نشرة حوسبة #11: الشركات التقنية ومواقفها من الحرب

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،

حياكم الله جميعًا مشتركي نشرة علوم الحاسوب من حوسبة. نأمل أن تجدوا في هذه النشرة سلوةً لما تفتقدونه من نقاشاتٍ متعلقة بمواضيع علوم الحاسوب وكافّة تخصصاتها في الويب العربي

إليكم محتوى هذا العدد.

نقاشات

1. الشركات التقنية والحيادية في الحرب

بالتأكيد سمعت عن الكثير من الشركات التقنية الغربية التي انسحبت من السوق الروسي بسبب الحرب الروسية الأوكرانية. الحكومة الأوكرانية وراء الأمر بالطبع فهي تراسل وتضغط إعلاميًا على جميع الشركات التقنية الكبرى للانسحاب من روسيا.

ليس الأمر حكرًا على الشركات التقنية "التقليدية"، بل حتى الشركات المتعلقة بالخدمات مفتوحة المصدر مثل شركة ريدهات وسوزا قد انسحبتا من السوق الروسي.

يبدو أن السبب الأكبر أيضًا وراء هذه الانسحابات هو أنه هناك الكثير من الموظفين الأوكرانيين في هذه الشركات، فكما ذكرنا في العدد السابق والذي قبله فإن أوكرانيا من أكثر البلدان احتواءً للمهندسين التقنيين والمختصين بعلوم الحاسوب عمومًا، ولهذا تجد الأوكرانيين موجودين بكثافة في مختلف الشركات التقنية حول العالم.

فيسبوك أيضًا أعلن أنه لن يقف على الحياد، وأنه سيسمح مؤقتًا بالتحريض على العنف واستهداف الجنود الروس ولن يمسح أي فيديو أو منشور يتعلق بهذا.

لم تقف الأمور هنا، بل حتى محرك البحث المتخصص بالخصوصية DuckDuckGo أعلن أنه سيقلل وصول المواقع الروسية "التي تنشر المعلومات الخاطئة" في نتائج البحث، وهو ما حرّك سيلًا من الانتقادات عليه لأنه لا يوجد خطّ فاصل لما يعتقده البعض "معلومات كاذبة" وبين الحقيقة، واليوم تبدأ باحتلال روسيا وغدًا تنتقل لتقليل الوصول إلى مواضيع أخرى وهو ما لا يريده المستخدمون.

تداعيات هذه الحرب الروسية الأوكرانية كبيرة جدًا على التقنية، بل لعلها تكون أكبر من الحرب نفسها، لأن هذا سيحرّك أطرافًا كثيرة ومتعددة إلى توطين التقنية وجعلها لا مركزية أكثر، بالإضافة إلى دعم المصدر المفتوح لأنه لا يمكن لأحد منعه أو احتكاره مهما كان السبب.

أخبار

• أعلنت شركة إنتل أنها ستستثمر 80 مليار يورو في بناء مصانع تصنيع المعالجات والرقاقات الإلكترونية في أوروبا، وهو على ما يبدو جزء من خطة كبيرة للتخلص من سيطرة تايوان على المجال (والتي تصنّع لوحدها نحو 70% من الرقاقات في العالم). تقول أوروبا أنها تهدف إلى تصنيع 20% من الرقاقات في العالم في أوروبا بحلول 2030م، وهو رقمٌ ضئيل نسبيًا.
• اشترت شركة DigitalOcean موقع CSS-Tricks.com بمبلغٍ غير معلن، من المرجح أنه بضع ملايين من الدولارات. وهذا الأخير هو موقع متخصص بتعلم تطوير CSS لمطوري الويب، وهو من أشهر المواقع في هذا المجال على الشبكة، وموجود منذ أكثر من عقدٍ من الزمن.
• صدور الإصدار السادس من برنامج Zotero، وهو من أشهر وأفضل البرمجيات مفتوحة المصدر المتخصصة في خدمة الباحثين في المجال العلمي، حيث يسمح لك بالبحث عن الأوراق العلمية على الشبكة وحفظها ومراجعتها ومشاركتها والتعليق عليها، بالإضافة إلى الكثير من المميزات الأخرى. يستخدمه معظم الباحثين في درجات الماجستير والدكتوراة.

ما الذي يمكنك فعله إزاء كل هذا؟

في نشرة حوسبة نحن لا نغطي هذه الأخبار والنقاشات لمجرد المتعة أو المرح، بل لأنها مهمة ويمكن للإنسان أن يتخذ إجراءً حقيقيًا إزاءها. إننا نغطيها لأنها تلهم أفعالنا اليوم وستغيّر عالمنا في الغد، ولعلنا نحن الوحيدون في الويب العربي الذين يغطون هذه الأخبار بينما تنشغل مواقع التقنية العربية بأخبار الشركات والهواتف الجديدة.

