الدنيا همه ! - العدد #10 |
بواسطة أحمد محمد • #العدد 10 • عرض في المتصفح |
|
لقراءة المقال بشكل أوضح وأجمل قم بتنزيله بصيغة PDF إضغط هنا للنزيل |
في زحام الحياة وإنشغال البعض بتوفير لقمة العيش والسعي الدؤوب لمجاراة تكلفة المعيشة الباهظة والإنشغال في ملذات الحياة ومتاعبها يغفل البعض عن أمر مهم ومصيري لكل إنسان على وجه الأرض ويغير قواعد اللعبة بالنسبة إليه ويغير قواعد الحياة ونظرته لها , فيما رواه الترمذي (2465) عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ كَانَتِ الآخِرَةُ هَمَّهُ جَعَلَ اللَّهُ غِنَاهُ فِي قَلْبِهِ وَجَمَعَ لَهُ شَمْلَهُ، وَأَتَتْهُ الدُّنْيَا وَهِيَ رَاغِمَةٌ، وَمَنْ كَانَتِ الدُّنْيَا هَمَّهُ جَعَلَ اللَّهُ فَقْرَهُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ، وَفَرَّقَ عَلَيْهِ شَمْلَهُ، وَلَمْ يَأْتِهِ مِنَ الدُّنْيَا إِلَّا مَا قُدِّرَ لَهُ . |
ورواه ابن ماجه (4105) من حديث زَيْد بْن ثَابِتٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: مَنْ كَانَتِ الدُّنْيَا هَمَّهُ، فَرَّقَ اللَّهُ عَلَيْهِ أَمْرَهُ، وَجَعَلَ فَقْرَهُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ، وَلَمْ يَأْتِهِ مِنَ الدُّنْيَا إِلَّا مَا كُتِبَ لَهُ، وَمَنْ كَانَتِ الْآخِرَةُ نِيَّتَهُ، جَمَعَ اللَّهُ لَهُ أَمْرَهُ، وَجَعَلَ غِنَاهُ فِي قَلْبِهِ، وَأَتَتْهُ الدُّنْيَا وَهِيَ رَاغِمَةٌ . |
وصححه الألباني في "سلسلة الأحاديث الصحيحة" (2 / 634). |
وجاء في شرح الحديث : |
الاشتغالُ بالآخرةِ دارِ القَرارِ سببُ السَّعادةِ والفوزِ بنَعيمِ اللهِ عزَّ وجلَّ، ولا يَنقُص من الرِّزق شَيئًا، والاشتِغالُ بالدُّنيا الفانيةِ يُورِثُ الهُمومَ ويُفرِّقُ الشَّملَ ولا يَزيدُ من الرِّزقِ شيئًا. |
وفي هذا الحَديثِ يقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم: "مَن كانَتِ الآخِرةُ همَّه"، أي: أهَمَّ ما يَشغَلُه وكانتْ هي قَصْدَه في عمَلِه وحياتِه في الدُّنيا. |
"جعَل اللهُ غِناه في قلبِه"، أي: رزَقه الكِفايةَ وقنَّعه بما في يدِه، فيكونُ مُستغنِيًا باللهِ عن النَّاسِ، ولا يَطمَعُ في أحَدٍ. |
"وجمَع له شَمْلَه"، أي: وكانَت أمورُه المتفرِّقةُ مُجتمِعةً بإذنِ اللهِ، ويسَّر له كلَّ شيءٍ. |
"وأتَتْه الدُّنيا وهي راغِمةٌ"، أي: وتأتيه الدُّنيا وهي ذَليلةٌ؛ لأنَّه لم يتَطلَّعْ إليها. |
"ومَن كانت الدُّنيا همَّه"، أي: كانت قصْدَه وشُغلَه، وكان غرَضُه مِنها اتِّباعَ الشَّهواتِ. |
"جعَل اللهُ فقْرَه"، أي: جعَل اللهُ احتِياجَه "بينَ عينَيْه"، أي: أمامَه ولو كان مِن الأغنياءِ. |
"وفرَّق عليه شَمْلَه"، أي: شتَّت عليه أمرَه فتتشعَّبُ عليه أمورُ الدُّنيا. |
"ولم يأتِه مِن الدُّنيا إلَّا ما قُدِّر له"، أي: لَم يُحصِّلْ مِنْها رُغمَ هذا السَّعيِ فيها إلَّا ما قد كتَبه اللهُ عزَّ وجلَّ له. |
وفي الحديثِ: الترغيبُ في الاهتِمامِ بالآخِرةِ والإقبالِ عليها، والحَثُّ على الزُّهدِ في الدُّنيا والإعراضِ عنها. |
