نشرة حوسبة #13: رشاوي مايكروسوفت لدول الشرق الأوسط وإفريقيا لاستخدام منتجاتها

بواسطة فريق حوسبة #العدد 13 عرض في المتصفح
المنصة العربية المعاصرة لعلوم الحاسوب

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،

حياكم الله جميعًا مشتركي نشرة علوم الحاسوب من حوسبة. نأمل أن تجدوا في هذه النشرة سلوةً لما تفتقدونه من نقاشاتٍ متعلقة بمواضيع علوم الحاسوب وكافّة تخصصاتها في الويب العربي

إليكم محتوى هذا العدد.

نقاش العدد: رشاوي مايكروسوفت لدول الشرق الأوسط وإفريقيا لاستخدام منتجاتها

من يظن أن معظم دول العالم تستخدم منتجات مايكروسوفت مثل ويندوز ومايكروسوفت أوفيس لأنها الأفضل أو لأنها قادرة بجدارة على الفوز بالعقود مع الحكومات فهو واهمٌ جدًا.

كشف موظف يعمل في شركة مايكروسوفت منذ 20 عامًا وكان يعمل في القسم المتعلق بالمبيعات للشرق الأوسط وشمال إفريقيا، عن عددٍ هائل من الرشاوي التي كانت شركة مايكروسوفت تقوم بها للمسؤولين في هذه الدول مقابل جعل حكوماتهم تشتري منتجاتها. يبلغ مجموع هذه العقود مئات الملايين من الدولارات بل لربما المليارات.

قد لا تتعاقد شركة مايكروسوفت مباشرةً مع المسؤول الحكومي، بل يكون هناك طرف ثالث وسيط بينهما ليقوم بعقد الصفقة، ثم يحصل موظفوا مايكروسوفت المتورطون بالرشوة على جزء من المبلغ، بينما يتاقسم الوسيط والمسؤول الحكومي البقية.

بدأ هذا الموظف بالشكوى داخليًا عن الموضوع عندما اكتشف مبلغ 40 ألف دولار في فواتير قسم المبيعات بمايكروسوفت لتُحوّل إلى شخص نيجيري بهدف "تسريع عملية البيع"، إلا أن هذا كان ضد سياسة شركة مايكروسوفت الداخلية ﻷن هذا الشخص هو موظف سابق أصلًا وقد تم تسريحه من الشركة بسبب أدائه الضعيف وعدم قدرته على تحقيق المبيعات المطلوبة، فكيف أصبح هذا الشخص غير المؤهل فجأة من المطلوب تحويل 40 ألف دولار له لتسريع عملية انتقال نيجيريا لمنتجات مايكروسوفت؟

حاول الموظف رفع الموضوع إلى مرؤوسيه، ولكن بين أخذٍ ورد لم يستمعوا إليه حتى عندما وصل الأمر إلى ساتيا نادالا (المدير التنفيذي لمايكروسوفت)، وقد هدده مُدراء قسمه في حال حاول عرقلة هذه الصفقات أو الحديث عنها، وعندما لم  يستمع الموظف، قامت الشركة بتسريحه بعد 20 سنة من الخدمة في 2018م. وفي 2020م، راسله أحد موظفي مايكروسوفت في السعودية ليخبره عن المزيد من قضايا الفساد والرشاوي هذه وأرسل له العشرات من التفاصيل والوثائق لصفقات مختلفة.

عملية الرشوة تكون كالتالي: يراسل المسؤول الحكومي الفاسد شركة مايكروسوفت لطلب الحصول على تخفيض مقابل استخدام منتجات الشركة في ذاك البلد، وهو الطلب الذي تقبله مايكروسوفت رسميًا، إلا أن الحكومة في ذاك البلد ستدفع المبلغ كاملًا، بينما يأخذ المسؤول الحكومي فرق التخفيض لجيبه ثم يتاقسمه مع الموظفين الرُشاة في مايكروسوفت بالإضافة للطرف الوسيط.

من هذه العمليات مثلًا عملية واحدة كان المفترض أن تحصل وزارة الداخلية السعودية على تخفيض قيمته 13.6 مليون دولار، إلا أنه لم يحصل وقد دفعت الوزارة المبلغ كاملًا. وعملية أخرى لشراء برمجيات مايكروسوفت في الكويت والسعودية كان المفترض أن تحصلا على 20 مليون دولار كتخفيضٍ فيها، إلا أنه لم يحصل، وهذا فقط في عمليتين اثنتين من بين مئات عمليات البيع على مدار أكثر من عقدين من الزمن. وفي صفقة أخرى متعلقة بشراء رُخص استخدام برنامج سكايب لوزارة الصحة السعودية، عندما اكتشفت الوزارة أنها دفعت 1.5 مليون دولار لقاء هذه التراخيص رغم أنها لم تُسلّم أبدًا لها وطالبت مايكروسوفت بتسليم 10 آلاف رخصة استخدام خلال 72 ساعة وإلا ستلغي الصفقة، قامت الشركة بالانصياع فورًا دون أي أسئلة أو تحقيق.

