زاجـــــل مـراح 🕊 - العدد #7

بواسطة متجر مرِاح #العدد 7 عرض في المتصفح
أسيرُ وحدي؟

تمرُّ على مخيلتي في كلِّ مرةٍ مواقفهن.. أعجزُ عن نسيانها أو حتّى تجاهلِ عظيمِ صبرهنَّ وثباتهنّ،

أتأملُّ في كلِّ مرةٍ أخرجُ فيها من منزلي شعوري الغريب، ألتفتُ يمنةً ويسرةً لأبحثَ عمّن يشبهني.. ولا أجده، 

هل أنا على حقّ؟ لمَ أبدو وأنا بينَ كلَّ هذهِ الجموع.. أسيرُ وحدي؟

يعتري قلبي نورٌ يآنس وحدتي و يخبرني بأنَّ الدربَ حقٌ فطوبى للصابرين، وتغمرني ذكرى نساءِ الأنصارِ 

الذين نزلت عليهم آيةُ الحجابِ فخرجوا مستسلماتٍ 

(كأنَّ علَى رؤوسِهِنَّ الغِربانَ منَ الأَكْسِيَةِ)،

وفي كلِّ مرةٍ أتمنّى، وفي كلِّ لحظة، 

لو كنتُ من النساء المهاجرات الأول، فترفعُ عائشةَ كفّيها 

لتضمَّني بـ :" يَرحَمُ اللَّهُ نساءَ المُهاجراتِ الأُوَلَ، 

لمَّا أنزلَ اللَّهُ: وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ شقَّقنَ 

أكنف مروطَهُنَّ فاختمرنَ بِها"

يرحمُ الله يا عائشة؟ أيرحمُ اللهُ محاولاتي، وجهادي، 

حُبّي لذاك الجمال، ويضّمني معكنّ؟

يعتريني في كلِّ مرَّةٍ الثبات.. 

كما أنَّ الرغبةَ في الإفلات تعتريني تاراتٍ أخرى،

يُتخطَّفُ الصحبُ من حولي، الأقاربُ والأحباب.. 

أمضي خطوةً معهم لأظفَر بقلوبهم، عدا أنني بنورهِ أدركُ بأنها خطوةٌ للخلف، فأقف.. تهبُّ نسائمُ رحماتهِ عليَّ فتملأني 

بأينَ أنا من كلِّ هذا؟

أينَ أودُ بهِ أن أصل؟

وأيني من حالِ فاطمة رضي الله عنها.. تلكَ التي تسيرُ 

بقلبِ فتاةٍ مثلي، أمانيها تشبهُ ملامحَ أمنياتي، تؤانسها 

أغاريدُ الطيور.. 

تحبّ الجمال وتحملُ في قلبها حُبًا للزهور، لكنَّها -وبالرغمِ من كلِّ ذاك- تهمسُّ فيَّ، و في كلِّ مرة.. بأنها تفوقني كثيرًا، 

تفوقني بملءِ كلِّ شيءٍ، فأجدها تحمَلُ همَّ أن تُرى ملامحَ جسدها

 وهي مكّفَّنة، متوفاةٌ، أنتهى عمُرها، وفي طريقها لأن تدفَن بالتراب..

كيفَ يا فاطمة؟

كيفَ ظفَرتِ بالهمِّ العذب ذاك؟

وكيفَ أحببتِ رضى اللهِ عنكِ حتّى في الوفاة؟

أينَ أنا منكنَّ يا فاطمة ويا عائشة، يارقيّة ويا أم كلثوم، ياخديجة ويا أسماء، أينَ أنا منكِ يا أمُّ سلمةٍ ياعذبَةَ الروحِ 

حينما أوصيتِ بأن تُدفني ليلاً لألا يكشِفَ النهارُ جسدكِ الطاهر!

ما حالُ همّي أمامَ همِّكن؟

وحالُ يديَّ الظاهرة.. وموطئ رجليّ، عينيَّ الكحيلة، وألواني، ماحالُ ضحكاتي المتعاليةِ في كلِّ صوبٍ وجانب، نظراتي،

 ومشياتي، وحديثي، ماحالُ خصلاتي الناعمة، 

وخواتمي وأسواري،

ماحالُ قلبي الذي يغتَّرُ في كلِّ مرةٍ بجمالٍ من خراب،

ماحالُ دربي الذي يُفتنُ برحيقٍ من سرَاب..

يا صابراتٍ في دُجى الجهلِ المتين..

ما حالُ منزلتي بينكنَّ في الجنّة، يا أمهاتَ المؤمنين؟

مشاركة
زاجـــــل مـراح 🕊

زاجـــــل مـراح 🕊

التعليقات

جارٍ جلب التعليقات ...

المزيد من زاجـــــل مـراح 🕊