نشرة حاتم الشهري البريدية - العدد #3

بواسطة حاتم الشهري #العدد 3 عرض في المتصفح
الأحلام

صباح الأحلام الجميلة..

آه ما أجمل كلمة (الأحلام) الاسم لوحده يجعلنا نبتسم، ونغمض الأعين من أجل تحقيقها..

حياتان لكل إنسان، فحياة يعيشها، وحياة يحلم بها، والحياة المتخيلة دائما تكون مبنية على نواقص الحياة الواقعية..

عالم الواقع دائما يكون ناقصا، وعالم الخيال يكون دائما كاملا..

لكن هناك مشكلة في أحلامنا: أنها تبع لمزاجنا ومألوفنا؛ فالإنسان يتخيّل وفق طبعه ومألوفه؛ ولذلك المخترعين والعباقرة تكون أحلامهم ضربا من الجنون بالنسبة لبقية الناس؛ لأنهم الغالبية يفكرون بأحلام تشابه واقعهم..

أناتول فرانس

أناتول فرانس

لولا أحلام الفلاسفة في الأزمنة الماضية لكان الناس يعشيون إلى الآن كما كانوا يعيشون قديما؛ عراة أشقياء في الكهوف، لقد كان إنشاء أول مدينة خيالا من أخيلة المفكرين..ومن الأحلام السخية ظهرت الحقائق النافعة؛ فالخيال هو مبدأ التقدم وفيه محاولة إيجاد المستقبل الحسن.

أناتول فرانس

سألني أحدهم: أين تذهب الأحلام التي لا أتذكرها؟

قلت: تذهب للقبو الذي تنام فيه الأفكار المؤجلة.

ذلك القبو الذي كان يتسع لعشرين حلما فقط، أصبح الآن مقبرة للأمنيات.

مساكين هذه المنُى والتطلعات محشورة بلا ماء ولا زاد، ولا حتى أمل للتحقيق.

هناك فيلسوف  أمريكي اسمه: إدوارد بيلامي نشر روايته (النظر إلى الخلف) عام 1887م ، ولقد توقع وحلم بشكل الحياة في سنة 2000م.

غلاف كتاب النظر إلى الخلف.

غلاف كتاب النظر إلى الخلف.

يبدأ قصته بأن أحداً نوّمه تنويما مغناطسيا فلم يستيقظ إلا في سنة 2000م، وكانت له قصة غرام مع آنسة سنة 1887م، وهو يصل غرامه القديم بحفيدتها سنة 2000م.

كان حلم بيلامي المستقبلي يدور في مدينة بوسطن، وهو يصفها بالجميلة والمنظمة وذات أبنية بأحجام هائلة وبهندسة مختلفة، وكيف أن النساء توصّلن إلى حد المساواة مع الرجال.

وتنبأ بالمخازن الضخمة (السوبرماركت) وأن الدفع ليس بالنقود بل ببطاقات سمّاها حرفيًا (كريديت كارد) وقد تكلم عن عملية طلب البضاعة بشكل غريب؛ عن طريق الخراطيم (أسلاك) ومن ثم تُشحن للعميل (كالطلب بواسطة الأنترنت) ووصف انتشار الهواتف والسيارات والطائرات والإضاءة الكهربائية، وحتى الكمبيوترات وقال إن ظهورها سوف يقضي على عملية الكتابة اليدوية التقليدية إلى الأبد.

ولقد حلم بهيئة اجتماعية يقعد فيها الفرد إلى المائدة كي ينعم بالطعام الفاخر، ولا يرى إنسانا واقفا قريبا منه يحسده على نعيمه ويتضور جوعا، ويرغب بيلامي في أن يرى التربية عامة والتعليم شاملا للجميع؛ لأن للجاهل منظرا كريها ينعكس أثره على جميع أفراد الأمة الذين يستوقرون من جهله ما لا قِبل لهم بحمله، ويرغب في أن يحمل على عاتقه شيئا من ذلك العبء الذي نخصّ به الزبالين والكناسين وغيرهم؛ لأن مثل هذه الأعمال أشق وأقذر من أن تحتملها طائفة وحدها.

إدوارد بيلامي

إدوارد بيلامي

ويرغب أيضا في أن يستوي الناس في فرص الإثراء فلا تكون الثروات من الصدف التي يصيبها بعض الناس ويخطئها البعض الآخر، ويرغب في حمل الناس على الحياة الساذجة، وكفّهم عن التكلف والتصنع.

الحلم حق مشاع للجميع لكن ما يجعلنا متمازين في الأحلام: القدرة على تحقيقها.

ربما أن الله لم يعطنا القدرة على تخيل الأحلام إلا وأعطانا القدرة على تحقيقها.

الأجمل في الأحلام أنها لا تهتم للحدود..

اكسر الحدود واحلم..

يوم مليء بالأحلام المحققة يارب..

كن بخير حتى ألقاك يوم الثلاثاء القادم في عدد جديد من نشرتي الصباحية بإذن الله

يوم سعيد أتمناه لك..

مشاركة
نشرة حاتم الشهري البريدية

نشرة حاتم الشهري البريدية

نشرة أدبية، ثقافية، اجتماعية

التعليقات

جارٍ جلب التعليقات ...

المزيد من نشرة حاتم الشهري البريدية