المُشوِّق إلى القُرآن - الصافات (1-10) |
11 مايو 2023 • بواسطة عبد الكريم الخطيب • #العدد 1 • عرض في المتصفح |
التعريف بكتاب الله تبارك وتعالى، تحقيقًا لقوله سبحانه: {وَأَنْ أَتْلُوَ الْقُرْآنَ}!
|
|
![]() |
غَريبُ الكَلِماتِ: |
وَالصَّافَّاتِ: أي: الملائِكةِ المُصطفِّينَ لرَبِّهم في السَّماءِ، وأصلُ (صفف): يدُلُّ على استِواءٍ وتَساوٍ |
.فَالزَّاجِرَاتِ زَجْرًا: أي: الملائكةِ تَسوقُ السَّحابَ، أو تَزجُرُ وتَنهَى عن معصيةِ الله، وأصلُ (زجر): يدُلُّ على طَردٍ بصَوتٍ .فَالتَّالِيَاتِ: أي: الملائكةِ تَتْلو كلامَ اللهِ عزَّ وجلَّ، وتَقرؤُه، وأصلُ (تلو): يدُلُّ على اتِّباعٍ .مَارِدٍ: أي: عاتٍ خارجٍ عن الطَّاعةِ، مُتعَرٍّ عن الخَيرِ، وأصلُ (مرد): يدُلُّ على تجريدِ الشَّيءِ مِن قِشرِه، أو ما يَعلوه مِن شَعَرِه، ومنه الماردُ والمريدُ، كأنَّه تَجَرَّد مِن الخيرِ |
.دُحُورًا: أي: إبعادًا وطَردًا، وأصلُ (دحر): يدُلُّ على طَردٍ |
.وَاصِبٌ: أي: دائِمٌ مُستمِرٌّ، وأصلُ (وصب): يدُلُّ على دَوامِ الشَّيءِ |
.خَطِفَ الْخَطْفَةَ: أي: اختلَسَ واستَرَقَ كلامَ الملائكةِ مُسارَقةً بسُرعةٍ وخِفَّةٍ، |
وأصلُ (خطف): يدُلُّ على أخْذِ الشَّيءِ بسُرعةٍ واستِلابٍ |
.شِهَابٌ: أي: كَوكَبٌ أو شُعلةٌ من النَّارِ، |
وأصلُ (شهب): يدُلُّ على بياضٍ في شَيءٍ مِن سوادٍ . |
ثَاقِبٌ: أي: خارِقٌ مُضيءٌ شديدُ الإضاءةِ، يَثقُبُ بنُورِه وإضاءتِه ما يَقَعُ عليه، |
وأصلُ (ثقب): يدُلُّ على نَفاذِ الشَّيءِ . |
المعني الإجمالي: |
أقسَمَ اللهُ تعالى بالملائِكةِ الَّتي تَصُفُّ في السَّماءِ صفًّا؛ امتِثالًا لأمرِ رَبِّها، والَّتي تَزجُرُ ما يأمُرُها اللهُ تعالى بزَجرِه، والَّتي تَتْلو ذِكرَ اللهِ تعالى، أقسَمَ الله بذلك على أنَّه سبحانَه واحِدٌ لا شَريكَ له، وأنَّه ربُّ السَّمَواتِ والأرضِ وما بينَهما، وربُّ المشارِقِ.ثمَّ بيَّن سُبحانَه بعدَ ذلك بعضَ مَظاهِرِ قُدرتِه في خَلقِه لهذه السَّمَواتِ، فقال: إنَّا زيَّنَّا السَّماءَ الدُّنيا الَّتي تَرَونَها بأعيُنِكم -أيُّها النَّاسُ- بالكواكِبِ، وحَفِظْناها مِن كُلِّ شَيطانٍ مُتمَرِّدٍ خارجٍ عن طاعتِنا يُريدُ استِراقَ السَّمْعِ.لا يَستَطيعُ أولئك الشَّياطينُ سَماعَ الملائِكةِ في السَّماءِ إذا تكَلَّموا بما يأمُرُ اللهُ به، فإذا حاوَلوا قذَفْناهم ورَجَمْناهم بالشُّهُبِ والنِّيرانِ مِن كُلِّ جانبٍ مِن جوانبِ السَّماءِ؛ طردًا وإبعادًا لهم عن استِراقِ السَّمْعِ، ولهم عذابٌ دائِمٌ مُستَمِرٌّ، فلا يَستطيعُ أحَدٌ منهم سَماعَ الملائِكةِ في السَّماءِ إلَّا الشَّيطانُ الَّذي خَطِفَ الخَطفةَ مِن كلامِ الملائكةِ بسُرعةٍ وخِفَّةٍ، فيَتبَعُه شِهابٌ مُتوقِّدٌ نافِذٌ. |
