زاجل متجر مرِاح - العدد #2

بواسطة متجر مرِاح #العدد 2 عرض في المتصفح

السّلام عليكَ يا صاحبي،

‏تأوي الآن إلى نفسِكَ متعباً كجنديٍّ هو الناجي الوحيد من أفراد كتيبته،

‏وإنكَ لا تدري الآن أتفرحُ لأنكَ بقيتَ حياً،

‏ أم تندبُ لأن خسارة المرءِ لأحبابه هو موتٌ آخر؟!

‏ 

‏يحدُثُ يا صاحبي أن تُغيِّرنا الدُّنيا،

‏ حتى أن المرءَ ليستغرب من نفسه قبل أن يستغربَ منه الآخرون!

‏ فيسألُ نفسه في لحظة ذُهولٍ: من هذا الذي لايُشبهني؟!

‏ 

‏هذه الدُّنيا قاسية يا صاحبي،

‏ تضيقُ على المرءِ حتى ليشعرَ أنه جالسٌ في خرم إبرة،

‏ ما يفيدُ اتساعُ الكون وقد ضاقتْ نفسُكَ عليكَ؟!

‏يهيمُ المرءُ على وجهه من فرطِ ما يجِدُ،

‏ حتى أنه ليمشي ولا يعرفُ إلى أين يسير!

‏ 

‏سألتْ عائشة النَّبيَّ ﷺ إن كان قد مرَّ عليه يومٌ أثقل من يوم أُحدٍ،

‏فحدَّثها عن يوم رجموه في الطائف،

‏ وقال ﷺ:

‏ "انطلقتُ وأنا مهمومٌ على وجهي لا أدري إلى أين أمشي،

‏ ولم أستفِقْ إلا وأنا في قرن الثعالب!"

‏هذا وهو نبيٌّ ﷺ فكيف بالذين من دونه وكلنا دونه!

‏ 

‏ثمة أشياء لا يبررها المنطق، 

‏ثمة حزن أكبر منا، 

‏ثمة مشاعر لا تحملها الجبال وهي من صخر،

‏ فكيف نحملها ونحن الذين من لحم ودم؟!

‏وها أنتَ تهيمُ على وجهكَ، 

‏لا قرن ثعالب تستفيقُ عنده،

‏ ولا صديق يربتُ على كتفِكَ،

‏ وحيدٌ تماماً كآدم عليه السّلام يوم أُهبطَ إلى الأرض وحواء بعيدة عنه،

‏ يا للوحشة ما يفعلُ امرؤٌ وحده في كوكب شاسع وقد فقد أحبابه!

‏ 

‏تأوي إلى نفسِكَ، 

‏وتبكي بمرارةٍ كما لم تبكِ من قبل،

‏ وإنك لا تدري ممَ تبكي؟

‏ ولعلكَ تبكي موجوعاً من الحياة التي وضعتكَ في معركةٍ تطحنُ العظم!

‏ 

‏ثم ها أنتَ وحدكَ،

‏ تُقررُ تأديبَ نفسِكَ،

‏ وإصلاحِ عطبٍ في قلبكَ،

‏ وتسألُ اللهَ جبراً للكسر، ومغفرةً للذَّنبِ، 

‏وصبراً، فاللهمَّ صبراً!

‏والسّلام لقلبكَ

-أدهم شرقاوي..

مشاركة
زاجـــــل مـراح 🕊

زاجـــــل مـراح 🕊

التعليقات

جارٍ جلب التعليقات ...

المزيد من زاجـــــل مـراح 🕊