نشرة تخاطيف البريدية - العدد #2

19 مايو 2025 بواسطة محمد جمال الجهني #العدد 2 عرض في المتصفح
تخاطيف: محاولة عابثة شديدة الجدية للكتابة بغير الحاجة للكتابة.نوع من التفكير الكسول غير العميق في جوهره، لكنه يمكن أن يحفز في دماغ القارئ شيئا من الأفكار العميقة والجادة، عملا بقول عبسميع صديقي: إذا مِتُّ ظمآنا فهذا معناه مزيد من الماء لباقي العطشى.

ريم بنَّا رئيسةً للجمهورية!

كنت اصطدمتُ بصوتها الجميل العميق مرة منذ خمسة أعوام أو أكثر... موال فلسطيني عتيق كشجرة زيتون وسلم حجري في مدخل القدس من ناحية باب المغاربة!

سألتُ (ربيع) مريض فلسطيني مُحَوَّل إلى مصر للعلاج... عاش كل الحرب في القطاع، لم تهزمه طائرات جيش الدفاع الإسرائيلي، لم يهزمه القصف المتواصل ولا الأحزمة النارية، لم يمت جوعا ولم يمت بردا ولم يمت -لشد ما كانت دهشتي- كمدا، ولكن غلبه كبده المتعب وأعياه تراكم الفضلات الدموية في جسد أنهكته الحرب والحصار!

أقول: سألتُ ربيع عابثا: من تفضل يا صديقي الفلسطيني المتعب من الحروب، النبي رغم أنفك، الشهيد مقدما -باعتبار ما سوف يكون- ان يقود القطاع بعد انتهاء الحرب: المقاومة، أم السلطة؟

لوهلة ظننتُ ربيع لم يسمع سؤالي، تجاهلني لثانية، ثم يبدو أنه قرر أنْ لا بأس لو شاركني المزاح العبثي السخيف قليلا، ما دامت الطائرات المسيرة لا تغطي سقف السماء الرمادي الكئيب كأنها سقفُ السماء الرمادي الكئيب... كأن السماء خليطُ الصفيح وركام البيوت وغبار الموت.

قال ربيع: ريم بنَّا... أتصور ريم بنا خيار مناسب...

قلبت في الذاكرة، لا أعرف قيادية في المقاومة أو في السلطة تدعى ريم... شيئ ما في الاسم يستدعي أن تستحضر ذاكرتي المتعبة صورا متقطعة عن شعر مجعد، الزي الفلسطيني التراثي لأهل الناصرة، موالا فلسطينيا عتيقا كشجرة زيتون وسلم حجري في مدخل القدس من ناحية باب المغاربة.

ريم بنااااا، تقصد المغنية.

ما أثقل مزاحك يا سيد ربيع.

ريم بنا -رحمها الله- نالت خلودها المستحق منذ سبع سنوات كسِنِي يوسف يا صديقي!

بالطبع تعرف، وهذا هو الجزء ثقيل الظل في المزحة... قطاع من الشهداء يحسن أن يديره الشهداء أنفسهم.

"سنبحثُ عن شهيدٍ في قماطٍ 

نبايعهُ أميرَ المؤمنينا"*

*تميم البرغوثي 

ريم بنا ابنة الناصرة... الناصرة من النصر.

يصر السيد جوجل على ادعائه السخيف بأن الناصرة جزء من بلد يدعى إسرائيل!

هل يبدو هذا الزي الشعبي إسرائيليا بالنسبة لك؟!

هل تبدو هذه الحنجرة إسرائيلية؟! هل هذا الموال نَص عبري وارد في المزامير؟!

يالسخافة الخوارزميات وحماقة الرأسمالية حين تحسب جميع الناس هنودا إذا أراد السيد كولومبوس من أرضهم أن تكون الهند.

نهايته: ريم بنا، لم أسمع في حياتي صوتا يمكن أن يكون فلسطينيا أكثر من صوتها.

"يا جذر جذري

إنني سأعودُ حتمًا فانتظرني"

من المرة الأولى ستلفت بالكاد اهتمامك... دقق في صوتها لتدرك أنه طبقات كتاريخ هذا البلد الحزين.

الاستماع إلى ريم بنا كاحتساء النبيذ، سائغ في البداية يمر على اللسان ولا يترك أثرا، لكن آخره لذعة محببة كطنين إبرة في قعر كوز فارغ!

وكفلسطين أيضا نالت خلودها نبية رغما عنها تقاوم سرطان الثدي وتمدد الغارات وعنجهية المحتل وصمت العالم.

كسرت حصار الصمت بصوتها العميق السلس، وكسرت حصار الذاكرة بزيها التراثي الحامل كل معاني الخلود.

وكسرت حصار الموت بالموت واقفة تضحك في وجه الفناء فلا فناء.

محمد جمال1 أعجبهم العدد
مشاركة
نشرة محمد جمال الجهني البريدية

نشرة محمد جمال الجهني البريدية

التعليقات

جارٍ جلب التعليقات ...

المزيد من نشرة محمد جمال الجهني البريدية