الفوائد العلمية واللطائف: |
1- قال الله تعالى: وَالصَّافَّاتِ صَفًّا قَسَمُ اللهِ بمَخلوقاتِه يُومِئُ إلى التَّنويهِ بشَأنِ المُقْسَمِ به، مِن حيثُ هو دالٌّ على عَظيمِ قُدرةِ الخالِقِ، أو كَونِه مُشرَّفًا عِندَ اللهِ تَعالى ، فاللهُ تعالى لا يَحلِفُ بشَيءٍ مِن خَلقِه إلَّا كان هذا الشَّيءُ مِن أعظَمِ آياتِه، فيَكونُ الحَلِفُ بهذا المخلوقِ مُتضَمِّنًا للحَلِفِ بآياتِ اللهِ عزَّ وجلَّ الَّتي هي فِعلُه؛ لأنَّ عِظَمَ المخلوقِ يدُلُّ على عِظَمِ الخالقِ . |
2- في قَولِه تعالى: وَالصَّافَّاتِ صَفًّا حَلِفُه سُبحانَه بما شاء مِن خلْقِه؛ لأنَّه المالكُ، كما أنَّه سُبحانَه وتعالى يأمُرُ بما شاء؛ أرَأَيْتَ أمْرَ اللهِ تعالى الملائكةَ أنْ تَسجُدَ لآدَمَ، والسُّجودُ لغيرِ اللهِ شركٌ؟! لكنَّ اللهَ يأمُرُ بما شاء. أرأيْتَ أمْرَه إبراهيمَ الخَليلَ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ أنْ يَذبَحَ ابنَه، وذَبحُ ابنِه مِن أعظمِ الكبائرِ؟! وصار بأمرِ اللهِ طاعةً لله عزَّ وجلَّ؛ كذلك الحَلِفُ بغيرِ اللهِ شِركٌ؛ ولكنْ مع هذا فلِلَّه أنْ يَحلِفَ بما شاء مِن خَلقِه . |
3- في قَولِه تعالى: وَالصَّافَّاتِ صَفًّا المرادُ به الملائِكةُ، وأُنِّثتْ باعتِبارِها جماعاتٍ، وجماعاتٌ: مُؤنَّثٌ، فالملائكةُ عليهم الصَّلاةُ والسَّلامُ جماعاتٌ مُختَلِفةٌ، كلُّ جماعةٍ لها وظيفةٌ مُعيَّنةٌ، وقد أخَذَ الزَّائِغونَ بهذا الاشتِباهِ -أي: تأنيثِ الملائكةِ- وقالوا: إنَّ الملائكةَ بناتُ اللهِ؛ ولهذا تُذكَرُ بصيغةِ التَّأنيثِ! ولكنْ لا شكَّ أنَّ هذا مِن بابِ التَّلبيسِ والتَّشبيهِ؛ فإنَّ اللهَ تعالى ذَكَرَ الملائِكةَ بصيغةِ المُذَكَّرِ وَالْمَلَائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيَسْتَغْفِرُونَ [الشورى: 5] ولم يَقُلْ: «يُسَبِّحْنَ بحمدِ ربِّهِنَّ» . |
4- في قَولِه تعالى: فَالتَّالِيَاتِ ذِكْرًا أنَّ الملائكةَ تتلو الذِّكْرَ -أي: تتلو القرآنَ، على قولٍ في التَّفسيرِ-، وهذا يدُلُّ: على قيامِ الملائكةِ بعبادةِ اللهِ، وعلى فضيلةِ القرآنِ حيثُ تَتْلوه الملائكةُ . |
5- في قَولِه تعالى: إِنَّ إِلَهَكُمْ لَوَاحِدٌ أهمِّيَّةُ التوحيدِ؛ لأنَّ اللهَ تعالى أَقسَمَ بالملائكةِ على ثبوتِ هذا التَّوحيدِ، ولأنَّ اللهَ تعالى أكَّدَه بثلاثةِ مُؤكِّداتٍ: «القَسَمِ»، «إنَّ»، «اللَّامِ» . |