ويتضح هذا بحديث جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَيُّهَا النَّاسُ، اتَّقُوا اللَّهَ ، وَأَجْمِلُوا فِي الطَّلَبِ، فَإِنَّ نَفْسًا لَنْ تَمُوتَ حَتَّى تَسْتَوْفِيَ رِزْقَهَا، وَإِنْ أَبْطَأَ عَنْهَا، فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَجْمِلُوا فِي الطَّلَبِ، خُذُوا مَا حَلَّ، وَدَعُوا مَا حَرُمَ رواه ابن ماجه (2144)، وصححه الألباني في "سلسلة الأحاديث الصحيحة" (6 / 209). |
ومعنى : وأجملوا في الطلب : أي : اطلبوا الرزق طلبا رفيقًا ، وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم المراد بذلك ، بأن يأخذ الإنسان ما حل ، ويدع ما حرم . |
نظرك إلى الحياة من هذا المنظور وأن الآخرة هي الأهم وهي دار الجزاء ودار المكوث الأبدي , سيغير كثيراً من الأمور في حياتك ستسموا نفسك عن كثير من الأمور , ما أجمل أن تكون كل سكناتك وكل حركاتك لله وتبتغي فيها وجه الله والدار الآخرة . |
نومك تحتسبه لله ! |
ذهابك الى العمل تحتسبه لله ! |
الإنفاق على زوجتك وأبنائك تحتسبه لله ! |
العفو عمن أساء إليك تحتسبه لله ! |
مساعدة الناس على حل مشاكلهم تحتسبه لله ! |
التوقف عن الغيبة والنميمة من أجل الله ! |
المحافظة على الواجبات والطاعات من أجل الله ! |
وكل أمور حياتك تكون من أجل الله حتى تلقاه , فهو خالقك ورازقك , كيف لا وهو القائل عز وجل ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾[ سورة الذاريات: 56] وقال الشيخ السعدي رحمه الله في تفسيرها "هذه الغاية، التي خلق الله الجن والإنس لها، وبعث جميع الرسل يدعون إليها، وهي عبادته، المتضمنة لمعرفته ومحبته، والإنابة إليه والإقبال عليه، والإعراض عما سواه، وذلك يتضمن معرفة الله تعالى، فإن تمام العبادة، متوقف على المعرفة بالله، بل كلما ازداد العبد معرفة لربه، كانت عبادته أكمل، فهذا الذي خلق الله المكلفين لأجله، فما خلقهم لحاجة منه إليهم. "إنتهى. |
والأمر هذا لا يعني أنك تكون شخص ضعيف وهازل وعاله على من حولك بل بالعكس هذا يدعوك إلى العمل والإجتهاد والاستعانة بالصبر والصلاة , وفسر الإمام إبن باز رحمه الله قوله تعالى: (واستعينوا بالصبر والصلاة ...) فقال :"على ظاهرها، الرب جل وعلا يأمر بالاستعانة بالصبر والصلاة في أمور الدنيا والدين، وكان النبي ﷺ إذا حزبه شيء فزع إلى الصلاة، فالصلاة من أعظم الأسباب على تيسير الأمور، وحل المشاكل؛ فإذا أهمه شيء، دين، أو ظالم، أو شبه ذلك، صلى ودعا ربه، واستغاث به أن يقضي دينه، وأن يكفيه شر الظالم، وأن يعينه على ذكره وشكره، ويصبر أيضًا على المشاق في طلب الرزق، وفي طاعة الله، وترك معصيته، يصبر، يخالف هواه، ويستعين بالله على ذلك، ويؤدي ما أوجب الله عليه من الصلاة في الجماعة من بر والديه، من صلة أرحامه، من قضاء الدين، من غير هذا مما أمر الله به، يصبر، ولا يتبرم، ولا يكسل ولا يضعف، بل يصبر على أداء الواجبات، وعلى ترك المحرمات، ويستعين بالله في ذلك، ويؤدي الصلاة كما أمر الله، الفرض والنفل كما أمر الله. |
