عن مسلسل "المهرج".. عن نجاح الدراما وفشل الشخصيات - العدد #1

3 يناير 2025 بواسطة سامية من "دوائر السينما العربية" #العدد 1 عرض في المتصفح

قد يحتوي هذا النص على تفاصيل حول الأحداث والنهاية، لذا وجب التنويه.

"أفعلا كانت نهاية متوقعة؟" كان السؤال الأول الذي سألته لنفسي بعد أن أنهيت مشاهدة مسلسل "المهرج" بحلقاته العشرة. قرأت آراء كثيرة حول العمل، وتتبعت مراجعات متعددة، معظمها كان يشعر بخيبة الأمل من النهاية التي وصفها بـ "المتوقعة" وهو ما لم أشعر به على الإطلاق. لكن، وبما أنني لن أسير وفقا لمقولة "الأمور بخواتيمها"، فلن أركز على النهاية لربما لأن هناك تسع حلقات تسبق الحلقة الأخيرة تجعل من المهم الحديث عنها أيضا.

لنعترف بداية أن القصص المتعددة في المسلسل حبكت بشكل جيد، وتبشر بنمط واعد لمسلسلات الجريمة أو المسلسلات البوليسية، والتي لا نجدها كثيرا في الدراما العربية، خصوصا في الوقت الذي تطغى فيه الأعمال المعربة على الإنتاجات الرئيسية في سوريا ولبنان. قد يكون الشكل العام لهذا النوع من المسلسلات متشابها مع أعمال من مناطق جغرافية أخرى، ولكن أليست هذه هي الجريمة؟ موحدة الشكل والظروف والنتيجة في أي مكان في العالم؟

أعجبتني أيضا جرعة الكوميديا في العمل، خصوصا بين شخصيتي منصور (باسم ياخور) وزوجته فدوى (ديما الجندي)، والتي كانت بالمقدار المناسب، بحيث لا تؤثر سلبا على أحداث المسلسل الدرامية المتسارعة. كما أن شخصية منصور أعادت إلى الأذهان بدايات باسم ياخور في الكوميديا من خلال مسلسلات مثل "عيلة ست نجوم", إذ تمكن من خلال هذه الشخصية من رسم صورة مختلفة عن الصورة النمطية للمحامي، والتي عادة ما نراها في المسلسلات العربية؛ الأنيق، الهادئ، المستمع الجيد، وفي معظم الأحيان الوسيم بالطبع (وهذه ليست بأي شكل من الأشكال إشارة إلى الأداء المذهل والحضور المحبب للنجم الأردني إياد نصار في مسلسل مفترق طرق).

ولكن وبالحديث عن الشخصيات، وهي ملاحظة عامة على جميع المسلسلات العربية في السنوات الأخيرة، أنها لم تعد تدفع المشاهد للتعاطف معها أو حتى تذكرها لسنوات قادمة. باتت شخصيات المسلسلات في السنوات الأخيرة شخصيات بلاستيكية، لا نتذكر منها إلا ما ندر. وهذا المسلسل لا يختلف عن غيره؛ فسواء كان طالب، الذي قتل، أو حتى الشخصيات الأخرى التي نعتقد أنها قتلت، تتركنا بلا أي شعور تجاهها. البعض قد يقول هذا مسلسل جريمة، فالحدث هو الأهم وليست الشخصية. قد لا يكون هذا الرأي دقيقا، إذ أننا شعرنا ببعض الارتباط بشخصية منصور، برغم أنها لا زالت بعيدة بعض الشيء عنا. لكنها في نفس الوقت تبدو وكأنها شخصية رسمت بريشة مختلفة عن باقي الشخصيات، أو أن أداءها بذل فيه جهد أكبر من باقي الشخصيات.

سعدت بعودة نضال نجم إلى الشاشة بعد وقت من الغياب. ولكن، وبالحديث عن الشخصيات، أيعقل أن يكون كاتبا ولا يمسك قلما طوال الحلقات العشرة؟ للكاتب وهج خاص به يجعل شخصيته متفردة، ولكن لم أشعر بذلك أبدا في شخصية أكثم، ولم أر فيه إلا شابا طائشا يبحث عن فرصة حب وقد يكون انتقاماً في وجهة نظر أخرى.

الأحداث في النهاية تسارعت بشكل لم يعد منطقيا، وكأننا نريد زيادة الغموض غموضا. المجرم اشترى سكينا طبق الأصل عن سكين الجريمة. تذهب الشرطة لتبحث في جميع المحال التي تبيع الأدوات المنزلية في المدينة. وفعلا تجده! أحداث كثيرة مرت خلال المسلسل لم تكن منطقية وتم التغاضي عنها، أما العثور على بائع السكاكين في مدينة كبيرة، فيها مئات المحال. أمر مستغرب بعض الشيء.

وبالحديث عن المدينة، من الواضح أن أحداث المسلسل تدور في مدينة دمشق، وهذا واضح من اللهجة، ومن مناظر المدينة، ومن مركز الشرطة. فلماذا أظلم مدينة كدمشق لتبدو خالية من السكان، ولا يوجد فيها إلا تجمع صحفيين يقفون في كل مرة يخرج فيها منصور من المركز الأمني لطرح بعض الأسئلة عليه؟ (مع التحفظ على الصورة الباهتة التي يظهر فيها الصحفيون في المسلسلات العربية). مسلسل جريمة ليس بحاجة إلى أي سياق زمني أو جغرافي. وفي هذا المسلسل، دمشق ظلمت بهذا الظهور.

عامة، المسلسل جيد، وأعجبني برغم جميع الملاحظات، لكن كانت لي أمنية واحدة فقط. تحدث مصطفى إلى الطبيب النفسي المعالج لطالب، الذي سأله سؤالا: هل تعرف كيف مات والدا طالب؟ الإجابة كانت مثار صدمة للنقيب مصطفى. وكانت صدمة لكل من شاهد المسلسل. فلماذا لم ينته المسلسل هناك؟

Samya Ayish1 أعجبهم العدد
مشاركة
دوائر السينما العربية

دوائر السينما العربية

نشرة بريدية عن ما نشاهده من أفلام ومسلسلات من العالم العربي. الهدف منها أن تبدأ الخطوة الأولى نحو نقاش ومشاركة رأي، لأن الرأي عندما يبقى حبيس تفكيرنا، قد لا يعني شيئا بالضرورة.

التعليقات

جارٍ جلب التعليقات ...