6- قَولُ الله تعالى: رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا احتُجَّ به على كَونِه تعالى خالِقًا لأعمالِ العِبادِ؛ لأنَّ أعمالَ العبادِ مَوجودةٌ فيما بيْنَ السَّمَواتِ والأرضِ، وهذه الآيةُ دالَّةٌ على أنَّ كُلَّ ما حَصَل بيْنَ السَّمَواتِ والأرضِ فاللهُ رَبُّه ومالِكُه؛ فهذا يدُلُّ على أنَّ فِعلَ العَبدِ حصَل بخَلقِ اللهِ . |
7- التَّلازُمُ بيْنَ توحيدِ الألوهيَّةِ وتوحيدِ الرُّبوبيَّةِ؛ فإنَّ قَولَه تعالى: رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا بعدَ قولِه: إِنَّ إِلَهَكُمْ لَوَاحِدٌ كالدَّليلِ على تَوَحُّدِه بالألوهيَّةِ؛ وذلك أنَّه إذا كان مُتَوَحِّدًا بالرُّبوبيَّةِ لَزِمَ أن يكونَ مُتَوَحِّدًا في الألوهيَّةِ، كما قال تعالى: يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ [البقرة: 21] ، فكيف تَعبُدونَ غَيْرَه ممَّن لم يَخلُقْكم ولا خَلَقَ أحدًا ؟! |
8- في قَولِه تعالى: رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا الإشارةُ إلى عِظَمِ السَّمَواتِ والأرضِ وما بيْنَهما؛ لأنَّ اللهَ أضاف الرُّبوبيَّةَ إليها في مَقامِ إقامةِ الحُجَّةِ، وهذا يدُلُّ على عِظَمِها، وأنَّها لِعِظَمِها صارتْ كالدَّليلِ المُلزِمِ لتوحيدِ الألوهيَّةِ . |
9- في قَولِه تعالى: إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ عنايةُ اللهِ سُبحانَه وتعالى بخَلْقِه؛ حيث زَيَّنَ لهم السَّقفَ الَّذي فوقَ رُؤوسِهم؛ لأنَّه لو كان مُظلِمًا حالِكًا لا يَرونَ فيه شَيئًا مُنيرًا لَكان في ذلك شَيءٌ مِن الإيحاشِ، ولكِنَّ اللهَ تعالى اعتنَى بهذا، فزَيَّنَه لهم . |
التدبر: |
" فالتاليات ذكرا"أقسم الله بمن يتلو الذكر؛.فيدخل في ذلك :من جلس في المسجد يتلو القرآن ؛استشعر قسم الله بك أثناء جلوسك. ــــ ˮعقيل الشمري“ |
"زينا السماء الدنيا بزينة الكواكب * وحفظا من كل شيطان مارد" فزين ظاهرها بالنجوم، وباطنها بالحراسة. ــــ ˮابن قيم الجوزية (ابن القيم)“ |
التساؤلات: |
س/ ﴿فَالتَّالِيَاتِ ذِكْرًا﴾ هل الآية قسم؟ج/ نعم هو قسم بالملائكة الذين يتلون كلاَم الله. ــــ ˮعبدالرحمن بن معاضة الشهري“ |
إقتراحات أعمال بالآيات: |
1- تأمل في خلق النجوم، ثم احمد الله على أن منع الشياطين من استراق السمع لئلا يفتنوا العباد،﴿ وَحِفْظًا مِّن كُلِّ شَيْطَٰنٍ مَّارِدٍ ﴾ |
2- استعذ بالله تعالى من شر الشيطان الرجيم، ﴿ وَحِفْظًا مِّن كُلِّ شَيْطَٰنٍ مَّارِدٍ ﴾ ــــ ˮالقرآن تدبر وعمل“ |
روابط مفيدة |
Listen to تفسير سورة الصافات--الجزء ١ by تفسير الشعراوي in تفسير سور الصافات playlist online for free on SoundCloud
Listen to تفسير سورة الصافات--الجزء ١ by تفسير الشعراوي on desktop and mobile.
soundcloud.com
|
التعليقات