شكوى .. وجواب شكوى- العدد #12

بواسطة عبدالله الشهري #العدد 12 عرض في المتصفح

شكوى .. وجواب شكوى ..

قبل أن يذهب ذهنك إلى محمد إقبال، وتظن أنني سأتحدث عن قصائده الجميلة، خصوصا تلك التي ترجمها عبدالوهاب عزام فخرجت عربية المعنى واللفظ، محلقة في سماء المعاني الخالدة .. 

أحب أن أبيّن أن كلامي عن شكوى وتساؤل يبديه كثيرون حول اكتساب العلم وإدراك بعض المعارف، مع كثرة الصوارف، وقلة المعين، وتزايد هموم الحياة، والبحث عن لقمة العيش.

وما يبديه هؤلاء الكرام هو الحسرة والخوف على فوات التحصيل والتلقي.

وهنا لستُ مدّعيًا إن إجابتي هي الشافية الوافية، ولكني سأذكّر بمعالم في هذا الشأن، أرى أن المرء إذا انتبه لها ستكون معينة له على تخفيف هذا القلق، ومعينة أيضا على استمرار الانتفاع.

أما أهل العلم الذين هم مع العلم دراسة وتدريسا، ومعايشهم مرتبطة به، فهؤلاء ليسوا محل الحديث.

• إنما آخرون يمضون الساعات الكثيرة في أعمالهم المتنوعة، مع حزمة مكثّفة من الارتباطات الأخرى: عائلية، اجتماعية، ولربما صحية.

فهؤلاء لا يقال لهم أكثر من الآتي:

- لا يكلف الله إلا وسعها.

- سددوا وقاربوا.

- احسب زمن الانشغالات غير المهمة، أو التي تقضيها لبلوغ أمور أخرى: سفر، ارتحال، ركوب الباصات، انتظار في أماكن الانتظارات وغيرها، ثم انظر كم ستخرج منه بأوقات؟ ،، لا أظن في حال كثير من الناس أن الزمن سيقل عن ساعة، ولربما زاد عن ذلك إلى ثنتين وثلاثا وأكثر. 

في هذا الزمن المهدر يمكن أن تنتفع به لاكتساب كثير من العلم والمعرفة، بالاستماع والقراءة وغيرها، حتى وإن افتقدت بعض التركيز!

الشأن هو العزم، وحسن إدارة الوقت، والرغبة في الهدف الأسمى.

نتذكر كيف كتب ابن القيم كتابه زاد المعاد في مراحل السفر والتنقل.

ذكر طه حسين  في سيرته الذاتية "الأيام" إلى أنه كان يستغل أوقات السفر والانتظار في التفكير والتأمل وكتابة أفكار جديدة .

الكاتب الفرنسي الشهير مارسيل بروست  

مارسيل بروست

مارسيل بروست

عُرف بتأملاته العميقة التي كتبها أثناء لحظات العزلة، خاصة أثناء سفره. كان يستغل هذه الأوقات للتفكير وكتابة عمله الضخم البحث عن الزمن المفقود ..

وينقل عن الفيلسوف الألماني كانط أن كثيرا من تأملاته كانت وقته مشبه وتنقله في مدينته.

الكاتب الأمريكي ستيفن كينغ ذكر في بعض مقابلاته أنه كان يستغل رحلات القطار والطائرة لكتابة بعض القصص أو مراجعة مسودات ما يكتب .

ستيفن كينغ

ستيفن كينغ

جورج أورويل خلال أسفاره كان يحمل دفتر ملاحظات أثناء ركوبه القطار أو الحافلة لتوثيق أفكاره التي شكلت أساس بعض رواياته، كروايتيه الشهيرتين : 1984 ومزرعة الحيوان

تجربتي الخاصة (وهي ليست محل قدوة) :

في مانشستر قبل سنوات، كنتُ أركب الباصات كثيرا، ولا أذكر أنني ركبت إلا والسمّاعات في أذني، أسمع خلالها (بودكاساتات) للغة الإنجليزية، أجزم أن أثر تلك الساعات ما زال معي حتى الآن.

• الراغب في المعرفة قد يستمع لدروس كثيرة في طريقه من و إلى (البيت، العمل، المستشفى، المطعم) ،، كل يوم، نعم كل يوم.

عملي خارج الرياض أحتاج إلى زمن كثير، يمضي أغلبه في الاستماع لدروس الشيخ عبدالكريم الخضير.

استمعت حتى الآن إلى عدد كبير من دروسه: (شرح الواسطية، شرح الطحاوية، نونية ابن القيم، صحيح البخاري،  شرح مسلم، شرح الموطأ) وغيرها.

وأقل من ذلك للشيخ ابن عثيمين، واستمعت للشيخ يوسف الغفيص، وسعيد الكملي، وغيرهم وغيرهم.

تريدون الحق، أظن أنني لو جلست في بيتي ولم أذهب للعمل لم أستمع لنصف ما استمعت له في مشاويري لعملي.

خلاصة مكتوبة أعلاه :

الشأن هو العزم والانضباط، وحسن إدارة الوقت. 

بالتوفيق لعشاق المعرفة  ..

محمود عزتيوسفحنان8 أعجبهم العدد
مشاركة
نشرة عبدالله الشهري البريدية

نشرة عبدالله الشهري البريدية

التعليقات

جارٍ جلب التعليقات ...

المزيد من نشرة عبدالله الشهري البريدية