نشرة حوسبة #30: نشوة الذكاء الاصطناعي تنتشر مع GPT4

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،

حياكم الله جميعًا مشتركي نشرة علوم الحاسوب من حوسبة. نأمل أن تجدوا في هذه النشرة سلوةً لما تفتقدونه من نقاشاتٍ متعلقة بمواضيع علوم الحاسوب وكافّة تخصصاتها في الويب العربي.

انقطعنا عنكم الفترة الماضية لعدة أسباب:

• زلزال تركيا - سوريا المدمّر الذي راح ضحيته نحو 60 ألف إنسان والملايين من الجرحى والمشرّدين. انشغلنا بلملمة جراحاتنا والاهتمام بعدة أمور مرتبطة بما بعد الزلزال. فقدنا عددًا من الأصدقاء والأقارب وتقريبًا لم يبقى هناك عائلة سورية واحدة في تركيا إلا وفقدت قريبًا عليها. كان من غير المناسب أن نتابع النشر وكأن شيئًا لم يحصل.
• رغبتنا بزيادة دسامة الأعداد البريدية من نشرة حوسبة، وكنا نتردد بين زيادة دسامة العدد الواحد وبين العودة إلى إرسال أكثر من عدد في الشهر. التفكير في الموضوع لوحده أخذ وقتًا وجهدًا (لأن زيادة المحتوى يعني ضرورة زيادة البحث والوقت المصروف لإعداده).
• ازدياد التطورات في مختلف مجالات علوم الحاسوب بما لم يعد بالإمكان الإلمام بها وأخبارها جميعًا.

بالإضافة إلى ذلك فإن شهر رمضان قادم؛ ونحن لا نخطط لنشر أي أعداد جديدة من النشرة خلال الشهر الكريم، فالشهر شهر عبادة وليس شهر الحديث عن الذكاء الاصطناعي والتقنيات اللامركزية ومتابعة ماجرياتها.

بناءً عليه سيكون هذا آخر عدد من نشرة حوسبة البريدية إلى ما بعد شهر رمضان المبارك بإذن الله تعالى. وبعدها نعود معكم بأعداد أكثر دسامة أو أسرع صدورًا من النشرة البريدية. يمكنكم متابعة حساباتنا على مواقع التواصل الاجتماعي لتروا الأخبار والنقاشات التي نشاركها (لن تتوقف هذه خلال تلك الفترة).

يمكنكم تصفّح النشرات السابقة من نشرتنا البريدية بالإضافة إلى تصنيف كل واحدٍ منها من هذه الصفحة على موقعنا الإلكتروني.

إليكم محتوى هذا العدد.

نقاش العدد: نشوة الذكاء الاصطناعي تنتشر مع GPT4

الشهر الماضي كان شهر الذكاء الاصطناعي بامتياز.

• أعلنت شركة OpenAI عن نموذج GPT4، وهو نموذج لغوي عملاق (LLM) يتيح استخدامات متعددة. بوت ChatGPT يعمل بنموذج GPT3.5 إلا أن GPT4 قد يكون أفضل منه في عدة مهام بنسبة تصل إلى 90%، كما أنه قادر على اجتياز عدة امتحانات دولية (امتحانات جامعية، طبية، امتحانات علوم حاسوب... إلخ) على عكس النموذج السابق.
• دمجت شركة مايكروسوفت نموذج GPT4 أيضًا في محرك بحث Bing الخاص بها. تستطيع مايكروسوفت فعل ذلك لأنها استثمرت عدة مليارات من الدولارات في السابق بالإضافة إلى 10 مليارات دولار قبل شهرين مقابل 49% من الشركة، ولهذا فإن مايكروسوفت شبه مستحوذة على قدرات OpenAI. ميزة هذا الأمر أن Bing AI يمتلك وصولًا إلى نتائج الويب مباشرةً، وهو ما يعني أن المستخدم قادر على التفاعل مع نتائج الويب كيفما يشاء وليس محصورًا بنتائج إلى سنة معينة مثل ChatGPT الذي كان محصورًا إلى بيانات 2021م فقط.
• قامت مايكروسوفت أيضًا بدمج النموذج في خدمات أوفيس 365 الخاصة بها، فصار بإمكانك مثلًا أن تفتح صفحة إكسيل (Excel) ثم تكتب للبوت: "اعمل لي رسمًا بيانيًا بأكثر تصنيفات المنتجات مبيعًا مع أرباح كل تصنيف" وهو يعمله لك تلقائيًا دون تدخل منك. هناك العديد من المزايا الرائعة في هذا الاندماج.
• من جهتها جوجل لم تقف متفرّجة بل أعلنت عن خدمة اسمها PaLM API، تسمح بالوصول عبر خدمة Google Cloud إلى عدة نماذج لغوية عملاقة (LLM) أعدتها جوجل مما يمنح المطورين إمكانية دمج قدرات الذكاء الاصطناعي في تطبيقاتها. للمقارنة مثلًا فإن نموذج ChatGPT يمتلك 175 مليار مُعامل (Parameter)، بينما يمتلك نموذج PaLM من جوجل نحو 540 مليار مُعامل (كلما ازداد عدد المعاملات ازدادت مع القدرات والدقّة).
• أضافت جوجل أيضًا اندماجًا لنموذجها الجديد داخل Google Workspaces الخاص بها (خدمة الحزمة المكتبية من جوجل الموجهة للشركات). يسمح هذا الاندماج بكتابة المستندات أو تحرير البيانات بمساعدة الذكاء الاصطناعي باستخدام نموذج PaLM العملاق السابق ذكره.
• شركة Notion الشهيرة بخدمة تدوين الملاحظات والمستندات أضافت هي الأخرى خدمة ذكاء اصطناعي مُساعدة مقابل 10$ شهريًا، تجمع فيها كل الخدمات المطلوبة للكتابة.
• شركة A&O المتخصصة بتقديم الخدمات القانونية حول العالم ستستعمل أحد نماذج الذكاء الاصطناعي من OpenAI هي الأخرى لتوفير بوت يساعد المحامين على ربح القضايا القانونية.
• الكثير من الشركات والمنظمات الأخرى انتقلت إلى دمج الذكاء الاصطناعي في تطبيقاتها مثل Khan Academy وDuolingo وStripe وغيرها. كلٌ على حسب تخصصه.

