زاجـــــل مـراح 🕊 - العدد #14

26 يوليو 2025 بواسطة متجر مرِاح #العدد 14 عرض في المتصفح
إدراك ..

في كل يوم تشرق فيه شمس أدرك معنى أن الدنيا مجرد معبر،

ولم يكن هذا الإدراك نابعٌ من معاناة، أو تعب، أو بلاء لا مفرّ منه  ولله في ذلك الحمد،

ولكنه قد كان نابعًا من جهادٍ روحيّ؛ ليمر اليوم ربحًا في الميزان لا خسارة!

كأنني مذ أفتح عيني حتى أغلقها أحتاج كمًا هائلاً من التصبّر على صغير الهم وكبيره، على نفسي وهواها، وقتي وقلّة استغلاله، على الخلائق وإحسان الظن بهم، على الصفح، والعفو، وطيّ الصفحات، 

وجبر الزلات، وغضّ الطرف، وإحسان القرب، والتخلق في البعد.. على كلّ صغير وكبير يمرّ في يومي؛ ليكونَ في حسن عملي!

ثم أعود إلى فراشي، أتنفس الصعداء.. واستسلم لخالق بشرّيتي، من بشريتي

وربما أن يعيش المرء لا يعيشُ إلا لله

وأن يمضي في الدرب لا يمضي فيه إلا بغية وجه الله،

وأن يخلِص.. ويتقن، ويحسن، ويجوّد كل ما أؤتمنَ عليه.. لله، بل وحتى أن يكره لله ويحب في الله وإلى.الله،

تبدو حدودًا في بدايتها شاقّةً على النفس أحيانًا، 

ولكنني ما إن أتأمَّلُ ثمنَها وجزاءها، ونعيمَ من يمشي وفقها ويراعيها

وارى بعينيَّ وأحسُّ بروحي حينَ اتبعها نعيمًا يمحو ظاهرَ ثقلها، 

ويمسحُ بداياتِ صبرها، وأرى الكونَ من حولي حينَها يتوّرد، ونفسي

تتسعُ بعدَ أن تتعوّد

أدركُ أنَّني خلقتُ في هذا الكونِ كلَّهُ لأجاهدَ وأظفرَ بنعيمِ التمكّن

بعد المجاهدة، لأصبرَ وأحصِّلَ ثمرةَ الصبرِ بعد المحاولة، لأكبتَ غيضي

فأذوقَ حلاوةَ الإحسانِ بعد المسامحة!

وأدركُ أن الإدراكَ بحدّ ذاته نعمة، أن يمضي عليكَ اليومُ 

لم تفعل بهِ من الخيرِ شيئًا، ولكنّكَ في جلستكَ كتمتَ غيبة، 

وسترت عيبًا، وآنستَ بصدقِ نيتك قلبًا، وجبرتَ كسرًا، 

فظفرتَ بدنياك.. وانشغالكَ، وتحصيلِ رزقكَ.. آخرتكَ ومعادك!

وحتمًا من أرادَ أن يظفر بالدارينِ لن يكونَ دربهُ من المشقّةِ خاليًا

ولا عن المغرياتِ متنحيّا، 

ولكنّه قد رأى الهدفَ أمامهُ، والوجهةَ بين عينيه،

فهانَ عليهِ ما ذاقَ، وملَكَ في جوفهِ قلبًا مشفقًا مشتاق،

وصارَ صبحهُ مغنمًا، وليلهُ سُلَّما، ونومهُ تقويًّا، وقولهُ نفعًا متعدِّيًا،

وفعلهُ غاية، وغدَا محفوفَ الرحمةِ والحبِّ واللطفِ والوقاية،

ويُجابُ إن سأل الهداية، ويرَعاهُ خالقهُ بأعذبِ سبلِ الرعاية..

فإن ابتغيتَ تلكَ المنازلَ

تذكَّر :

"إنّ السّيادة في اثنتين فلا تكن،

 يا ابن المشايخ فيهما بالزّاهد

حمل المشقّة واحتمال أذى الورى، 

 ليس المشمّر للعلا كالقاعدِ

قل للّذي طلب العلا بسواهما،

هيهات تضرب في حديد باردِ"

-لينة

مشاركة
زاجـــــل مـراح 🕊

زاجـــــل مـراح 🕊

التعليقات

جارٍ جلب التعليقات ...

المزيد من زاجـــــل مـراح 🕊