نشرة "فن الكتابة" - يعدها د. ساجد العبدلي - العدد #11 |
| 8 أكتوبر 2025 • بواسطة ساجد العبدلي (طبيب، وكاتب، وناشر) • #العدد 11 • عرض في المتصفح |
|
في بداية الطريق، نكتب لأنفسنا. نكتب لنفهم، لنشفى، لنتنفس.لكن مع الوقت، يظهر القارئ في المشهد، صامتًا أولًا، ثم حاضرًا في وعينا.فهل نكتب لأنفسنا أم له؟ وهل يمكن أن نرضي الاثنين معًا؟في هذا العدد، نتأمل العلاقة الحساسة بين الكاتب والقارئ، وكيف يمكن أن تبقى الكتابة صادقة للذات، ومؤثرة في الآخرين، دون أن تفقد روحها أو حريتها.
|
|
|
|
اكتب كما لو أن أحدًا لن يراك، وراجع كما لو أن العالم كلّه سيقرؤك. أنطوان دو سانت إكزوبيري |
|
كل كاتب يبدأ من الداخل. من حاجة شخصية إلى الفهم أو التعبير. |
|
لكن الكتابة، مثل كل الفنون، لا تكتمل إلا حين تجد قارئًا. |
|
إنها حوار، لا مونولوج. |
|
ومع ذلك، يظل السؤال قائمًا: لمن نكتب حقًّا؟ |
|
الكتابة للذات تمنحك الحرية المطلقة، تكتب لأنك لا تخشى الحكم، ولا تحسب حساب التلقي. |
|
لكن حين تُنشر الكلمات، تتحوّل الكتابة من فعلٍ خاص إلى فعلٍ اجتماعي، وتبدأ رحلة جديدة من الوعي بالآخر. |
|
الكاتب الناضج هو من لا يرى القارئ خصمًا لحريته، بل شريكًا في إكمال النص. |
|
أتذكر أنني كتبت مرة نصًا شخصيًا جدًا، ثم ترددت في نشره. شعرت أنه “لي وحدي”. لكن عندما نُشر، وصلني عدد من الرسائل من قرّاء قالوا إنهم وجدوا أنفسهم في تلك الكلمات. عندها أدركت أن ما نكتبه بصدقٍ عن أنفسنا، قد يكون في الحقيقة كتابةً عن الآخرين أيضًا. |
|
الكتابة الحقيقية لا تكتب لإرضاء القارئ، بل لإيقاظه. |
|
ولا تكتب لتنال إعجابه، بل لتفتح أمامه مرآة يرى فيها نفسه. |
|
كلما حاول الكاتب أن يُرضي الجميع، فقد صوته. |
|
وكلما كتب من عمق تجربته، وجد صدى في قلوب كثيرة دون أن يقصد. |
|
الكاتب الحكيم يوازن بين الاثنين: |
|
يكتب أولًا كما لو كان وحيدًا في العالم، |
|
ثم يراجع نصّه كما لو كان مسؤولًا أمام قارئ يبحث عن معنى. |
|
بهذا الشكل، لا يتحول النص إلى خطابٍ ذاتي منغلق، ولا إلى مجاملة باردة للجمهور، بل إلى حوار صادق بين روحين: الكاتب والقارئ. |
|
في النهاية، الكتابة ليست “لي” ولا “لك”، بل “لنا”. |
|
فالنص الجميل لا يُكتب ليُعجب، بل ليُشارك الإنسان في إنسانيته. |
|
🧠 تمرين هذا الأسبوع: |
|
اكتب نصًا قصيرًا (من 200 كلمة) بعنوان: “شيء أردت أن أقوله ولم أجد من يسمعه.” |
|
اكتبه أولًا بصدق تام كما لو لن يقرؤه أحد. |
|
ثم أعد قراءته متخيلًا أن قارئًا غريبًا سيقرأه للمرة الأولى. |
|
لاحظ كيف يتغير النص حين توازن بين الصدق والوعي بالآخر. |
|
|
التعليقات