عـمـــــــــق - العدد #6

بواسطة مريم الهاجري #العدد 6 عرض في المتصفح
كل تفصيل تعيشه في حياتك.. -أيًا كان عمرك- هو استحقاق بمعنى الدقة!!

هل تعلم أن بين العقل والجنون شعرة، كما يقولون!! وبين الثقة والغرور شعرة أيضًا، وبين الاقتصاد والبخل شعرة!! وهكذا.. يوجد خيط رفيع في حياة كل منا يفصل بين الحسن والأحسن، وبين الصواب والخطأ.

وصاحب الحظ الحسن هو من يوفق لرؤية هذا الخيط الرفيع.

كذلك قيمة "الاستحقاق"، لقد بالغ فيها البعض فرأى أنه يستحق كل شيء، حتى لو أدّى ذلك لسحق أي أحد!

وفرّط فيها البعض، حتى رأى أنّ مِن كَرَمِه أن يتنازل عن استحقاقه لمن لا يستحق! 

ولكن الاعتدال مطلب، وخير الأمور الوسط، لذلك حافظ على رؤية الخيط الرفيع في حياتك.

عمّا تتحدثين يا امرأة؟!

وماذا تقصدين بالاستحقاق؟

لنعرف معنى الاستحقاق أولاً:

هو الشعور الداخلي بأنك تستحق هذا الشيء؛ أو أنك تستحق الأفضل.

قد تتساءل من أين نستمد هذا الشعور؟

النسبة الأكبر من هذا الشعور نستمدها من العقل اللاواعي، -إلا إذا كنت تبحث عنها في العمق فسوف تكتشفها-.

وإذا لم يشعر الشخص بالاستحقاق في داخله، فإن النتيجة المحتملة الأكبر أنه سيقوم بالتدمير الذاتي لنفسه، موجدًا لذلك ما يبرره.

كيف أعرف إن كنت امتلك الشعور بالاستحقاق أم لا؟

انظر إلى عالمك الخارجي، إذا كانت النتائج السلبية كثيرة في حياتك، فهذا دليل على عدم وجود استحقاق داخلي عندك، إذ لو كان عندك استحقاق داخلي لكنت حققت إنجازات ونجاحات، حتى لو كانت بسيطة.

وعلى قدر ما يكون عندك من استحقاق في الداخل ينسجم معك الخارج.

كما أن هناك علاقة وثيقة بين الشعور بالاستحقاق والثقة بالنفس، فكلما كنت واثقًا بنفسك، مؤمنًا بذاتك، كلما كان شعورك بالاستحقاق متزنًا.

ومن نافلة القول: أن الثقة بالنفس تنتزع ولا تُوهب، فلا تطلب من الناس شيئًا أنت لا تملكه؛ لا تطلب منهم التقدير وأنت لا تقدّر نفسك، ولا الحب وأنت لا تحب نفسك، إذ أنك أنت البداية، وأنت الصوت والناس صدى لعلاقتك مع نفسك؛ فالناس تضعك حيث تضع نفسك!

ولتبسيط القول سنتناول بعض النقاط بشيء من الحديث.. فابقَ معي فضلاً منك وكرما.

أنواع الذات:

  1. متورمة متعالية (على مبدأ من أنتم؟!).
  2. متوازنة (يحفظ للناس قدرهم، ولا يرى نفسه أقل منهم).
  3. متقازمة ( يرى نفسه أقل من الناس، ويحمل هم تقييمهم له).

دلائل الثقة بالنفس:

الواثق بنفسه يتصف بالنضج والهدوء، يتعامل مع أخطاء الناس بحكمة، يحسن التعامل مع الذات المتورمة، فيعرف حقه، ولا يدخل معها في مهاترات. ويدعم الذات المتقازمة، فلا يسحقها أو يستغلها. يعبّر عن ذاته واحتياجه بحكمة، ولا يؤذي أحدًا.

يرى احتياجاته فيشبعها، ويسمح للآخرين من حوله بإشباع احتياجاتهم.

الواثق بنفسه يشارك في أعمال الخير والبر ويعرض خدماته، ويعرف مميزاته.

الواثق بنفسه لا يراقب الناس ما قالوا وما فعلوا.

الواثق بنفسه لا يزعجه نجاح الآخرين، بل يشاركهم أفراحهم.

الواثق بنفسه يركّز على ما يقوم به معتمدًا على نفسه ولا ينتظر الآخرين ليعيش في ظلهم.

متفائل، إيجابي، متصالح مع أخطاء الماضي، يغفر لنفسه زللها، وللآخرين، ويبدأ صفحة جديدة.

