5 أعوام غيرت كل شيء: هكذا سبقت أقراني رغم العقبات

بواسطة خالد بزماوي #العدد 79 عرض في المتصفح

من المؤسف أن المجتمعات السورية والعربية بشكل عام، لا تزال تقيس قيمة الأطفال بمقارنتهم ببعضهم البعض، متجاهلةً اختلافاتهم الفطرية في النمو والتعلم.

نحن لا ننظر إلى الرحلة، بل نحكم فقط على النتائج، وكأن الإنسان مجرد رقم في سباق لا ينتهي.

والأسوأ من ذلك، أنك حتى لو تفوقت على أقرانك، ستجد من يقارنك بمن كان في مثل عمرك قبل 30 عاماً، وكأن الزمن لم يتغير ولم تتبدل الظروف.

وهذا، في نظري، مجرد هراء لا نفع منه. دعنا نتعمق أكثر في الأمر بشكل شخصي:

عشت سنواتي الأولى في بيئة بسيطة، وسط عائلة متوسطة الدخل، لم أكن من المرفهين، لكنني لم أكن من الفقراء أيضاً، والحمد لله.

أذكر ذلك لأوضح أن الضغط الاجتماعي لا يميز بين الطبقات، بل هو جزء من ثقافة متجذرة تطال الجميع.

منذ صغري، كنت أُقارن بأقراني، سواء كانوا أبناء العمة والعم، أو أي شخص في محيطي ومن نفس جيلي، حتى لو كان ابن صديق والدي الذي لم ألتقِ به من قبل.

ورغم أن هذه المقارنات كانت عبئاً ثقيلاً، إلا أنها شكّلت الدافع الأول لتقدمي على كل من حولي.

لكنني أعلم جيداً أنه كان دافعاً سيئاً ويؤدي في كثير من الأحيان إلى تراكمات تظهر في المستقبل، ولهذا لن أكرر هذا النهج مع أطفالي أبداً، فقد أدركت أن لكل إنسان رزقه المكتوب، ومهاراته الفريدة، وقدراته التي يختصه الله بها.

ما يهم حقاً هو السعي، أما النتائج فهي بيد الله سبحانه وتعالى.

وإن كان لي دور في حياة أطفالي، فسيكون دور الناصح والداعم، لا الشخص الذي يفرض أحلامه غير المحققة عليهم. فهذه إحدى المعضلات الأزلية في مجتمعاتنا، ولن أخوض فيها أكثر. بل سأنتقل مباشرة إلى الأمور التي ساعدتني على كسر هذه الدائرة والخروج منها:

1- لن أعمل بمفردي، سأجد فريقاً أو بيئة تدعمني

بعد انتهائي من امتحانات الثانوية العامة، التي كانت من أصعب مراحل حياتي، أدركت يقيناً أنني لن أستطيع تحقيق شيء بمفردي.

كنت على دراية بأن مهاراتي ليست أكاديمية ولا فنية، بل تتمحور حول التواصل والإقناع وما يتعلق بهما.

لذلك، كان من الضروري أن أحيط نفسي بأشخاص يكملون ما ينقصني، يغلقون الثغرات في قدراتي، ويشاركونني الرحلة. كانت هذه هي الخطوة الأولى نحو التقدم.

2- تركت كل شيء ورائي: لن أهتم بمعدلاتي الدراسية

حصلت في شهادة التعليم الأساسي على 1777 من أصل 3100، وفي الثانوية لم يتجاوز مجموعي 143 من أصل 240.

هذه النتائج كانت مخيبة للآمال وأثرت في نفسيتي لسنوات، وجعلتني أشعر بالإحباط والتراجع.

لكنني أدركت لاحقاً أن التمسك بالماضي لا يجدي نفعاً، وأن الأخطاء ليست سوى دروس تُصقل بها التجربة.

كان عليّ أن أمضي قدماً، أن أتعلم من إخفاقاتي بدلاً من أن أسمح لها بتقييدي، وهذا ما جعلني أواصل العمل دون أن ألتفت للوراء.

3- لا أبرح حتى أبلغ

الإصرار كان ولا يزال إحدى أقوى الصفات التي أملكها.

كان الكثيرون ممن حولي يعتقدون أنني أضيع وقتي وجهدي في العمل عبر الإنترنت بلا فائدة، لكنني كنت أرى ما لا يرونه.

واليوم، أحقق في صفقة واحدة ما يكسبه بعضهم في عام أو عامين، وأدير شركة تسويق رقمي في دبي، وأتعاون مع عملاء من مختلف أنحاء العالم.

لم أكن واثقاً تماماً من صحة الطريق الذي أسلكه، ولم أكن أملك خريطة واضحة، لكنني كنت مؤمناً بشيء واحد فقط: سأصل، مهما كانت الصعوبات، ومهما كانت التحديات.

لم أكن أعرف الكيفية، لكنني كنت واثقاً أنني لن أتوقف حتى أحقق ما أسعى إليه.

4- أغلقت أذني واعتمدت على الله وحسب

لطالما سمعت عبارات محبطة مثل: "العمل من المنزل للنساء فقط" و"لا يمكنك جني المال دون أن تخرج إلى الشارع".

أي شارع بحق الله؟ بينما كان أقراني يرون في كسب 20 دولاراً أسبوعياً إنجازاً، كنت أنظر إلى الصورة الأكبر: كم من السنوات أحتاج لبناء أسرة مستقرة؟ متى سأصل إلى المليون الأول؟ وهل سأرحل عن هذا العالم قبل أن أحقق أحلامي؟

الاستسلام لم يكن خياراً، لا حينها ولا اليوم.

صحيح أن العثرات والأخطاء أرهقتني وأثرت على عزيمتي في بعض الفترات، لكن هذه هي طبيعة الحياة، يومٌ تكون في قمة قوتك، ويومٌ تشعر بالتعب والضياع.

هذا طبيعي، الأهم هو ألا تتوقف، وألا تفقد إيمانك بالله وبالطريق الذي اخترته.

5- تفوقت على كل أقراني ولكن...

لم تتوقف جمل المقارنة، ولا نظرات الانتقاص التي تشير إلى أنني ما زلت سيئاً، ولا حتى النظرات التي تقول إنني فاشل، أو أن هناك دوماً طريقٌ أفضل.

والأمر لا يتوقف عند هذا، بل إن من كانوا يثبطون عزيمتي ويقللون من معنوياتي، يزعمون الآن أنهم كانوا من أسباب نجاحي، وأنهم من دفعوني لتحقيق ذلك!

لكن من دفعني حقاً للنجاح هم ثلاثة، لا رابع لهم:
الله، وأمي، وزوجتي حالياً.

وفي النهاية…

لا أعتقد أن من لم يعترف بك يوم فشلك، سيعترف من قلبه بك يوم نجاحك.

إن نجحت، ستنجح لنفسك، وإن فشلت، ستفشل بمفردك، وحتى من يقف بجانبك لن يستطيع فعل شيء لك، ولن تشعر إلا بالخذلان والاستياء.

لذلك... لا تبرح حتى تبلغ ❤️

مشاركة
نشرة خالد بزماوي البريدية

نشرة خالد بزماوي البريدية

نشرة بريدية تتناول مواضيع تدور حول التسويق الرقمي والأعمال والوعي المالي وعني شخصياً بكل ما يدور داخل جدران رأسي. قد تجدني أشاركك خلاصة خبرات سنوات طويلة بمقال واحد فقط، أي خلاصة الخلاصة بشكل مفصل.

التعليقات

جارٍ جلب التعليقات ...

المزيد من نشرة خالد بزماوي البريدية