عـمـــــــــق - العدد #9

بواسطة مريم الهاجري #العدد 9 عرض في المتصفح
"دع الإنسان يُغيّر اتجاه أفكاره، وسوف تمتلكه الدهشة لسرعة التحول الذي يُحدثه هذا التغيّر في جوانب حياته المختلفة" عالم النفس الشهير جيمس ألن

(لزوم ما لا يلزم) هي حالة عقلية نُلزم فيها أنفسنا ما لا يلزمنا بالفعل، ونجد أنفسنا مقيدين به في حين أن بإمكاننا عدم التضييق على أنفسنا بهذه القسوة، ومن ذلك اعتقادنا لبعض الأفكار التي تؤثر على حياتنا، وطريقة عيشنا وتعايشنا مع الناس.. وهي في الواقع -أعني تلك الأفكار- مجانبة للصواب، ولكن رؤيتنا لها بهذه الطريقة قيدتنا وأثرت بالتالي على تعاملنا وعلاقاتنا بالآخرين.

عن ماذا تتحدثين يا امرأة؟

إنني أتحدث عن ما يعرف بـ الخطأ العقلي؛ وهو: كل قناعة أو أسلوب تفكير يسبب للإنسان الشعور بالحرمان، أو المعاناة المستمرة، أو يبدد طاقاته وموارده، أو يؤدي به للفشل وعدم قدرته على تحقيق ما يريد.

والآن دعني أسألك: هل تملك مثل هذه القناعات أو تفكر كهكذا تفكير؟

إن الإنسان الذي يمارس الخطأ العقلي إما يمارسه دون وعي منه بأنه خطأ، أي كعادة ذهنية لا شعورية معتادة، أو يكون مدركًا له، لكنه لا ينتبه لتأثيره السلبي على حياته ومشاعره. والمشكلة تكمن في أن الخطأ العقلي يتكرر في ذهن الإنسان وفي طريقته الإدراكية لأنه لا يستنكره في الغالب.

إليك بعضًا من الأخطاء العقلية التي قد نقع فيها:

  1. التفكير بطريقة كل شيء أو لا شيء:

وهو أن لا يشعر الإنسان بالسعادة والراحة والأمان إلا إذا حقق الكمال في هدفه أو النتيجة التي كان يسعى لها! كمن يتمنى الحصول على المعدل الكامل لدرجاته في الاختبار، فإذا ما نقص شيئًا يسيرًا خيّم عليه الحزن، وشعر بالإخفاق وخيبة الأمل، في حين أن نتيجته هي حلم الكثيرين. هوّن عليك يا أخي، وتذكر أن الرضا بالقدر من الإيمان، وعليك فقط العمل بكل إخلاص، وتقبٌّل النتيجة التي قدّرها الله عليك.

2. التعميم الذاتي المبالغ فيه:

مثل أن يأخذ الإنسان حدثًا سلبيًا حدث له، فيعمّمه على كل جوانب حياته، ويحكم على حياته من خلال هذا الحدث، كمن يمرّ بصعوبات مالية مؤقتة، فيرى أن كل حياته مليئة بالصعوبات وضيق العيش، وقد يحدث نفسه: أن الله لم يكتب له أن يكون غنيًا، وأن الحياة معاناة دائمة!

وأنا هنا أسأله: أطّلع الغيب وعلم بما قدّره الله وكتبه عليه؟ عمومًا أحب أن أخبرك أن القدر موكلٌ بالمنطق، وحياتك تكون بحسب رؤيتك لها، وقد قال سبحانه وتعالى في الحديث القدسي: "أنا عند ظن عبدي بي فليظن بي ما شاء".

3. الأحكام الضبابية:

من الأخطاء الفكرية السائدة اتخاذ موقف أو قرار قبل اتضاح الأمر في الذهن، وقبل أن تصبح الرؤية جلية للعقل، فحين تختلط الأمور في الذهن لا يعي المرء -أحيانًا- العوامل والمؤثرات المحيطة به؛ ويكتنف الغموض الحالة التي يمر بها، إلا أنه يتخذ قرارًا أو يُصدر حكمًا ما بطريقة عشوائية قبل أن يتبيّن حقيقة الأمر.

وسبب الضبابية في الذهن إما التفكير غير الجيد، أو عدم توفر معلومات كافية -وقد يرافق ذلك اعتقاد الشخص بأن ما لديه من معلومات يكفي، في حين أنها ناقصة، أو التعوّد على العشوائية والتخبط وعدم الحرص على التثبت في إصدار الأحكام واتخاذ القرار.

4. العقلية الانتقادية:

بعض الناس ينتقد كل شيء، وكل أحد، ولا يرضى عن أي شيء أو أي شخص في الغالب. إننا عند تركيز العقلية الانتقادية على أنفسنا -كأن نطرح أسئلة مثل: لماذا أنا فاشل هكذا؟- فسوف نُضعف ثقتنا بأنفسنا، بل قد نشعر بالاكتئاب، وإذا ما ركزنا عقليتنا الانتقادية على الآخرين -وذلك بطرح أسئلة مثل: لماذا جميع من حولي حمقى ويسببون الإحباط؟- فسوف نميل إلى الشعور بالغضب، والامتعاض، والعدائية. وفي كلتا الحالين سوف ينتهي بنا الحال بنوع من الخلاف، إما مع أنفسنا أو مع الآخرين. وربما لا تتوقع الأفضل من نفسك أو الآخرين فتتصرف بناءً على ذلك، وبالتالي فلن تحصل عليه -أعني الأفضل- وعندما تتولى العقلية الانتقادية السيطرة، يستحيل إيجاد حل حقيقي أو أي شعور بالسلام.

العقلية المتزنة هي أمنية كل شخص، وبإمكان أي إنسان أن يصل إلى التوازن العقلي حينما يكتشف ذاته ويبحر في أعماقها، فيعرف جوانب الضعف ويقويها حتى يصل إلى الاتزان العقلي الذي يمكّنه من أن يحيا بسعادة وسلام.

مساء سعيد أرجوه لكم. شكرًا لوصولك معي إلى هنا. إن أعجبك هذا العدد فيسعدني أن تخبرني بذلك، وإن رأيت أنه مفيدًا فشاركني الأجر فالدال على الخير كفاعله.

كما يسعدني أن أكتب لك عما يجول بخاطرك وأجيبك قدر ما أستطيع على تساؤلاتك.

Nada Abbasسيلز بالعربيعفاف الأحمد4 أعجبهم العدد
مشاركة
عـمـــــــــق

عـمـــــــــق

على سبيل الفضول والبحث والطموح كل اثنين ستشرق "عمــق" بها شيئًا من قناعاتي وقراءاتي وعاداتي كي نرتقي معًا

التعليقات

جارٍ جلب التعليقات ...

المزيد من عـمـــــــــق