عندما نخبرك على مدار عدة أعداد أن الدول تسير نحو توطين التقنية والبرمجيات مفتوحة المصدر، فعليك اتخاذ عدة إجراءات حتى لو كنت مجرد مستخدم:

• البحث عن ماهية البرمجيات مفتوحة المصدر، وأنواعها.
• الانتقال إلى نظام لينكس، أو على الأقل البحث عنه وماهيته؟ لأنه سيصبح منتشرًا كثيرًا في المستقبل.
• فهم كيف يعمل القطاع الحكومي على توطين التقنية للاستفادة من ذلك في الحصول على وظيفة مستقبلية خاصّة بك، سواءٌ كمستقل أو كمستشار أو كشخص يعمل في التقنية بشكل عام.
• فهم كيف سيتغير المجال التقني مستقبلًا ويصبح معتمدًا على عدة مهارات بشكل أكبر من السابق، فلا يكفي أن تتخرج كمهندس حاسوب لتكون قادرًا على الحصول على وظيفة! مثل هؤلاء الناس سينقرضون بالمستقبل ويعانون كثيرًا إن ظلّوا بهذه العقلية، فالمستقبل بحاجة لأشخاص لديهم عدة مهارات في أكثر من مجال (Interdisciplinary) وليس مجال واحد فقط. فكرة أن تتخرج وتحصل على وظيفة حكومية... هذه فكرة انساها.

هذا كمستخدم، أما إن كنت صاحب شركة أو رائد أعمال أو صاحب موقع محتوى فهذه الأخبار كلها هي منجم ذهب بالنسبة لك:

• انتقال أوروبا ودول مختلفة من العالم إلى توطين التقنية والبرمجيات مفتوحة المصدر يعني أنه هناك فرصة كبيرة لتبرز شركات بديلة على الساحة. مثلًا بما أن Google Analytics يكاد يصبح محظورًا في أوروبا فحينها ستبحث جميع الشركات الأوروبية عن بديل، ويمكنك استغلال هذا الأمر لصالحك بعدة طرق، إما بتطوير منتج بديل وتعرضه على الشركات الأوروبية لتخليصهم من هذه الورطة، أو بكتابة المقالات لاستهداف الباحثين عن هذه البدائل (SEO)، أو ببساطة عبر أي مشروع أو نشاط يتعلق بهذا النشاط الكبير الذي يوشك أن يحصل. قس ذلك على جميع خدمات الشركات التقنية الأمريكية الكبرى، وكيف أن الناس سيحتاجون إلى بدائل محلية بسرعة في المستقبل.
• بما أن العالم كله يغلي في المجال التقني فهذه فرصة لاستكشاف السوق العربي وتحريكه، هل نحن العرب مستعدون لمثل هذه التغييرات؟ هل نقوم بشيءٍ من طرفنا؟ هل لدينا فئة واعية تقنيًا كافية لإجراء أي تغيير أم نحن مجرد متفرجين؟ اجمعها واطرحها في ذهنك وستكتشف أنه يمكنك كتابة عشرات المقالات عن هذا الموضوع كصاحب محتوى.
• علوم الحاسوب تصبح أكثر أهمية من السابق، الناس بدأت تفهم أن التقنية هي أكل عيشها وحياتها ورفاها واستقلالها في المستقبل، وهو ما يعني أن كل من يعمل على هذا المجال، من منتجي دورات أو أصحاب مواقع أو مختصين أو مهندسين أو صناع محتوى... كل هؤلاء ستصبح قيمتهم أكثر في المستقبل، وبالتالي أي استثمار في هذا المجال من أي ناحية سيكون مجديًا جدًا.
• للمستثمرين في الأسهم... أخبار استثمارات الشركات الأجنبية، واحتمالية غزو تايوان، وتوطين التقنية في أوروبا، واحتمال خسارة الشركات الأمريكية لأرباحها... كل هذه عوامل قيّمة جدًا لاتخاذ أي قرار استثمار.

لهذا نستغرب انعدام الاهتمام تقريبًا بالنشرة، وأنه لا يكاد أحدٌ يشاركها على مواقع التواصل، فلو كانت هذه نشرة بريدية أجنبية لما كنا قبلنا بأقل من 20$ بالشهر كسعر اشتراك للمشترك الواحد، لكننا ندرك أن السوق العربي بحاجة كبيرة إلى هذا المحتوى لينمو، وخصوصًا حيث يعاني العالم العربي من مشاكل كبيرة ولا إمكانية للكثير من الناس ليدفعوا مقابل الاشتراك، وأن من بلغ علمه النصاب وجبت عليه الزكاة.

في المقابل، لا نطلب سوى مشاركة النشرة مع معارفك وأصدقائك، وللأسف القليل جدًا من يستجيب، لدرجة أننا نفكر في إيقاف النشرة.

تصدر نشرة حوسبة في عيد كل مسلمٍ يوم الجمعة كل أسبوع. وأقسام النشرة البريدية تختلف من عددٍ لآخر، على حسب المتاح.