نشرة حوسبة #26: الشركات وأسباب قتل المشاريع

بواسطة فريق حوسبة #العدد 26 عرض في المتصفح
المنصة العربية المعاصرة لعلوم الحاسوب

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،

حياكم الله جميعًا مشتركي نشرة علوم الحاسوب من حوسبة. نأمل أن تجدوا في هذه النشرة سلوةً لما تفتقدونه من نقاشاتٍ متعلقة بمواضيع علوم الحاسوب وكافّة تخصصاتها في الويب العربي.

إليكم محتوى هذا العدد.

نقاش العدد: الشركات وأسباب قتل المشاريع

الخبر الأبرز هذا الشهر كان إعلان شركة جوجل إيقافها خدمة Google Stadia التي أطلقتها قبل نحو ثلاث سنوات. السبب الرئيسي في تدوينة الشركة هو أن الخدمة لم تحصل على عدد المستخدمين الكافي الذي كانوا يتوقّعونه.

كانت خدمة Stadia خدمة للعب الألعاب عبر الشبكة، ومبدأ عمل الخدمة يشبه كثيرًا مبدأ عمل خدمة التلفاز عبر الإنترنت، حيث تعمل الألعاب على خواديم وأجهزة الشركة القوية (التي تأتي ببطاقات رسوميات ومعالجات عالية الأداء)، ثم يُمرر بثّ اللعبة عبر الشبكة إلى المستخدم وهو يتفاعل معها عبر اتصال الإنترنت السريع الذي لديه.

سمح هذا للمستخدمين بلعب أحدث وأقوى الألعاب المتوفرة وقتها، حتى لو كانوا يمتلكون حاسوبًا عمره 15 أو 20 سنة، بل وحتّى عبر شاشة الهاتف أو أي جهاز متصل بالشبكة، لأن كل المطلوب هو حاسوب أو جهاز متصل باتصال سريع عبر الشبكة فقط لا غير ومتصفح إنترنت (لا يحتاج حتّى أن تثبت أي برنامج، بل تلعب مباشرةً عبر المتصفح).

كانت الفكرة ثورية وقتها ولهذا ظهر منافسون لها مثل NVIDIA GeForce Now وAmazon Luna وXbox Cloud Gaming وغيرها، وهذا طبيعي فطريقة عمل الخدمة بسيطة ولا تحتاج سوى إعداد وموارد. جعل هذا المستخدمين يتوزّعون على مختلف هذه الخدمات كلٌّ حسب ذوقه.

ليس هناك إعلان رسمي سواءٌ من جوجل أو أيٍ من منافسيها لعدد مستخدمي خدمات الألعاب عبر الشبكة الخاصّة بهم، لكن التقديرات العامّة تشير أن Stadia كانت تمتلك نحو مليون إلى مليونين مستخدم نشيط قبل أن تقتلها جوجل.

هذه الأرقام صغيرة في عالم الألعاب (مثلًا Xbox لديه نحو 100 مليون مستخدم)، لكن تذكّر أن هذه خدمة جديدة لم يمضِ على إطلاقها 3 سنوات، بينما اللعب العادي عبر الأجهزة أو عبر الطرفيّات (Console) موجود منذ 20 و30 سنة؛ وبالتالي من المبكّر جدًا أن تتخذ جوجل قرارًا كهذا في هذا الوقت، ومن المفترض أنهم كانوا يعلمون ما هم مقدمون عليه عندما أطلقوا خدمتهم هذه.

ليست هذه المرّة الأولى التي تقتل جوجل مشاريعها في بدايات النجاح وقبل أن تنضج، فموقع KilledByGoogle.com هو شاهدٌ على عشرات المشاريع التي أغلقتها جوجل على مدار تاريخها، كان أبرزها خدمة +جوجل (Google Plus) التي كانت في أوجها ثاني أشهر شبكة اجتماعية في الدنيا بأكثر من 200 مليون مستخدم، قبل أن تغلقها جوجل سنة 2018م.