كما ترى كل الشركات الكبرى تسابق بعضها البعض بهدف استخدام الذكاء الاصطناعي في جميع خدماتها، لأنهم يدركون أن نجاح أي منافس في هذا المجال قد يعني انهيارًا لهم إن لم يطوروا نماذج وخدمات شبيهة.

بالطبع هناك انتقادات متنوعة للعديد من هذه الشركات بسبب تطبيقاتها هذه؛ مثلًا شركة OpenAI بدأت كشركة غير ربحية ووعدت بفتح مصدر كل أعمالها، ثم في النهاية تحولت إلى شركة احتكارية 100% لا تنشر شيئًا من نماذجها بشكل مفتوح المصدر. هذا التدافع بين الشركات سيكون مثيرًا للاهتمام في المستقبل، مثلما جاءت شركة Stability AI وفتحت مصدر نموذج Stable Diffusion مما أجبر بعض بقية الشركات على توفير النماذج بشكل أكبر للناس.

التطورات ليست محصورةً في الشركات الكبرى بالطبع بل حتى الأبحاث الأكاديمية فيها الكثير من الأمور المهمّة والمثيرة للاهتمام.

لديك مثلًا نموذج ViperGPT، وهو نموذج ذكاء اصطناعي قادر على تحليل الصور؛ يحلل المطلوب منه ثم يكتب شفرة برمجية لعمله، ثم يحلل الصورة أمامك بحيث ترى كل خطواته خطوة بخطوة ثم يحسب لك النتيجة المطلوبة. وأداؤه مبهر بحقّ لأنه يريك خطوة بخطوة كيف يعمل النموذج الذي أمامك وبالتالي يمكن لمطوري النموذج إصلاح مشاكله بسرعة كبيرة مقارنةً بغيره، لأنهم يدركون مواطن الخطأ. من الجدير بالذكر أن وزارة الدفاع الأمريكية مشتركة بتمويل هذا النموذج.

وهناك نموذج اسمه VALLEX، وهو تطوير على نموذج VALL-E، سيسمح لك باستخدام صوتك للتحدث بلغة أجنبية لا تعرفها؛ أي أنه يأخذ تسجيلات صوتك ويحللها، ثم يطبّق صوتك على اللغة المطلوبة ليصبح النموذج قادرًا على إخراج صوت بأي مقطع نصّي تريده بتلك اللغة حتى لو لم تتحدثها أنت أصلًا.

قطاع الذكاء الاصطناعي بشركة ميتا أعلن عن نموذج لغوي عملاق قادر على العمل على البطاقات الرسومية العادية (غير المتخصصة بالذكاء الاصطناعي) مثل بطاقات الشاشة الموجهة للألعاب من نيفيديا وغيرها اسمه LLAMA، وتقول الشركة أنه قادر على توفير أداء أفضل من GPT3 على الرغم من كونه أصغر 10 مرات في الحجم.

هناك الكثير من النماذج الأخرى المهمة والتي لا يمكن الحديث عنها جميعًا...