كيف ترفع مستوى ثقتك بنفسك؟ ويكون لديك تقدير ذاتي متزن؟

يشعر الإنسان المُكرّم في بيئته، ومنذ طفولته، بالتقدير في داخله. ونتيجة لذلك، يشعر بقيمة الاستحقاق. لكن هناك أشخاص لم يحصلوا على هذا التقدير في طفولتهم، وكَبِروا متأثرين بذلك. فماذا يفعلون؟!

يا أخي الفاضل، الكرة صارت في ملعبك الآن بما أنك كبرت وصرت مسؤولاً عن نفسك، فلقد جاء وقت التخلص من كل آثار الماضي بطريقة صحيحة، لتعتز بنفسك، وترفع مستوى الثقة بداخلك.

وإليك بعض أهم الطرق التي ستساعدك -بإذن الله- بعد الاستعانة به والتوكل عليه: 

1- الإيمان وإدراك قوله تعالى: {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ} خلقك الله في أحسن تقويم، على مستوى الأفكار والمشاعر والجسد. وما تعاني منه الآن من انكسار وضعضعة هذا استثناء وليس الأصل في الخلقة، فالأصل هو "أحسن تقويم" وهو التوازن، ولكنك اكتسبت ثقة بالنفس متدنية (استثناء) وبإمكانك أن تعالج ذلك وتكتسب ثقة بالنفس جيدة، وبما أنك تعاني الآن من الاستثناء، فبإمكانك الرجوع إلى الأصل. فهو ليس داءً دائمًا، ولا قضية منتهية.

2- مراقبة أفكارك، فبعض الناس لا يعون بما يفكرون!!

إن الفكرة هي المسببة للشعور، لذلك تتبع الفكرة التي تسببت في فقدك للثقة بنفسك، وناقشها، لتكتشف ربما أنها وهمًا وليست حقيقة، أو تكتشف الأسباب المؤدية إليها فتعالحها.

(فكرة أنه ليس لديك شيئًا جديدًا تقدمه للناس!)

ناقش نفسك مَن أكّد هذا وأَثبته؟ إذ أن العلم إما شيئًا جديدًا، أو علمًا قديمًا، والمعلومات القديمة تحتاج إلى إعادة صياغة وعرضها للتذكير بها.. وهكذا.

3- الصمود في وجه المشاعر السلبية:

إذا استسلمت لفكرة ما وأدت إلى شعور معيّن كالشعور بالخوف أو الرهبة أو الدونية، اكتسحتك الفكرة وتملكك هذا الشعور، وإذا ناقشت فكرتك وشعورك، وأثبتَّ قوتك أمام نفسك وشعورك مرة بعد مرة، سيتصاغر هذا الصوت السلبي الداخلي. (كما طبقنا في الفقرة 2 أعلاه)

فلكي تكتسب الثقة بالنفس يجب أن تتخلص من المشاعر السلبية.

4- تسامح مع الماضي، وما فُعل بك، من قبل الوالدين، المعلمين، الآخرين، ومع نفسك أيضًا، قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: (كلُّ ابنِ آدمَ خطَّاءٌ ، وخيرُ الخطَّائينَ التَّوَّابونَ). وموسى عليه السلام قتل نفسًا {قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ ۚ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ}. أفلا نسامح أنفسنا والآخرين!

ختامًا

 بلا سعي.. لا استحقاق.

بلا إنفاق.. لا استحقاق.. إذا لم تبذل شيئًا أو وقتًا أو جهدًا فلا استحقاق.. إذا لم تبذل لن تجني.

من يستخدم عقله ويتبين، يستحق أن يعيش النعيم.

كل تفصيل تعيشه في حياتك -أيًا كان عمرك- هو استحقاق بمنتهى الدقة.. هي أمور فعلتها أدت إلى النتائج التي تعيشها الآن، وستعيشها في المستقبل.

من المكتبة

أهم المراجع:

  1. الاستحقاق والتقدير. د. عبدالله هادي
  2. قوانين الاستحقاق الأربعة. د. أحمد عمارة
  3. الاستحقاق والتدمير الذاتي. د. صلاح الراشد
أمل محمد1 أعجبهم العدد
مشاركة
عـمـــــــــق

عـمـــــــــق

على سبيل الفضول والبحث والطموح كل اثنين ستشرق "عمــق" بها شيئًا من قناعاتي وقراءاتي وعاداتي كي نرتقي معًا

التعليقات

جارٍ جلب التعليقات ...

المزيد من عـمـــــــــق