وقد اكتُشف أيضًا أن قطر تدفع 9.5 مليون دولار سنويًا في عقدٍ مدته 7 سنوات مقابل تراخيص ويندوز ومايكروسوفت أوفيس، رغم أنها لا تستعملها أصلًا ولا تمتلك أجهزة كافية لتستعمل عليها هذه التراخيص.

صفقة أخرى في جنوب إفريقيا حصل الوسيط فيها على مبلغ 8.6 مليون دولار، والسبب على ما يبدو أن هذا الوسيط نجح في إقناع الحكومة بدفع 50 مليون دولار لشراء تراخيص ليست بحاجة لها أصلًا، وقد حقق هذا الوسيط صافي ربح أكثر من مايكروسوفت نفسها من الصفقة.

التقرير طويل جدًا وبه الكثير من الوثائق والتفاصيل والأرقام، لكن الخلاصة التي يقولها هذا الموظف هو أنه يقدّر حجم هذه الصفقات في الشرق الأوسط وإفريقيا فقط بـ200 مليون دولار سنويًا، وأن 60% إلى 70% من موظفي مايكروسوفت بقسم المبيعات مشاركون في هذه الرشاوي ويقبضون منها أرباحًا.

والمضحك المبكي أكثر هو أنه على ما يبدو قد وصلت الرشاوي لقسم التحقيق الفيدرالي الأمريكي نفسه؛ فقد قام الموظف بالحديث لهذه الجهات القضائية وطلب فتح تحقيق في الموضوع، إلا أن رد الجهات المختصة كان دومًا أن أزمة كورونا تمنعهم من جمع البيانات والأدلة عن هذا الموضوع ولهذا يرفضون الطلب رغم أنه كرره عليهم 3 مرات.

تعقيباتنا على هذا الموضوع كالتالي:

  • الحكومات تصرف المليارات على البرمجيات الاحتكارية دون سببٍ وجيه، ولو استثمرت هذه المبالغ في تطوير بنيتها التحتية التقنية واستخدام البرمجيات مفتوحة المصدر لما احتاجت إلى ذلك.
  • البرمجيات الاحتكارية مشهورة ومُستخدمة في كل مكان ليس لأنها الأفضل، بل بسبب الصفقات والرشاوي كهذه. إذا كانت مايكروسوفت وحدها تقوم بكل هذا فما بالك بالبقية؟ هذا الموضوع قديم على فكرة وليس جديدًا وأي متابع تقني سيعرفه، وليس محصورًا في بلدان إفريقيا والشرق الأوسط، بل حتى رومانيا - كمجرد مثال - اكتشفت عمليات شبيهة وحاكمت أعضاءً من حكومتها وسجنتهم بسبب صفقات مايكروسوفت ورشاويها.
  • عندما ترى أحدهم يدافع بحماسة عن منتجات مايكروسوفت وتقنياتها ويزهد بالبرمجيات مفتوحة المصدر ونظام لينكس، فحينها اسأل نفسك مباشرةً: ما دافعه لذلك؟ هل هو موظف مسؤول يقبض عيشه من صفقات كهذه؟ أم هل "خبير مختص بأنظمة مايكروسوفت" ومعه شهادات كثيرة بها وبالتالي هو يدافع عن مصدر ارتزاقه؟ رأينا مسؤولين عرب يدافعون باستماتة عنها فقط لنكتشف بعد أسبوع أنهم ذاهبون بـ"ورشة تدريبية" إلى فندق 5 نجوم بباريس لتعلّم تقنيات مايكروسوفت.
  • مئات الملايين من الدولارات تصرفها هذه الحكومات عبثًا بسبب الفساد بدلًا من صرفها على مواطينها، وهذا فقط في قطاع البرمجيات فتخيّل يا ترى ما يحصل في قطاعات أخرى. هذا يعني أن فكرة تراخيص البرمجيات والتقنية عمومًا لها تأثير مباشر على جميع المواطنين في أي دولة، وليست قضية تافهة هامشية.

