معالجة لأبرز المُقالات التي تثار حول القراءة.

الحمدلله وبعد، شاهدتُ من المنتسبين لمجال العلم، والمعرفة ، والثقافة ،على شتّى أنواعها ممن يخذّل القرّاء عن القراءة ويشدُّ ساعدَ لسانهِ ويرمي اخوانه ببعض الكُليمات ، منها على سبيل المثال " الكتب بحر" ، " من كان شيخه كتابه كان خطأهُ اكثر من صوابه"، " هل تفهم كل ما تقرأ " ، وهلمَّ جراً..لا نقول أنَّ هذه الكليمات خاطئة على الأطلاق ، بل نقول جانب هذا المنتسب الصواب في جزئيات ، فالقراءة أنواع ومعارف شتّى وعلوم غزيرة ؛ منها ماهيَ بُحيرات وأنهار ينهل منها البادئ والمنتهي ، والخاص والعام ؛ ومنها ما هيَ بحار لا يغوص فيها إلاّ السبّاح الماهر ، ولا ينهلُ منها إلّا النحريب اليقظ ؛ وأمّا الشيخ والمعلم فهذا لابُد منه يقول أبو حيان الأندلسي:
" يَظُنُّ الغمرُ أَنَّ الكُتبَ تجديأَخا ذِهنٍ لإِدراكِ العُلومِوَما يَدري الجَهولُ بِأَنَّ فيهاغَوامِضَ حَيَّرت عَقلَ الحَليمِإِذا رُمتَ العُلومَ بِغَيرِ شَيخٍضَلَلتَ عَن الصراطِ المُستَقيمِ "فلا جرمَ أنَّ الكتب وحدها قد تكون وبال على صاحبها ، ولكن موضوعنا هاهنا ليست تلك الكتب التي تحتاج شرح وفهم وبيان لمعانيها والتي لا يعلمها إلاّ قلة من أهل العلم ؛ موضوعنا كما ذكرتُ آنفاً أنّها الكتب التي تكاد تصلح لكلِ أحد ؛ وأمّا عن فهم كل مافي الكتاب فهذه المقولة شائعة وخاطئة لحدٍ كبير ، لإنّ الفهم هنا نسبي قد يختلف من شخص إلى آخر ، ويختلف في موضوع الكتاب وفحواه ؛ ولو سلّمنا جدلاً أننا لا نفهم كل ما نقرأ وهذا الشيء الطبيعي ، من قال أنه من شروط القارئ لكتابٍ ما أن يفهم كل مافيه وكل ما حواه ؟ فلو أنك على سبيل المثال  قرأت كتاب مكون من عدة فصول وكل فصلٍ حوى ما حوى وفهمت من هذه الفصول فصلين أو أكثر أليست هذه استفادة أيما استفادة ؟ ؛ فيا صديق المعرفة والعلم مناطُ الأمر ونبراسه ليس في الكتب وحدها بل بك ،والسلام.