نشرة قاب قوسين… بين المقبض وطرف القوس .البريدية - العدد #1 |
3 يوليو 2025 • بواسطة نوال محمد بن عفيف • #العدد 1 • عرض في المتصفح |
في البدء…لستُ هنا لأكتب نصائح جاهزة،ولا لأُبهر أحدًا بلاغةً أو تنظيرًا.أنا هنا لأهمس… لا لأصرخ.لأقف عند المفاصل التي غالبًا ما نتجاوزها…لا لأننا لا نراها، بل لأننا لم نُعطِها وقتًا كافيًا للفهم.في هذه النشرة،سأفتح معك أبوابًا صغيرة… خلفها تأمل، ودهشة، وربما شيء يشبهك جدًا.لن أحدثك كما تُحدّثك العناوين اليومية،بل كما يحدثك شخصٌ يعرف ما مررت به، حتى لو لم يمر به.هنا…لا توجد نهاية، فقط نقاطُ بداية.ولا توجد إجابات جاهزة، بل أسئلة أوضح.فأنت الآن…قاب قوسين من فكرةٍ… قد تُربكك، أو تُنقذك، أو تُوقظ فيك شيئًا نائمًا منذ زمن.مرحبًا بك في نشرتي.
|
|
قاب قوسين من اللحظة التي لا نصلها أبدًا… |
كانت المفارقة مضحكة… تقريبًا. كلما فكرتُ في "إضاعة الوقت"، عشتُ في الماضي. وكلما خفتُ من إضاعة الوقت، عشتُ في المستقبل. وفي الحالتين… لم أصل إلى الحاضر أبدًا. |
الماضي كان متحفًا مفتوحًا، أزور كل ركن فيه مرارًا، أُقلّب الصور، وأُعيد الشريط، وألوم نفسي: "لو أنني لم أقل…" "لو أنني تأخرت دقيقة…" "لو أنني قررت غير ما قررت…" |
أما المستقبل… فكان مرآةً لا أعلم أين وُضِعت. أجري نحوها، أخافها، أرجوها، أتهيأ لها، وأحيانًا أختبئ منها خلف جدولٍ أو أمنية. |
لكن الحاضر؟ كان مثل طفلٍ صغير… ينتظرني عند باب الوعي، يهمس: "أنا هنا، الآن… هل تراني؟" ولا أراه. |
أنا الذي كتبت القوائم، شغّلت كل منبّه، خططت لكل ساعة، لكنني لم أسمع صوت اللحظة أبدًا. |
الآن لا يُصفّق. لا يُوثّق. لا يُفاخر به. هو فقط… موجود. بلا وعد. بلا جمهور. |
وكان ذلك الصدق… مخيفًا. |
كل مرة أهرب من شعور، أقفز من "الآن" إلى "أمس"، أو أُسافر إلى "غد". أرفض أن أكون هنا، أن أتنفس اللحظة، لأنها ببساطة لا تملك وهج الندم، ولا ضجيج الترقّب. |
حتى سؤالي: "هل أضعت وقتي؟" كان سؤالًا عن زمنٍ انتهى، أو زمنٍ لم يأتِ. أما الزمن الذي كُنتُ فيه فعلاً؟ لم أُجبه قط. |
هل جرّبت أن تجلس… فقط تجلس؟ لا تُفكر فيما فات، لا تُخطط لما سيأتي، بل تُصغي لأنفاسك، وترى لون الضوء على يدك، وتقول لنفسك: "أنا هنا، فقط… هنا." |
فحين تسمح للحظة أن تكون، و حين لا تجرّها للماضي ولا تُعلّقها بالمستقبل، و حين تجلس معها، كما تجلس مع صديقٍ لا تحتاج أمامه أن تبدو شيئًا… |
عندها فقط… ستدرك أن "إضاعة الوقت" كانت أصدق ما قد يهديك نفسك. |
قاب قوسين من يقظة… وقاب قوسين من عودة صامتة إلى الحضور. |
قاب قوسين من الحضور، وقاب قوسين من لحظةٍ لا تُشبه غيرها. |
لا الماضي سيعود ليمنحك إجابة، ولا المستقبل سيعتذر عن غيابه. كل ما تملك… لحظة الآن. |
والمفارقة؟ أن أعظم ما نملكه، هو الشيء الوحيد الذي نؤجله دائمًا. |
نقطة. ونهاية سطر. أو بداية… إن قررتَ أن تبقى. هنا. |
![]() |
التعليقات