شاركونا آراءكم عن هذا الموضوع على وسم #نقاشات_نشرة_حوسبة على تويتر، وسنستعرض مجموعةً من التغريدات بالإضافة لتعقيباتٍ عليها في العدد المقبل من النشرة بإذن الله.

تعقيبات على نقاش العدد السابق

تحدثنا في العدد السابق عن "المشاريع بين الويب العربي والأجنبي"، وكيف أن عامل الاستمرارية ضعيف في المشاريع العربية ومثير للقلق عند رؤية مشروع عربي تقني جديد.

شاركنا مجموعة من الإخوة على تويتر أراءهم وكانت بالشكل التالي:

شاركت بموقع أبجد.. وكان سبب الرئيسي دعم المشروع العربي.. وكنت حتى أضيف الكتب التي لا توجد في الموقع.. وفجأة أفاجأ بحذف كل الكتب التي أضفتها من الموقع (ومن رفّي تباعًا) ولم أعد أتذكر كثيرا منها.. لذلك تركت الموقع وانتقلت إلى Goodreads..

واثق الشويطر @watheq_show

كان أبجد موقعًا عربيًا بديلًا لمنصة GoodReads في بداياته، ويقدم مراجعات الكتب. فجأة تحول الموقع إلى منصة بيع للكتب وأخفى كامل أرشيفه السابق وبالتالي جميع المراجعات السابقة أيضًا؛ ستظهر هذه المراجعات فقط في حال إضافة هذه الكتب إلى المنصة من طرف أبجد، وإلا فكل الأرشيف السابق لن يظهر.

الشركة ردت قائلةً أنها راسلت المستخدمين للاعتذار وقتها لكن يا ترى هل كان هذا كافيًا؟ ربما، وربما لا.

سبب آخر لإغلاق المشاريع العربية هو الاستحواذ الأجنبي مثل ما حدث مع شركة Yahoo عند استحواذها على مكتوب ومن ثم إغلاق المواقع التابعة له. كانت ضربة قوية للمحتوى العربي الذي شارك في بنائه ١٦ مليون مستخدم!

@9J_0C

يتحدث الأخ هنا عن صفقة استحواذ ياهو على منصة مكتوب، التي كانت تضم مجموعة كبيرة من المنتديات العربية بالإضافة إلى خدمة بريد إلكتروني عربية (هي الأولى في الإنترنت) منذ 1998م إلى 2008م، وبها 16 مليون مستخدم وقتها، وقد كانت قيمة الصفقة - وفق مصادرنا الخاصة لأن الرقم المعلن أقل من الحقيقي - هو نحو 108 مليون دولار سنة 2009م.

استحوذت ياهو على المنصة ولم تنجح في الربح منها، فأغلقتها بالكامل وجميع المنتديات والخدمات سنة 2013م، وضاعت بيانات ومشاركات 16 مليون مستخدم أدراج الرياح.

ربما من الصعب في هذه الحالة الوصول إلى حكم نهائي، إذا عرض أحدهم عليك 100 مليون دولار مقابل مجموعة المنتديات والخدمات التي أسستها فقليلٌ جدًا من الناس سيرفضون العرض.

مقالات جديدة من حوسبة

1. عن أهمية النشرات البريدية ولماذا تعود بقوّة

ناقشنا في هذا المقال فكرة النشرات البريدية، وكيف أنها في تصاعد وازدياد وأن الكثير من الناس صاروا يدخلون المجال، سواءٌ كمتابعين أو منتجين.

تحدثنا أيضًا عن نشرة حوسبة ولماذا قررنا البدء بها.

أخبار

هنا ينتهي هذا العدد من نشرة حوسبة، ونلقاكم في العدد المقبل بإذن الله. لا تنسوا مشاركة النشرة مع معارفكم وأصدقائكم ليطّلعوا على المحتوى الرائع الذي نعدّه كل أسبوع ❤️

تصدر نشرة حوسبة في عيد كل مسلمٍ يوم الجمعة من كل أسبوع. وأقسام النشرة البريدية تختلف من عددٍ لآخر، على حسب المتاح.

مشاركة
نشرة حوسبة

نشرة حوسبة

تضم النشرة البريدية من حوسبة أهم النقاشات والأحداث المتعلقة بعلوم الحاسوب قبل إرسالها، وهي لا تضم المقالات من موقع حوسبة فقط، بل روابط ومقالات وتعقيبات على مختلف مواضيع علوم الحاسوب من كافّة الشبكة.

التعليقات

جارٍ جلب التعليقات ...

المزيد من نشرة حوسبة