لماذا تغلق الشركات مشاريعها وهي في بدايات النجاح؟ لماذا لا تصبر عليها أكثر؟ في الواقع هناك عدة أسباب لذلك بعيدًا عما يظنه الكثير من الناس أن عدد المستخدمين أو كميّة الأرباح هما المعياران الوحيدان لذلك:

  • تقيس الشركات نجاح خدماتها بالعشرات من المعايير وليس عدد المستخدمين وحده فقط. مثلًا شبكة +جوجل كان متوسط الوقت الذي يقضيه المستخدمون عليها أقل من 10 دقائق يوميًا، بينما مستخدمو فيسبوك كانوا يقضون أكثر من 6 ساعات على الشبكة، وهذا معيارٌ مهمٌ جدًا لأنه مرتبط بمقدار الإعلانات التي يمكنك عرضها للمستخدمين وبالتالي قابلية الربحيّة. هذه المعايير خفيّة على المستخدمين ولهذا لا يرون المنتج بنفس الطريقة التي تنظر إليه الشركة.
  • قد يكون السبب أيضًا متعلق بالشركة وإدارتها نفسها؛ قد تكون منشغلة حاليًا بمشاريع أخرى وليس لديها الموارد الكافية للتوسّع لمجالات وأسواق أخرى، وبالتالي تقتل المنتج لتركّز مواردها على مشاريع أهم من هذا المشروع. قد تكون لديها مشاكل إدارية وإضرابات داخلية وصراعات بين المُدراء والإدارة العليا تجعلها تتخلص من مشاريع معيّنة بالكامل فقط لتتخلص من الفريق الذي يعمل عليه (وهذا يحصل بالشركات الكبيرة).
  • هناك جزء مرتبط بإدارة المخاطر والاستثمار على المدى البعيد، قد ترى الشركة مثلًا أنه هناك كساد اقتصادي قادم وبالتالي تريد الحفاظ على أكبر قدر ممكن من السيولة المالية بدلًا من صرفها هنا وهناك في استثمارات وإن كانت ناجحة على المدى البعيد إلا أنها ستأكل السيولة المالية الحالية للشركة وتضعها في مشكلة عندما يضرب الكساد. رواتب الموظفين هو أكبر ما يستهلك ميزانية الشركة.
  • في كثيرٍ من الأحيان، لا يكون السبب متعلقًا بالمنتج نفسه بل بالشركة ككل من الناحية القانونية. عندما تصبح الشركة من أكبر الشركات التقنية في الدنيا فهناك تعامل مختلف معها من قبل الدول والسلطات القانونية، وهناك خوفٌ من التعرّض لغرامات مكافحة الاحتكار أو حتّى الإجبار على تجزئة الشركة لشركات جزئية صغيرة بهدف كسر احتكار السوق. لهذا قد تكون الشركة ترى أن دخول مجال الألعاب أو وسائل التواصل الاجتماعي أو أي مجال آخر هو خطٌ أحمر بالنسبة لها؛ لأنها إن نجحت فهذا النجاح سينعكس سلبًا عليها ويؤدي إلى تكسيرها لشركات أصغر وتعرّضها لقوانين مكافحة الاحتكار.

إذا رأيت في المستقبل منتجًا ناجحًا تقتله شركة ما، فحينها لا ترمي مباشرةً عبارات مثل: "والله لماذا قتلوه كان منتج ناجح وحبّيته وناس كثير استعملوه"... إلخ. النجاح من وجهة نظرك كمستخدم مختلف تمامًا عن النجاح من وجهة نظر أصحاب الشركة والمستثمرين، وهم ينظرون بمعايير مختلفة عما تنظر إليه إلى المنتج.

شاركونا آراءكم عن هذا العدد، أو عن الأعداد السابقة من نشرة حوسبة بشكل عام على تويتر تحت الوسم #نقاشات_نشرة_حوسبة

أخبار

هنا ينتهي هذا العدد من نشرة حوسبة، ونلقاكم في العدد المقبل بإذن الله. لا تنسوا مشاركة النشرة مع معارفكم وأصدقائكم ليطّلعوا على المحتوى الرائع الذي نعدّه ❤️

تصدر نشرة حوسبة في عيد كل مسلمٍ يوم الجمعة مرة كل شهر. وأقسام النشرة البريدية تختلف من عددٍ لآخر، على حسب المتاح.

مشاركة
نشرة حوسبة

نشرة حوسبة

تضم النشرة البريدية من حوسبة أهم النقاشات والأحداث المتعلقة بعلوم الحاسوب قبل إرسالها، وهي لا تضم المقالات من موقع حوسبة فقط، بل روابط ومقالات وتعقيبات على مختلف مواضيع علوم الحاسوب من كافّة الشبكة.

التعليقات

جارٍ جلب التعليقات ...

المزيد من نشرة حوسبة