لكن الخلاصة التي نريد إيصالها: تطبيقات الذكاء الاصطناعي صارت هنا، وكل يوم تصبح أفضل في الأداء وأصغر في الحجم وأكثر قابلية للوصول إلى الناس. إن كنت متخصصًا في علوم الحاسوب أو طالبًا جامعيًا أو حتى عامل مستقل يريد الدخول في علوم الحاسوب، فربما يكون من الأفضل لك أن تدرس واحدًا من هذه المجالات (المرتبطة بالذكاء الاصطناعي) بدلًا من "المهارات التقليدية" مثل البرمجة والتصميم وتحسين محركات البحث وغيره.

حاول أن تستفيد من هذه التكنولوجيا في أمرٍ يرتبط باهتماماتك الأخرى: مثلًا ذكاء اصطناعي للبحث في كتب الحديث النبوي، أو ذكاء اصطناعي للتحقق من صحة منشورات مواقع التواصل، أو ذكاء اصطناعي لمراقبة البيانات الاقتصادية وتحليل الأخبار وتوقّع تأثيراتها... الأفكار كثيرة وكبيرة جدًا، وهي أكبر قيمةً من مجرد مهارات التصميم والبرمجة العادية التي للأسف يحاول الكثير من الناس تعلمها ثم الجلوس فوقها إلى الأبد دون تطوير أنفسهم إلى المستويات اﻷعلى.

نفس الشيء موجه للمصممين: حاول استخدام نماذج مثل DALL-E 2 وStable Diffusion وMidJourney وPix2Pix وغيرها لتوليد الصور والتعديل عليها بسهولة. ليس الهدف من هذه الأدوات استبدال عملك، بل الهدف منها مساعدتك في أدائه. والمصمم الذي يعرف استخدام هذه الأدوات مستقبلًا سيكون له مستقبل باهر مقارنةً بالمصمم العادي الذي لا يعرف شيئًا سوى استخدام فوتوشوب بطريقة تقليدية.

اهتم بهذا الموضوع من الآن، وحاول تعلّم أدوات الذكاء الاصطناعي المرتبطة بمجالك وتخصصك، كي لا تبقى خارج السرب وحيدًا في المستقبل وتصبح خارج السوق.

ننصحكم بمتابعة هذين الحسابين على تويتر للإلمام بآخر مستجدات الذكاء الاصطناعي: AI_Pub وAlphaSignalAI. فهما ينشران باستمرار أهم المستجدات في المجال بعيدًا عن البهرجة والكلام التسويقي الزائف.

شاركونا آراءكم عن هذا العدد، أو عن الأعداد السابقة من نشرة حوسبة بشكل عام على تويتر تحت الوسم #نقاشات_نشرة_حوسبة

أخبار سريعة

ستجد في هذا القسم بعض الأخبار السريعة عن مختلف مجالات علوم الحاسوب والتقنية.

• أطلقت شركة NordVPN الشفرة المصدرية لتطبيقها الخاص بنظام لينكس تحت رخصة مفتوحة المصدر.
• صدر الإصدار 2.0 من إطار عمل PyTorch، وهو إطار عمل للذكاء الاصطناعي مجاني ومفتوح المصدر، ويعتبر أشهر إطار عمل في المجال والأكثر استخدامًا.
• رفض أحد مطوري نواة لينكس قبول ترقيع (Patch) من أحد المطورين الروس بسبب كون هذا الأخير من شركة تقنية روسية تحت العقوبات الأمريكية. المفترض أن نواة لينكس هي نواة مفتوحة المصدر تقبل المساهمات دون تحيّز من الجميع، لكنهم رفضوا مساهمات هذا الرجل بحجة أنه يعمل لشركة تحت العقوبات الأمريكية.
• انهار بنك "السيلكون فالي" في أمريكا، حيث لم يعد قادرًا فجأة على تلبية طلبات المستخدمين بسحب أموالهم. دفع هذا الأمر البنك الفيدرالي في أمريكا إلى السيطرة على أصول البنك بسرعة ومحاولة انتشاله من الموقف الذي هو فيه لكي لا تتمدد الأزمة الاقتصادية وتتحول إلى أزمة شبيهة بـ2008م. العلاقة بين علوم الحاسوب وهذا البنك أن الكثير من الشركات التقنية كانت تستعمله لحفظ أموالها ودفع الرواتب لموظفيها، وبالتالي كان هناك عدد كبير من المشاكل في آلاف الشركات التقنية في أمريكا الأسبوع الماضي بسبب هذا الخبر، وقد يمتد الأمر ليشمل بنوكًا أخرى تعاني من نفس المشكلة في الأسابيع المقبلة.

هنا ينتهي هذا العدد من نشرة حوسبة، ونلقاكم في العدد المقبل بإذن الله. لا تنسوا مشاركة النشرة مع معارفكم وأصدقائكم ليطّلعوا على المحتوى الرائع الذي نعدّه ❤️

تصدر نشرة حوسبة في عيد كل مسلمٍ آخر جمعة كل شهر. وأقسام النشرة البريدية تختلف من عددٍ لآخر، على حسب المتاح.