قراءة واعية (1) العدد #16 |
بواسطة عبدالله الشهري • #العدد 16 • عرض في المتصفح |
|
قراءة واعية (1) |
النفوس الكبيرة تُشغل دوما بالأشياء الكبيرة، وغير خافٍ على أهل العقول أنّ من القضايا الكبرى في حياة الأمم قضيّة العلم والتعلم، وأنّ القراءة هي بوابتها الواسعة، ومهادها اللاحب، وأنّ مِنْ تلك المفردة المقدسة "اقرأ" بدأت معارف أعظم أمة في تاريخ البشرية. |
وهنيئا لك إن كانت القراءة وما يكتب حولها مما يأخذ من تفكيرك، وأزعم أنك تتفق معي أن كثيرين هم على الشاكلة لكنهم في الشأن العملي تقع منهم الأخطاء، ويصيبهم شيء من الركود، وتتوارى أحيانا من أمامهم المنهجية الفعالة. |
وفي هذه الكتابة لن تجد جديدا لم يُطرق من قبل، إنما هي محاولة لِلَمّ شتات ما كُتب حول منهجيات القراءة ومعالمها، وهو كثير كثير يملأ المجلدات ،، وهنا محاولة لعصرها أو قل كبسلتها ليسهل على الراغب قراءتها وتأملها غير مرة . |
هذه المعالم والأفكار هي في شأن القراءة عموما، ولكنك واجدها ألصق بالعلوم الشرعية وما دار في فلكها من علوم الآلة، فتنبه لذلك. |
مع الأفضل دوما |
العمر قصير، وعليه فلا تقرأ إلا الجيّد من المدونات، بل حاول أن تكون تلك المدونات هي الأفضل في بابها، وأولئك المؤلفون هم أبرز من كتب ودوّن وحرر.. والاستشارة باب كبير للإفادة في معرفة جيد الكتب وتجاوز خسارة الزمن والجهد والمال. |
على أنه من المتقرر أنّ أيّ شيء يُقرأ يأخذ موقعه من عقل الإنسان وينفذ إلى وعيه، لكنه لا يظهر سريعا. ثم تجتمع تلك القراءات المتناثرة لتكون شخصية القارئ العلمية والفكرية. فكيف لو كانت كل تلك القراءات بأفقيتها ورأسيتها في الكتب الجيدة وللكاتب المتقن ؟ |
القليل من الفوضى والكثير من الانضباط ! |
ربما قرأت لأحد الأذكياء أنه يمارس الفوضوية في قراءاته وعلاقاته الغرامية بكتبه. |
حسنا .. أدرْ نظرك تُجاه ثلّة كثيرة من أهل العلم والمعرفة، كان الانضباط أساسا وركنا منهجيا في قراءاتهم ، وأثمر بدوره حُسْن تعلّم، ودّقة فهم، ورسوخ معرفة .. |
الكتاب الجيّد يدل على شبيهه، ولذلك كن يقظا وأنت تقرأ ،، فستجد إشارات واضحة من المؤلف تجاه كتب كانت جزءا أصيلا في تكوينه المعرفي أو لبنات مهمة تكوّن منها كتابه الذي بين يديك ، وربما وجدت بين السطور كُتُبا لا نظير لها ،، فقط وسّع حدقة عينك! |
ولا أظنني بحاجة إلى دلالتك على أهمية حرث هوامش الكتاب وجريدة المراجع ، وتقليب النظر فيها مرارا. |
ومن ملامح الانضباط معرفتك بمداخل العلوم، وكتب تلك العلوم الشرعية من أبرز ما كتب في مداخلها، وتفنن الكُتّاب في رقم تلك المداخل وحسن تحريرها، فينبغي عليك أن تتفطّن لها، ولأنها سميت مداخل، فالواجب في حقك أن يكون ولوجك إلى تلك العلوم عبر مساربها. |
الأصل أولى من الاستثناء |
لا تشغلك كلمات بعض القراء حين تجدها مبثوثة في وسائل التواصل ، ومن ذلك: (أنا لا أحمل القلم مطلقا أثناء القراءة) .. وخذ مني هذه القاعدة تنفعك: بعض الاستثناءات تثمر مع أناس لكنهم قليل .. فعليك بالأصل الذي لا يكدّره الاستثناء، وهو حمل القلم أثناء القراءة، وخصوصا في قراءة التعلّم والبناء والتزوّد ،، أما قراءات الاسترخاء فالأمر فيه يسير. |
وللحديث تتمة بإذن الله . |
التعليقات