | مسقط، سلطنة عمان

مشاركة
غرفة المحركات

غرفة المحركات

التعليقات

جارٍ جلب التعليقات ...