الكتابة عِوض النوم داخل صندوق! - العدد #17

بواسطة م. طارق الموصللي #العدد 17 عرض في المتصفح
أقصد (تابوت) بالطبع!

فكرت: هذه واحدة من اللحظات التي تفقد فيها ثقتك بقلمك. تريّث قليلًا، واكتب قبل وضع حدٍ لمسيرتك، إذ ربما تنقذها.

حين تأملت الأعمال الدرامية التلفزيونية، لاحظت أن معظم الفنون تستغرق وقتًا قبل أن يحتفي بها الجمهور. نتحدث هنا عن عمل ضخم؛ بعشرات الفنيين ومبدعي الصورة والكلمة.

لكن مع نهاية شهر رمضان المبارك، لاحظت أن عملًا تلفزيونيًا وحيدًا تمكن من جذب اهتمامي، ويعود السبب طبعًا إلى قوة النصّ، والآن يحصد صنّاعه ثمار نجاحه.
وكأي عمل بارز، بدأت الشائعات تحاول النيل منه؛ من ضمنها:

  1. إدعاء بعض الممثلين رفضهم/إقصائهم عن أدوارٍ فيه.
  2. إدعاء سيناريست شهير "سرقة" جهة العمل لنصّه.

وفي ردّ جهة العمل، قال السيناريست الشاب أنه قضى عامًا ونصف في كتابة السيناريو والحوار حتى ظهر بهذا الشكل.
وهنا بيت القصيد..

أعتقد أنني كنت مخطئًا لفترة طويلة

إذ ظننت أن التدوين مهنة تدرّ دخلًا فوريًا. صحيحٌ أن إدراكي "نضج" مع المرور الوقت؛ وتوجهت نحو [نحت] اسمي في تاريخ الويب.. أو ظننت ذلك. لكن جوهر الفكرة بقي ذاته: اكتب اليوم، فتجني الثمار بعد شهرٍ على الأكثر!

المضحك في الأمر أنني راسلت مغردين عرب

وأجانب

طالبًا الاستثمار فيّ!

ثم صحوت إثر صوتٍ داخل عقلي: وماذا قدمت للبشرية حتى يستثمروا فيك؟ عالم الأعمال لا يُدار هكذا.

وهنا تذكرت نصيحة يونس أن أحاول التحول إلى "رائد محتوى" بدل الاكتفاء بكوني مستقلًا

الفكرة أن لا أحد يهتم. هذا ما ظننته، ثم تأملت الفكرة وقلت/ من الطبيعي ألا تشعر أن أحد يهتم بما تكتبه، فجمهورك أصلًا صغير. ثم هل أنت تتفاعل مع كل محتوى يُعجبك؟ بالطبع لا.

كنت أشعر بالحزن الشديد، وبإنعدام الرغبة بالكتابة. كنت اتأمل شاشة حاسوبي (المُطفأة) فينقبض قلبي. قلت لعلي بحاجة للعودة للورقة والقلم، والتعامل معهم.

ملمس الورق وضغط القلم فوقها يبعث على الارتياح، أكتب لكم هذه الكلمات مباشرةً بعد كتابة بضعة صفحات متفرقة لثلاثة مشاريع كتابية.

أشعر انني بحاجة لعزلة طويلة، مع نفسي ولا أحد/شيء معها. قد يتقبل أفراد أسرتي قرار ابتعادي المؤقت ذلك، لكن مصاريف الحياة لا تقبل بشيء كهذا.

لا أعلم كيف استطاع الكُتاب سابقًا العيش. يُقال أن هناك من عمل صحفيًا إضافة الى تأليفه الروايات (ربما هو العقاد أو نجيب محفوظ.. لست متأكدًا). وانا تخيلت للحظة عودتي للعمل التقليدي. فانقبض قلبي أكثر.

أمرَ بمرحلة وعي وتفتح للمدارك لا أظنني مررت بها من قبل، فكرة العودة إلى الذات الحقيقية وفهم ما تريده والابتعاد/التخلي عن مغريات الحياة.

ومما ساعدني على بلوغ هذه المرحلة، تدوينة قرأتها في رصيف 22 بعنوان: هل الكتابة مهنة مربحة؟

أعتقد أن القيمة #1 في حياتي هي: ترك آثر طيّب فيمن حولي. المشكلة هنا أن هذا الآثر لا يظهر مباشرةً، معظم الكتّاب -إن لم أقل كلهم- لم يروا نجاح اعمالهم. أعتقد أن ذلك ينطبق على أصحاب المهن الإبداعية كافّة.

هل الكتابة سهلة أم صعبة؟ أجبت على السؤال في تدوينة. لكنها أغفلت جانبًا مهمًا: الكتابة أصعب ما في الوجود حين يكون الكاتب مُفلسًا!

اعلم أنها فترة وستمضي، سأجد عملًا قريبًا، وتعود عجلة المال للدوران. لكنني اردت توثيق المرحلة فحسب؛ فربما يأتي كاتب في أول الطريق ويقول: هل ما أشعر به طبيعي أم أنني مجنون؟

لا يا صديقي. لست مجنونًا على الإطلاق.

مشاركة
الكتابة داخل صندوق!

الكتابة داخل صندوق!

عن الكتابة وطقوسها غير المحكية

التعليقات

جارٍ جلب التعليقات ...

المزيد من الكتابة داخل صندوق!