ويستعين بها - يعني: بفعلها - على طاعة الله، وعلى أداء الحقوق، فإن الصلاة نعم العون، يصلي ويذكر الله، ويدعوه ويستعين به في سجوده، وبين السجدتين، وفي آخر الصلاة يرفع يديه، ويدعو ربه يقول: اللهم يسر لي كذا، اللهم أعطني كذا بعدما يسلم، أو في أي وقت يرفع يديه، ويدعو ربه، ويستجير به، ويسأله أن يعينه على قضاء الدين، وأن يعينه على سلامته من الظالم، أن يعينه على أداء الحج، أن يعينه على بر الوالدين إلى غير ذلك، يضرع إلى الله ويسأله. |
والصلاة تعينه على ذلك فإنها عبادة عظيمة، فإذا صلى وسأل ربه، وضرع إليه؛ أن يعينه على مهماته كان ذلك حسنًا طيبًا نافعًا، وقوله سبحانه: وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ[البقرة:45] يعني: شاقة، الصلاة تشق على الكسالى وضعفاء الإيمان، لكن الخاشعين المؤمنين الصادقين ميسرة عليهم، سهلة عليهم، لمعرفتهم بفضلها، وعظيم الأجر فيها، فهم يبادرون لها، ويسارعون إليها بنشاط، وقوة، ورغبة؛ لأنهم عرفوا قدرها، وعرفوا شأنها، فهي لا تشق عليهم، ولكنها تشق على الكسالى وضعفاء الإيمان الذين ليس عندهم بصيرة بشأن الصلاة وعظمها، والله المستعان." إنتهى. |
لا تغفل عن هذا الأمر أن تجعل الآخرة همك وهي شغلك الشاغل في خضم هذه الحياة , وبمجرد تغير نيتك بإذن الله سترى الخير الكثير والأجر الوفير من الله , أقبل إلى الله في كل شؤون حياتك وطلبه العون والتيسير والتسهيل في كل أمورك ولا تعجز عن الدعاء فهو سلاح المسلم وسيفه البتول لكل أزمة ومصيبة ولكل رجاء وأمنية وطلب . كن مع الله في سائر يومك . |
ختاما َردد معي : |
"اللهمَّ اقسِمْ لنا مِنْ خشيَتِكَ ما تحولُ بِهِ بينَنَا وبينَ معاصيكَ ، ومِنْ طاعَتِكَ ما تُبَلِّغُنَا بِهِ جنتَكَ ، ومِنَ اليقينِ ما تُهَوِّنُ بِهِ علَيْنَا مصائِبَ الدُّنيا ، اللهمَّ متِّعْنَا بأسماعِنا ، وأبصارِنا ، وقوَّتِنا ما أحْيَيْتَنا ، واجعلْهُ الوارِثَ مِنَّا ، واجعَلْ ثَأْرَنا عَلَى مَنْ ظلَمَنا ، وانصرْنا عَلَى مَنْ عادَانا ، ولا تَجْعَلِ مُصِيبَتَنا في دينِنِا ، ولَا تَجْعَلْ الدنيا أكبرَ هَمِّنَا ، ولَا مَبْلَغَ عِلْمِنا ، ولَا تُسَلِّطْ عَلَيْنا مَنْ لَا يرْحَمُنا" |
"اللهمَّ اقسِمْ لنا مِنْ خشيَتِكَ ما تحولُ بِهِ بينَنَا وبينَ معاصيكَ ، ومِنْ طاعَتِكَ ما تُبَلِّغُنَا بِهِ جنتَكَ ، ومِنَ اليقينِ ما تُهَوِّنُ بِهِ علَيْنَا مصائِبَ الدُّنيا ، اللهمَّ متِّعْنَا بأسماعِنا ، وأبصارِنا ، وقوَّتِنا ما أحْيَيْتَنا ، واجعلْهُ الوارِثَ مِنَّا ، واجعَلْ ثَأْرَنا عَلَى مَنْ ظلَمَنا ، وانصرْنا عَلَى مَنْ عادَانا ، ولا تَجْعَلِ مُصِيبَتَنا في دينِنِا ، ولَا تَجْعَلْ الدنيا أكبرَ هَمِّنَا ، ولَا مَبْلَغَ عِلْمِنا ، ولَا تُسَلِّطْ عَلَيْنا مَنْ لَا يرْحَمُنا" |
"اللهمَّ اقسِمْ لنا مِنْ خشيَتِكَ ما تحولُ بِهِ بينَنَا وبينَ معاصيكَ ، ومِنْ طاعَتِكَ ما تُبَلِّغُنَا بِهِ جنتَكَ ، ومِنَ اليقينِ ما تُهَوِّنُ بِهِ علَيْنَا مصائِبَ الدُّنيا ، اللهمَّ متِّعْنَا بأسماعِنا ، وأبصارِنا ، وقوَّتِنا ما أحْيَيْتَنا ، واجعلْهُ الوارِثَ مِنَّا ، واجعَلْ ثَأْرَنا عَلَى مَنْ ظلَمَنا ، وانصرْنا عَلَى مَنْ عادَانا ، ولا تَجْعَلِ مُصِيبَتَنا في دينِنِا ، ولَا تَجْعَلْ الدنيا أكبرَ هَمِّنَا ، ولَا مَبْلَغَ عِلْمِنا ، ولَا تُسَلِّطْ عَلَيْنا مَنْ لَا يرْحَمُنا" . |
التعليقات